بغداد: نهاية مبكرة لمظاهرتي الجمعة بعد إلقاء المالكي كرة ترشيق الحكومة في ملعب شركائه

قيادي في تنظيم الحكيم لـ«الشرق الأوسط» : ليحذ من يريد الترشيق حذو عبد المهدي

عراقي يحتج ضد القمع الحكومي خلال مظاهرة في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ب)
TT

بعد يوم واحد من إعلان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عزمه ترشيق الحكومة واعترافه بوجود عدد كبير من الوزارات الفائضة تجددت في ساحة التحرير وسط بغداد أمس المظاهرات التي دأبت على تنظيمها عدد من منظمات المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق الإنسان منذ الخامس والعشرين من شهر فبراير (شباط) الماضي. وفي الوقت الذي كان قد حدد المالكي مهلة لتحسين أداء حكومته أمدها مائة يوم فإن هذه المهلة كانت قد انتهت قبل نحو أسبوعين، وفيما لم تنته المظاهرات المناوئة حتى بعد أن أعطى المالكي أول من أمس تقييمه لخطة المائة يوم معترفا بوجود ترهل حكومي داعيا الشركاء السياسيين إلى دعم خطة تهدف إلى ترشيق الحكومة فإن هذه الخطة حظيت بدعم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي طالب بأن تمتد خطة الترشيق إلى كل المؤسسات والمناصب الزائدة مما قد يجدد الجدل بشأن المواقع السيادية ومنها منصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء.

إلى ذلك، أعلنت القائمة العراقية على لسان القيادي فيها ظافر العاني أنها ستتعامل بإيجابية مع عملية الترشيق شريطة أن تكون خالية مما سماه في تصريحات أمس «من الغرض السياسي» فإن المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم اعتبر دعوة المالكي «خطوة بالاتجاه الصحيح». وقال النائب في البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى جمعة العطواني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلس الأعلى الإسلامي كان ليس السباق فقط في ترشيق الحكومة وعموم مؤسسات الدولة بل كان المبادر إلى ذلك من خلال التنازل عن منصب نائب رئيس الجمهورية حين قدم الدكتور عادل عبد المهدي استقالته من هذا المنصب». ودعا العطواني «جميع الكتل السياسية إلى أن تحذو حذو المجلس الأعلى والدكتور عبد المهدي في هذا المجال وأن لا تكون العملية مجرد أمنيات أو وعود وإنما عمل حقيقي ومتماش مع تطلعات الجماهير العراقية التي لا تزال مطالبها الرئيسية من خلال المظاهرات هي محاربة الفساد وتحسين الخدمات وترشيق الحكومة ومؤسسات الدولة». وأوضح العطواني أن «الترشيق حتى يكون ناجحا وعمليا لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار التوازنات البرلمانية بمعنى أن الكتلة العراقية التي تملك 91 نائبا ودولة القانون 89 نائبا لا يمكن أن تتساوى مع كتل أخرى أقل منها وهكذا». بدوره، أعرب المتحدث الرسمي باسم كتلة الائتلاف الكردستاني بالبرلمان العراقي، عن مخاوفه من أن تؤدي جهود المالكي لترشيق الحكومة إلى أزمة أخطر وأكبر من الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق حاليا. وقال مؤيد طيب لـ«الشرق الأوسط»: «إن الكتل السياسية حصلت على حصصها من الحقائب الوزارية بناء على توافقات سياسية، ولإرضاء جميع الكتل تم تشكيل الحكومة الحالية، برئاسة نوري المالكي، من 46 وزارة، وهذا عدد كبير جدا يثقل ميزانية الدولة بمصاريف لا ضرورة لها، خصوصا أن هناك وزارات كثيرة تتداخل وتتشابه مهامها، وكان من الممكن أن تدمج بوزارة واحدة، ولكن لإرضاء الكتل السياسية حدث هذا التضخم غير المبرر، وبالفعل هناك حاجة لترشيق الحكومة وإلغاء أو دمج بعض الوزارات، ولكن يجب أن لا يؤدي أي تعديل أو تقليص في عدد الوزارات إلى المس بالتوافقات السياسية؛ حيث بنيت الحكومة الحالية أساسا على تلك التوافقات».

من جهتها اعتبرت «حركة جياع» وهي إحدى الحركات المنظمة للمظاهرات الجماهيرية في العراق في بيان لها نشرته عدة مواقع إلكترونية أن حكومة المالكي ما زالت «تتمادى في تجاهل الغضب الشعبي، وغليان الشارع العراقي ضد الانحراف السياسي والفساد بكل أنواعه وتردي الخدمات، والذي يتمظهر في الحركة الاحتجاجية التي انطلقت مطلع فبراير الماضي». وأوضحت أن «الحكومة وأجهزتها تعاملت بكل أشكال القسوة والعنف مع المتظاهرين، مستخدمة التهديد مرة أو الاعتقال والتعذيب للمعتقلين من ناشطي الحركة الاحتجاجية». وبشأن المظاهرات التي دأبت الحكومة على تنظيمها منذ نحو أسبوعين بشأن ضرورة تنفيذ أحكام الإعدام بحق منفذي مجزرة «عرس الدجيل» قالت الحركة إن «الحكومة وفي مسعى للتغطية على فشلها في تكليف بعض التجار في هذا المجال ممن يعيشون على السحت الحرام وفتات اللصوص والفاسدين للقيام بمظاهرة للمطالبة بإعدام الإرهابيين وكأن هؤلاء لا يعلمون أن الحكومة هي من ترعى الإرهاب وتقوم بتهريب الإرهابيين من سجونها». وكان متظاهرو ساحة التحرير الذين انقسموا بين معارض لإجراءات الحكومة بعد نهاية مهلة المائة يوم ومؤيد لها بـ«الباطن» من خلال دعم قرار المحكمة بإعدام المحكومين بقضية عرس الدجيل قد أنهوا مظاهرتهم في وقت مبكر أمس دون حوادث تذكر بعد أن تمكنت السلطات من شق صفوف المتظاهرين على أثر تشكيل لجنة بين ممثلين عن المتظاهرين وممثلي الحكومة. وأبرز ما طالب به المتظاهرون هو تنحية المسؤولين غير المؤهلين عن مواقعهم القيادية وفسح المجال أمام الكفاءات العلمية لتأخذ دورها في بناء البلد وإعادة إعماره من جديد. ورفع المتظاهرون هتافات وشعارات اعتبروا فيها أن بناء البلد لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود عقول نيرة وكفاءات وطنية قادرة على إدارة دفة البلد وإعماره أما تسمية عناصر غير كفؤة ووضعها في المواقع القيادية فلن يجني الشعب العراقي من ذلك إلا مزيدا من التدهور وضياع فرص البناء وهدر المال العام. كما طالبوا بإجراء إصلاحات سياسية شاملة بعيدا عن التحزب والطائفية المقيتة وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية لإشراك جميع الطاقات في بناء البلد وعدم استثناء أي جهة وأن يأخذ القانون مجراه في معاقبة من أساء بحق العراق وشعبه بعيدا عن تسييس هذا الموضوع. أما المظاهرة الداعية لتنفيذ أحكام الإعدام في قضية الدجيل فقد دعت إلى سرعة تنفيذ أحكام الإعدام وهو أمر لم يعد له أي مبرر لا سيما بعد صدور أحكام الإعدام بالفعل وإعلان وزير العدل العراقي حسن الشمري الأسبوع الماضي أن هذه الأحكام سوف تنفذ بمجرد اكتسابها الدرجة القطعية وهي مجموعة من الإجراءات القانونية ذات الطابع الإجرائي البحت. كما أن عقدة أحكام الإعدام في العراق قد حلت بعد أن خول رئيس الجمهورية جلال طالباني نائبه خضير الخزاعي صلاحية المصادقة على أحكام الإعدام.