علاج شافيز في كوبا يثير جدلا في بلده

تساؤلات حول مشروعية قيادته لفنزويلا من الخارج دون عملية نقل للسلطات

TT

أثار بقاء الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز لمدة طويلة في كوبا بعد خضوعه لعملية جراحية طارئة، ردود فعل غاضبة من المعارضين، بسبب اعتماد فنزويلا على مستشارين كوبيين في الشؤون العسكرية والاستخباراتية. وقد شجعت ندرة المعلومات حول مرض شافيز خلال الأسبوعين الماضيين (تم نشر أخبار في وسائل الإعلام الرسمية مصحوبة بحذر بما يتفق مع أسلوب أجهزة الدعاية الشيوعية في كوبا)، المعارضة المنقسمة في فنزويلا والتي تطمح لهزيمة شافيز في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام المقبل.

وتساءل معارضو شافيز ما إذا كان الدستور يسمح له الإشراف على شؤون وطنية لفترة غير محددة من الوقت وهو مقيم خارج البلاد. ويتزايد النقد لحكومة شافيز التي تتصدي لمشكلات أخرى مثل انقطاع الكهرباء المتكرر وأزمة السجون والتي ظهرت على السطح من خلال المواجهة بين سجناء مسلحين وجنود، وهو ما أدى إلى مصرع 20 شخصا. وفي مقابلة أجريت معها، قالت ماريا كورينا ماتشادو، وهي مشرعة وأحد أبرز المنتقدين لشافيز: «إنه إذلال غير مقبول للفنزويليين أن يحكم الرئيس البلاد من هافانا. يجب على رئيس الجمهورية أن يظهر».

وقد تحدث شافيز، 56 عاما، علانية، مرة واحدة منذ خضوعه لجراحة في كوبا في العاشر من يونيو (حزيران) الحالي، قال هو وكبار المسؤولين الفنزويليين إنها عملية جراحية لخراج في الحوض.

وقال شافيز في مقابلة عبر الهاتف بلغت مدتها 23 دقيقة يوم الثاني عشر من يونيو مع وكالة «تيليسور» للأنباء: «لقد مرضت في مكان جيد». وأشاد شافيز بنظام الرعاية الصحية في كوبا، وقال إن الدراسة المجهرية لم تكتشف أي علامات على المرض «الخبيث».

ولا تزال هناك تساؤلات حول السبب وراء مرض شافيز في المقام الأول، حيث إن خراج الحوض هو عبارة عن مجموعة من الصديد في عمق البطن، والذي يمكن أن يكون السبب فيه هو العدوى في أماكن في مختلف أنحاء الجسم. ويمكن أن يؤدي هذا المرض إلى قدر كبير من المتاعب، بما في ذلك الحمى والقشعريرة وآلام في البطن. وقال الدكتور وليام شافنير، وهو اختصاصي الأمراض المعدية في جامعة فاندربيلت الأميركية: «يمكن مقارنة هذا الألم بانفجار الزائدة الدودية، ولكن بشكل أكثر تدرجا».

وقال شافيز خلال حواره مع وكالة «تيليسور»، إنه شعر أنه ليس على ما يرام خلال اجتماع خاص عقد في هافانا مع الزعيم الكوبي الثوري فيدل كاسترو. وأضاف شافيز أنه شعر بألم في منطقة الحوض، وأن كاسترو قد استدعى كبار الأطباء الكوبيين لمعالجته.

ويبدو أنه يتماثل للشفاء بشكل بطيء. وقال أدن شافيز، شقيق الرئيس، يوم الأربعاء الماضي إنه من المتوقع أن يبقي الزعيم الفنزويلي في كوبا لمدة تتراوح بين 10 و12 يوما. ونتيجة لذلك كان هناك نقاش علني على المدونات وفي وسائل الإعلام المملوكة للقطاع الخاص بشأن صحة شافيز. وجدير بالذكر أن شافيز، الذي لا يشرب المسكرات لكنه يدخن طيلة فترة حكمه المستمرة منذ 12 عاما، كان يتمتع بصحة جيدة لسنوات طويلة. إلا أنه كان أكثر هدوءا خلال العام الحالي بشكل ملحوظ، بسبب معاناته من أربع مشكلات صحية، وفقا لتقرير صادر عن صحيفة «ألتيماس نوتيسياس» اليومية والتي تنشر في كثير من الأحيان تغطية مؤيدة لشافيز وحكومته.

وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، لم يستكمل شافيز برنامجه التلفزيوني الذي يذاع يوم الأحد من كل أسبوع نتيجة نوبة برد قد أصابته، وبعد شهرين توقف مرة أخرى عن البرنامج بسبب نزلة برد أخرى. وفي شهر مايو (أيار) الماضي، قال شافيز إن مشكلة في الركبة كان يعاني منها أثناء فترة عمله كجندي من جنود المظلات قبل ثلاثة عقود كانت تتطلب اهتماما من الأطباء، وكان يقف على عكازين بينما كان يلقي خطابا أمام حشد من شرفة القصر الرئاسي.

وتجنبت وسائل الإعلام الرسمية التركيز على التفاصيل المتعلقة بصحة الرئيس. وبعد يوم واحد من الكشف عن خبر إجراء العملية الجراحية لشافيز، توقف التلفزيون الرسمي فجأة عن بث مباشر لمؤتمر صحافي مع وزير في الحكومة عندما سأل أحد الصحافيين عن صحة شافيز.

وفي مقال نشرته وكالة الأنباء الرسمية، وصفت سيليا فلوريس، وهي برلمانية مؤيدة لشافيز، شخصيات معارضة على أنهم «مصاصو دماء وجشعون»، وذلك بسبب سؤالهم ما إذا كان الرئيس لديه السلطة لأن يحكم البلاد من الخارج أم لا. وتعد كوبا أكبر حليف لفنزويلا، كما أن بسط النفوذ في كوبا حتى وإن كان من خلال الرعاية الطبية للرئيس يعد أمرا حساسا للغاية هنا. وتساءل أطباء فنزويليون عن السبب وراء اختيار الرئيس لكوبا كي يتلقي العلاج بها. وقال خوسيه فيليكس أوليتا، وهو وزير الصحة السابق: «لدينا قدرة مهنية وتقنية على أعلى مستوى. أعتقد أن مستوى التكنولوجيا والأدوات لدينا، بالإضافة إلى معرفة الأخصائيين عندنا يمكنهم معالجة خراج الحوض». من جهة أخرى، احتدم جدال بين الخبراء القانونيين حول ما إذا كان يحق لشافيز مواصلة حكم البلاد وهو موجود في كوبا. وقال غوستافو بريسينو، وهو أستاذ القانون الدستوري في الجامعة المركزية في فنزويلا: «وجود الرئيس في هافانا وسنه من هناك القوانين والقرارات الرئاسية دون أن ينقل سلطاته إلى نائب الرئيس، يشكل انتهاكا واضحا للدستور».

ومع ذلك، قال بريسينو وغيره من الخبراء القانونيين، إن هناك احتمالا ضعيفا بأن تقوم السلطة القضائية بالضغط على شافيز. وجدير بالذكر أن المحاكم العليا في فنزويلا يتم السيطرة عليها من قبل القضاة المؤيدين لشافيز.

وأوضح شافيز أنه لا يرى أي مشكلة في البقاء في كوبا، وقال إنه لا يزال أفضل من يتولى قيادة البلاد. وأضاف خلال المقابلة التي أجريت معه عبر الهاتف في الثاني عشر من يونيو: «إذا رأيت أنني غير قادر على إدارة الحكومة، فسأكون أول من يتخذ قرارا في هذا الشأن».

* ساهمت في التقرير ماريا يوجينيا دياز.

* خدمة «نيويورك تايمز»