قيادات عسكرية أميركية تبعد نفسها عن قرار أوباما للانسحاب من أفغانستان

بترايوس ومولين يؤكدان أنهما أرادا سحب أعداد أقل من الجنود خلال العام المقبل

جنود أفغان في إحدى نقاط التفتيش في مدينة لاشكار جاه الأفغانية أمس (إ.ب.أ)
TT

لم ينه خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما حول أفغانستان وقرار سحب 33 ألف جندي أميركي من أفغانستان بحلول صيف 2012 الجدل الدائر في واشنطن حول التواجد العسكري الأميركي في أفغانستان. وكان من اللافت أن عددا من القيادات العسكرية الأميركية حرصت على إظهار نفسها غير راضية عن خطط الانسحاب من أفغانستان، حيث كان الرأي العسكري أن يكون عدد القوات الأميركية المنسحبة أقل حجما من العدد الذي قرره أوباما.

وأكد قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ديفيد بترايوس ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مالون أن خطة أوباما لسحب 33 ألف جندي بحلول الصيف المقبل «أوسع» مما أوصيا به. وكان أوباما قد طلب من قادته العسكريين، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الأميركيين مثل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، تقييم الأوضاع في أفغانستان وإعطاء نصائحهم قبل التوصل إلى قراره سحب 10 آلاف جندي هذا العام و23 آخرين خلال المنتصف الأول من العام المقبل.

وردا على سؤال طرحه السيناتور كارل ليفين عما إذا كان مستعدا للاستقالة بسبب سياسة الحرب، قال بترايوس «لا أعتقد أنه مناسب لأي قائد التفكير بخطوة من هذا النوع ما لم يكن في وضع صعب جدا جدا». وكشف بترايوس خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي أنه تلقى عدة رسائل إلكترونية تفيد بأن عليه الاستقالة احتجاجا على ذلك. وأضاف «أنه قرار مهم ومعالجة أكثر جرأة مما يستطيع رئيس الأركان (مولن) و(قائد القيادة المركزية جيمس) ماتيس وأنا فعله بالتأكيد». ولكنه اعتبر «أنه ليس أمرا يدعو إلى التخلي عن العمل العسكري أو ما يشبه ذلك». ويذكر أن بترايوس سينهي مهامه في أفغانستان هذا الصيف ليعود ويصبح مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل.

وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إنه يؤيد خطة أوباما لكنه أكد أن تراجع الدعم السياسي لحملة مكافحة التمرد كان عاملا أساسيا في اتخاذ هذا القرار. وأضاف أن «فوائد وأضرار» سلسلة من الخيارات نوقشت في اجتماعات البيت الأبيض بما في ذلك «الوضع على الأرض في أفغانستان وكذلك الدعم السياسي هنا» داخل الولايات المتحدة. وأوضح أن بترايوس دعا إلى برنامج زمني أبطأ والإبقاء على مزيد من القوات في المكان في موسم القتال الصيف المقبل. وتابع غيتس أن بترايوس «فضل على ما يبدو خيارات تمنح وقتا أطول»، بينما ذكرت صحف أن وزير الدفاع تولى التفاوض بشأن التسوية حول خطة خفض القوات في أفغانستان.

ومن جهته، قال مولين وهو العسكري الأرفع في القوات الأميركية بأنه يؤيد قرار أوباما مبدئيا ولكنه أوصى بسحب حجم أصغر من القوات الأميركية. وصرح بأن «قرارات الرئيس أكثر جرأة وتنطوي على مخاطر أكبر مما كنت مستعدا لقبوله». وتابع: «دعوني أكون واضحا. ليس هناك أي قائد يريد التضحية بقوة القتال في وسط حرب (...) وليس هناك قرار لطلب هذه التضحية من دون مخاطر».

لكن بترايوس ومولن قالا إنه على أوباما أن يأخذ في الاعتبار نقاطا أخرى غير الظروف العسكرية، في إشارة إلى الضغوط السياسية والمالية. ويأتي ذلك في وقت تتراجع شعبية الحرب في الولايات المتحدة وخاصة بعد مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن الشهر الماضي. وأفاد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن 56% من الأميركيين - وهي النسبة الأعلى - يرون أن القوات الأميركية يجب أن تعود في أقرب وقت ممكن.

ورغم القلق من قرار سحب القوات الأميركية خلال الأشهر المقبلة، تؤكد القيادات العسكرية التزامها بتطبيق قرار الرئيس وهو قائد بترايوس وعد العسكريين بتطبيق خطة أوباما مؤكدا أن «مسؤولية العسكريين هي أن يرحبوا بالخطة ويفعلوا كل شيء لتنفيذها».

وأوضح مولين: «لقد أعطينا صوتا في هذه العملية وقدمنا آراءنا بحرية ومن دون تردد واستمعوا إليها.. التفكير لدى الجميع خلال هذه المناقشات الحفاظ على النجاح الذي حققه جنودنا ونظرائهم المدنيين حتى الآن». وأضاف: «سيمنح الجنرال بترايوس وخليفته المرونة داخل هذه الجداول الزمنية لتحديد وتيرة الانسحاب وإعادة ترتيب باقي القوات داخل البلاد»، مؤكدا أن ذلك لا يعتبر تخليا عن العملية العسكرية.

وفي النهاية، كانت رسالة مولين وبترايوس واضحة، وهي أن هذا القرار هو قرار أوباما نفسه. وحدد مولين ذلك بتصريحاته: «المزيد من القوة مع المزيد من الوقت لا يشكلان الطريق الأسلم، ولكن ذلك لا يجعله بالضرورة المسار الأفضل، فقط الرئيس يمكن أن يحدد المستوى المقبول من الخطورة التي يمكن أن نتحملها».