رئيس البرلمان العراقي: الشراكة الوطنية غائبة.. وعلى أميركا الوقوف على مسافة واحدة من الجميع

النجيفي في حديث لـ «الشرق الأوسط»: هناك أموال سرقت من العراق يجب أن تعود إليه

TT

يقوم رئيس مجلس النواب العراقي، أسامة النجيفي، بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة في وقت تبقى فيه ملفات سياسية وأمنية واقتصادية كثيرة عالقة بين البلدين. وحمل النجيفي رسائل عدة إلى المسؤولين الأميركيين، على رأسها ضرورة العمل على استرجاع الأموال العراقية المسروقة التي تقدر بـ17 مليار دولار، بالإضافة إلى خطورة الوضع السياسي في العراق حاليا. وشرح النجيفي في حوار خاص ومطول مع «الشرق الأوسط» التطورات السياسية في البلاد، موضحا أن المشكلة الأساسية هي «غياب الشراكة الوطنية»، موضحا أن «المشاركة» لا تعني «الشراكة». وهذه مسألة شرحها النجيفي في لقاءاته مع كل من نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ورئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر وعدد من كبار المسؤولين الآخرين الأميركيين. وشدد النجيفي، خلال لقاءاته، على أهمية المشاركة ومنع تهميش مجموعة من المواطنين العراقيين أو السماح بسيطرة كتلة حزبية معينة على البلاد.. وفيما يلي نص الحوار..

* هناك تساؤلات كثيرة عن الأموال العراقية المفقودة من صندوق تنمية العراق، ما تفاصيل هذه القضية؟ وما الجهود التي تبذلونها لاسترداد تلك الأموال؟

- قبل شهرين زارني المفتش العام الأميركي لإعمار العراق في بغداد، وذكر أن هناك أموالا عراقية تم التصرف بها من جهات أميركية ولا يوجد سند أو وثائق تؤكد عمليات الصرف أو أين ذهبت الأموال أو قانونية المصاريف، وذكر أن المبلغ يبلغ نحو 6.6 مليار دولار، وذكر أنه يسعى مع الحكومة الأميركية للكشف عن الأطراف المتورطة، ويطلب مساعدة العراقيين في بعض التفاصيل. وجاءني تقرير يوم 12 يونيو (حزيران) من رئيس الرقابة المالية، بناء على مطالبة هاتفية طلبت منه ذلك بعد أن سمعت تقرير المفتش العام الأميركي. وأتاني تقرير يشير إلى أنه تم سحب 20 مليارا و100 مليون دولار من صندوق تنمية العراق، وتم نقله بطائرات من نيويورك إلى العراق نقدا، على أساس إدامة أعمال الحكومة العراقية.

* وفي أي مرحلة زمنية كان ذلك؟ هل كان قبل يونيو 2004 عندما تسلمت الحكومة العراقية مسؤولية الصندوق؟

- ذلك كان في زمن (الحاكم المدني الأميركي للعراق بول) بريمر، نعم قبل 2004. وتم التصرف بالأموال لتسيير أمور الحكومة والناس وأمور الدولة بصورة عامة. طبعا وردت شكاوى كثيرة وبدأ العمل في التحقيق منذ عام 2007 في هذه القضية، والنتيجة التي توصل إليها ديوان الرقابة المالية أنه تمت مراجعة كل شيء وثبت لديها حتى الآن أنه لا يوجد ما يشير إلى قانونية التصرف بـ17.5 مليار دولار من مجموع 20.1 مليار دولار. وهذا المبلغ غائب، لا توجد معلومات أين صرفت الأموال ولمن سلمت ولا توجد وثائق أو مستندات، المبلغ ضائع كليا. لقد طلبوا من الجهات الأميركية أن تحضر لتقديم معلومات، طبعا عدة لقاءات تم تأجيلها بسبب امتناع الجهات الأميركية عن الحضور وآخر اجتماع كان في أبريل (نيسان) 2011، طلبوا منهم الحضور ولم يحضروا. فهم أرسلوا لنا رسالة بهذا الموضوع وطلبوا تدخلنا الشخصي مع الحكومة الأميركية والكونغرس في سبيل أن يتم الكشف عن ملابسات هذا الأمر؛ لأن هذه أكبر سرقة في التاريخ حقيقة. فيما يتعلق بوزارة الدفاع الأميركية، سحبت 9.1 مليار دولار ولا يوجد ما يشير إلى صحة صرف 8.7 مليار دولار وهذا من ضمن المبلغ 20.1 مليار دولار. وقد تكلمت مع نائب الرئيس الأميركي (جو بايدن) وطلبت منه التعاون لكشف المتورطين ومعرفة أين ذهبت الأموال، هذه أموال عراقية، وليست أميركية، من صندوق تنمية العراق، ويجب أن تعود إلى العراق ويجب أن يُكشف المتورطون ونطلب مساعدة الحكومة الأميركية في هذا المجال.

* ماذا كان رد فعل بايدن؟

- الرجل قال إنني سمعت (بهذه التفاصيل) صباح يوم لقائنا، وقال إنه سمع من مستشاريه الذين قدموا له شرحا وكان مستاء جدا، وقال هذا يشير إلى وجود فساد ويجب أن نتعاون لكشف هذا الموضوع وأنا سأخبر الرئيس الأميركي بذلك، وسأقدم كل ما يلزم من المساعدة للتعاون معكم لكشف ملابسات هذه القضية. فهذا هو موضوع الأموال وبرأيي كان هناك رد فعل إيجابي أيضا من البيت الأبيض. وسأتكلم مع رئيس مجلس النواب الأميركي أيضا حول الموضوع نفسه، وتجب متابعة الموضوع بقوة من قبل البرلمان العراقي والحكومة العراقية وديوان الرقابة المالية، الهيئة المستقلة، لاستحصال هذه الأموال، وهي أموال كبيرة ومن حق العراق.

* ما الخطوات المقبلة لاستحصال هذه الأموال؟ وما المطلوب من الأميركيين؟

- هم يعملون على القضية منذ سنوات، المفتش العام الأميركي يقول: اكتشفنا شيئا من هذا وبدأنا بالتحقيق ووصلنا إلى حد 6.6 مليار دولار، فهم يعملون على الكشف والإحالة إلى القضاء واسترداد الأموال. هذا الأمر جارٍ، لكن على الحكومة العراقية أن تتعاون مع الجهات الأميركية الرسمية لتسليط الضوء وكشف كل شيء حول هذا الأمر واسترداد الأموال، هو أمر قانوني مالي فيه اهتمام من البرلمان والحكومة العراقية والقضاء العراقي، ولا بد أن تقام قضايا في الولايات المتحدة حول هذا الموضوع.

* لننتقل إلى موضوع انتهاء صلاحية صندوق تنمية العراق ودخول مرحلة جديدة متعلقة بالأموال العراقية, هل توصل العراق إلى آلية جديدة لحماية الأموال العراقية وإيرادات النفط العراقي؟

- ما زال العراق تحت الوصاية المالية، وما زالت أموال النفط تودع في صندوق تنمية العراق وتتم مراقبة صرف هذه الأموال. في نهاية هذا الشهر ستتم مراجعة الموضوع في مجلس الأمن لرفع الوصاية المالية عن العراق وإخراج العراق من الفصل السابع (في مجلس الأمن). والعراق باقٍ في الفصل السابع فيما يتعلق بنقطة العلاقة مع الكويت ونقطة الوصاية المالية. الحكومة العراقية اتخذت مجموعة إجراءات لحماية الأموال بفتح بعض الحسابات في بعض الدول وبالتعاون مع البنك المركزي العراقي، وطبعا استحصلنا قرارا تنفيذيا من الرئيس الأميركي لحماية الأموال العراقية في الولايات المتحدة لمدة سنة أخرى، والإجراءات ما زالت في طور الإنجاز، وسنستضيف وزير المالية ومحافظ البنك المركزي في الفترة القريبة المقبلة لمعرفة كل التفاصيل، لكن الحكومة العراقية جادة في اتخاذ الإجراءات لحماية الأموال وعدم تعرضها للمصادرة أو الحجز بعد أن يخرج العراق من الوصاية المالية وصندوق التنمية.

* عودة إلى العلاقات مع الولايات المتحدة، هل تتوقعون إمكانية تمديد بقاء القوات الأميركية في العراق بعد نهاية صلاحية الاتفاقية الأمنية نهاية العام الحالي؟ وهل تتوقعون مصادقة البرلمان العراقي على بقاء عدد أقل من القوات الأميركية بعد نهاية 2011؟

- طبعا هذا الأمر يشغل بال السياسيين العراقيين ويشغل بال السياسيين الأميركيين؛ لأنه أمر غير واضح حتى الآن، غير واضح عراقيا بسبب الخلافات السياسية الموجودة وتعدد الرؤية تجاه هذا الموضوع؛ لأن العراقيين غير متفقين على منهج واحد للتعامل مع هذا الملف، وكل ينظر إلى هذا الملف من زاوية معينة. بالتأكيد المصالح الآن غير متفقة، والقرارات ستكون أيضا غير متفقة؛ لهذا فإن الموضوع لم يبحث حتى الآن في المحيط السياسي العراقي. الأصول الدستورية تقول إن الحكومة هي المسؤولة، ترى قابلية القوات العراقية وقدرة الجيش العراقي في الدفاع عن الحدود وحفظ الأمن الداخلي، وهل استكمل الجيش بناء قدراته في مختلف الصنوف من الطيران إلى المدفعية إلى الجهات الأخرى، وهل هو قادر فعلا في حال انسحاب الأميركيين بالكامل أن يغطي كل شيء ويحفظ أمن العراق.. هذا الأمر لم نعط رأيا فيه، والحكومة العراقية مترددة كثيرا في وضع هذا الرأي، وأعتقد أنه يتطلب حسم الأمر خلال الفترة المقبلة، في حال حسم الأمر قائد القوات المسلحة، وهو المعني الأول باعتبار أن القوى الأخرى غير مشاركة الآن في الملف الأمني، وكله محصور في يد رئيس الوزراء (نوري المالكي)، فهو المسؤول عن إعطاء هذا الرأي وبعدها يمكن أن ينتقل القرار إلى مجلس الوزراء، وفي حال وافق سينظر مجلس النواب في اتفاقية جديدة مع الولايات المتحدة. قبل بضعة أيام حصل اجتماع في منزل رئيس الجمهورية (العراقي جلال طالباني) وتم طرح هذا الموضوع ولم يتم التوصل إلى اتفاق، كل طرف أعطى وجهة نظره المختلفة، وفي الأسبوع المقبل سيكون هناك اجتماع جديد. لكني أؤكد المسار الطبيعي الدستوري، رئيس الوزراء ثم مجلس الوزراء ومجلس النواب، وآمل أن تلاحظ فيه المصلحة العراقية الجماعية وليست مصلحة الأحزاب أو المكونات أو المحافظات لأن هناك خلافات سياسية عميقة يمكن أن تعطي آراء مختلفة.

* ما المطالب من الولايات المتحدة، خاصة ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي؟ وماذا يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة إلى العراق اليوم؟

- العراق الآن في مرحلة عدم استقرار سياسي وأمني ووجود تدخلات خارجية في الشأن العراقي. الولايات المتحدة موجودة في المنطقة عموما، وهي طرف من أطراف الحراك السياسي والأمني والاستراتيجي في المنطقة، هناك من الواضح صراع بين قوى أساسية في المنطقة، القوى الإيرانية المتنامية التي تريد أن يكون لديها دور أساسي في المنطقة، والقوة التركية النامية التي لديها جانب اقتصادي بارز ودور سياسي واضح، والقوى العربية التي تمر بمرحلة التغيير الآن، مرحلة الثورات والانتفاضات والتوجه نحو الحرية والديمقراطية وتبديل أنظمة الحكم. والعراق انتقل من المرحلة الشمولية إلى مرحلة بداية التأسيس الديمقراطي، لكن هذه التجربة تمر بأمراض كثيرة، بمشاكل ومعوقات وهي مهددة بالتراجع. إنه نموذج قابل للنجاح، لكن فيه الكثير من الأمراض التي تعوق نجاح التجربة، فهناك الفساد الذي ينخر جسم الدولة العراقية، والمحاصصة المذهبية والطائفية، وحقوق الإنسان التي تنتهك بصورة كبيرة، وعسكرة المجتمع التي اتخذت طابع نمو الميليشيات، واستغلال القوات المسلحة من قبل قوات نافذة أيضا لأغراض حزبية وأغراض طائفية، فهي ميليشيات داخل القوات المسلحة وميليشيات خارجها. وهناك نزعة نحو الديكتاتورية بدأت تظهر لدى بعض القادة العراقيين وكأنهم في أول الطريق للهيمنة على الدولة. وهناك موضوع الشراكة الوطنية الغائبة، التي يشعر بها المواطن البسيط ويشعر بها السياسي الموجود في السلطة، لكنه غير قادر على اتخاذ قرارات وغير قادر على المشاركة في قرارات استراتيجية تتعلق بالأمن وحول الاقتصاد وحقوق الإنسان وحول العلاقة مع دول الجوار وحول شكل الدولة والدستور. هناك تناقض كبير في هذه التجربة، وأعتقد أن لدى الولايات المتحدة دورا منذ اليوم الأول، كانت هناك أخطاء أميركية كبيرة في أداء هذا الملف. الآن أيضا، ليس هناك وضوح أين تتجه الولايات المتحدة لكن من الواضح أنها تريد استمرار وجودها في المنطقة وفي جزء من العراق وتريد أيضا نموذجا عراقيا للديمقراطية تقول إنه قد نجح. يستطيع الأميركيون تقديم الكثير كي يكونوا على مسافة واحدة من جميع العراقيين ويتعاملوا معهم بتوازن وألا يميلوا مع جهة ضد جهة أخرى وألا تستغل الخلافات العراقية لمزيد من المحاولات لرسم صورة عراق المستقبل ونقيم ديمقراطية هي التي تحدد بعد ذلك كيف تبنى الدولة. وإذا نجحنا في تثبيت نموذج ديمقراطية حقيقي سننجح في أي شيء آخر.

* لكن من الصعب إنجاح النموذج الديمقراطي مع الخلافات العميقة بين الكتل السياسية، إلى أي درجة تعوق الخلافات بين كتلتي «العراقية» و«دولة القانون» عمل الحكومة العراقية والبرلمان العراقي؟

- من المهم جدا أن تكون القائمتان الكبيرتان، «العراقية» و«دولة القانون»، متفاهمتين ومتقاربتين حول هذه الملفات كلها، والخلاف موجود وأسبابه كثيرة. طبعا يستغل هذا الخلاف للمزيد من الضعف العراقي وتنفيذ بعض القضايا غير القانونية، لكني أعتقد أن هذا الموضوع يجب أن يعالج وإلا سيبقى العراق ضعيفا وخاضعا للتدخلات الخارجية. من الطبيعي أن تكون الأغلبية التي تمثلها «العراقية» و«دولة القانون» قادرة على تحديد المسارات والخروج من الأزمة.. هذا أمر أساسي.

* هل تعتقدون أن ذلك ممكن؟

- نعم، طبعا ممكن. المطلوب هو القبول بالآخر. لا نخفي أن الأمر بيد «دولة القانون» الآن، البلد الآن بيد «دولة القانون». «العراقية» موجودة في البرلمان والحكومة، لكن من دون تأثير حقيقي على مجمل الوضع. والخروج من الأزمة ممكن إذا اقتنعت قائمة «دولة القانون» أن يتشاركوا مع «العراقية» بشكل حقيقي ويوافقوا على أن تأخذ ما تستحق من دور بموجب ما لديها من تمثيل في المحافظات ولديها مقاعد برلمان وكفاءات. أعتقد ستبقى المشكلة قائمة؛ لأن «العراقية» لن تقبل بأن تبقى مهمشة وخارج السلطة الحقيقية. الفرق بين الشراكة والمشاركة أن المشاركة بأي شيء، لكن الشراكة تعني تقاسم السلطة والنفوذ والقرار. إذا تم هذا الأمر وكان هناك حسن نية في تطبيق هذا المفهوم، أعتقد أن الأمور كلها ستحل.

* لو لم يحدث ذلك، هل يمكن أن تكون هناك مطالبة بانتخابات مبكرة أو تغيير سياسي؟

- الأمر هذا غير صحي ولن يستمر طويلا، هناك مديات معقولة لإعادة الشراكة وحل مشاكل الناس وتقديم الخدمات، لكن إذا فشلت، هناك خيار الانتخابات المبكرة وهذا أمر قائم وممكن أن يغير المعادلة كي يعطي فرصة أو يغير التحالفات. الخيار الآخر الذي أعتقد أنه سيئ وممكن أن يكون خطيرا هو بدايات تصدع البلد بصورة عامة، وقد يؤدي إلى بداية مرحلة تقسيم العراق، وهذا أمر خطير جدا، إذا رأت بعض الأطراف أن الشراكة مستحيلة وأن الحقوق ضائعة وألا يعامل الناس كلهم على أنهم مواطنون من الدرجة نفسها. فلن تقبل الكثير من المحافظات والمناطق أن تبقى تابعة تدفع ضريبة الماضي وتعاقب عقابا جماعيا وتعامل من الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة وبإصرار مسبق وإرادة باستمرار هذه العقوبة الجماعية. من الطبيعي أن يبدأ الناس بالنظر في حل جذري لهذه المسألة وهذا من أخطر السيناريوهات للوضع العراقي.

* وهل تشيرون إلى المحافظات ذات الأغلبية السنية.. ففي السابق كانت الأكثر حرصا على إبقاء العراق موحدا؟

- ما زلنا نقول إن العراق واحد وتاريخيا واحد وإن شاء الله سيبقى كذلك، لكن الجمهور بدأ يفقد الثقة بهذا الطرح، فقياداته الحالية وعدته بنتائج وإنجازات وأموال وخدمات وحرية وكرامة. إذا لم تستطع أن تقدم شيئا وطالت المدة طبعا من الممكن أن يجدوا قيادات أخرى، ربما تكون متطرفة وتخرج عن إطار ما اتفقنا عليه ضمن النظام السياسي الجديد وتدعو إلى الأفكار الأخرى وتكون الأوضاع الشعبية مهيأة لهذه الفكرة وتصبح مطلبا شعبيا.

* متى من الممكن التفكير بانتخابات مبكرة فــــي حــــــال لم تتم تلك الشراكة؟

- الآن مضى أكثر من سنة على الانتخابات ولا يوجد وزراء أمنيون، دفاع وداخلية ومخابرات، كلها في يد شخص واحد. لدينا إحباط من أن الاعتقالات تزداد في العراق، هناك ما لا يقل عن 25 ألف معتقل في السجون العراقية. فمثلا في شهر مايو (أيار) الماضي، في بداية الشهر كان هناك 10 آلاف معتقل، خلال شهر تم اعتقال 15 ألف شخص، هناك الآن 25780 تقريبا من المعتقلين. وهذا رقم رسمي أتاني شخصيا كرئيس مجلس النواب من مجلس القضاء الأعلى. هناك قضية الأموال. بعض المحافظات تنظر وتقول أنا أمثل 5% من سكان العراق، المفروض أن أحصل على ما لا يقل من 5% من واردات البلاد، هذا ما ينص عليه الدستور ما عدا المصاريف السيادية مثل الدفاع والخارجية. لكن عندما نرى أن هذه المحافظة تأخذ ما لا يزيد على 10% من حقها، من الطبيعي أن تتساءل: أين أموالنا؟ وأين ذهبت؟ على سبيل المثال، أنا أعرف الأرقام تحديدا، فمحافظة نينوى، تشكل 11% من سكان العراق، تأخذ نحو 300 مليون دولار سنويا، بينما إقليم كردستان المجاور يأخذ 9 مليارات دولار في السنة، وبعض السنوات أكثر. ذلك يؤدي إلى إحباط، فالحقوق ضائعة وهناك اعتقالات واعتداء على كرامة الناس، وعدم الحصول على الوظائف مع معاناة التهميش والغبن. ذلك كله يفاقم المشاكل السياسية والأمنية والاجتماعية وإحباط الجمهور بأن الشراكة غير متحققة. وهذا أمر تجب معالجته.

* هل أنتم راضون عن أداء البرلمان العراقي؟

- نعم، البرلمان أصبح الآن سلطة مستقلة لها عنوان واضح ودور وواجبات محددة، ليس بالكمال، لكن هناك إنجازات مهمة. البرلمان يحاول إنجاز كل القوانين من الدورة السابقة وهي نحو 250 أو 260 قانونا تم التعاطي بنحو 80 قانونا بمراحل مختلفة من التشريع، وفي الوقت نفسه يحاول مراقبة الحكومة وأن يسأل الوزراء وأن يدقق في البرامج وأعمال الحكومة الحقيقية ويتصرف كسلطة عليا حقيقية في البلد، يريد أن يثبت المسارات وأن يتابع تنفيذ القوانين وقضايا حقوق الإنسان وصرف الأموال والعلاقات الخارجية. البرلمان في احتكاك مستمر مع السلطة التنفيذية، هناك صراع حول الصلاحيات وحدود المسؤوليات. وفي الدورة الماضية، كانت الحكومة مهيمنة بالكامل على البرلمان وتعتبره جزءا منها، وهذا أدى إلى ضياع الكثير من حقوق الناس وتدهور الوضع العام في البلد. الآن نحاول الفصل في السلطات التي أقرها الدستور ونتعاون مع السلطة التنفيذية بإيجابية، فلا نريد أن نعطل عمل الحكومة، لكن في الوقت نفسه نقوم بواجبنا الذي يزعج الحكومة في الكثير من الأوقات. التقاليد البرلمانية أخذت أيضا طابع الاستقرار، هناك نوع من الاحترام بين النواب والرئاسة في فرص الكلام وتوقيتات الكلام. ما زلنا في مرحلة التأسيس وهناك بعض المشاكل والصراعات، لكن أغلبية النواب يريدون تحسين الوضع وتغيير الوضع. هناك قلة يوالون الحكومة في الحق أو الباطل. الكل مشاركون في الحكومة، لكن المشاركة غير الشراكة. من غير المنطق أن يكون مجلس النواب مجاملا للحكومة.