النائب صقر لـ «الشرق الأوسط»: نخشى وزارة العدل في لبنان لأنها باتت غطاء للعملاء

السفارة الأميركية ترد على نصر الله: اتهامات فارغة سمعناها مرارا

TT

ردت السفارة الأميركية في بيروت على كلام الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، عن محاولة الـ«سي آي إيه» تجنيد عملاء داخل الحزب، معتبرة أنها «اتهامات فارغة سمعناها تكرارا من جانب حزب الله»، ولافتة إلى أنه «لا توجد مادة لاتهاماته»، واعتبرت السفارة أن «نصر الله يحاول على يبدو معالجة مشكلات داخل الحزب، الأمر الذي لا شأن لنا به»، وأضافت: «موقف الولايات المتحدة من حزب الله معروف ولم يتغير».

ولفت في هذا الإطار ما صدر عن وزير العدل الجديد، شكيب قرطباوي، المحسوب على التيار الوطني الحر، الذي يتزعمه النائب ميشال عون، الذي نفى علمه أو علم أي جهاز قضائي أو أمني بالدولة بهؤلاء العملاء، موضحا أنه «لا يوجد أي موقوفين لدى الأجهزة القضائية والأمنية في هذا المجال»، ومؤكدا أن «القضاء سيتابع الموضوع».

وردا على سؤال عما إذا كانت الدولة تعتبر مَن يتعامل مع الولايات المتحدة جاسوسا، أجاب قرطباوي: «أنا لستُ قاضيا»، مشيرا إلى أن «هذا الموضوع أثير من قبل زعيم سياسي كبير، وبالتالي من واجبات الدولة اللبنانية أن تتقصى، وبعدها القاضي يقرّر». وأكد أن «موضوع الجواسيس لا يُترك بل يجب أن يُتابع ويدرس بعناية، وصولا إلى أن يأخذ القضاء القرار المناسب»، وقال: «لا يحق لنا تصنيف الناس أو الدول باستثناء إسرائيل التي يجمع الشعب اللبناني على أنها عدوة».

ومع إقرار نصر الله باختراق حزب الله، أعيد فتح ملف «البيئة الحاضنة» الذي كان نصر الله نفسه تطرق إليه في يوليو (تموز) 2010 موجها أصابع الاتهام لبعض الفرقاء السياسيين بتأمين بيئة حاضنة للعملاء.

وفي هذا السياق، اعتبر عضو كتلة المستقبل، النائب عقاب صقر، أن «ما كشفه نصر الله يؤكد ما أعلنه تيار المستقبل مرارا وتكرارا، عن أنه لا وجود لمفهوم البيئة الحاضنة، لأنه لا دين ولا هوية ولا بيئة للعميل»، واضعا كلام نصر الله عن هذه البيئة «بإطار انفعالي وفي سياق سجالي لا يمت للواقع بصلة».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، رأى صقر أن «الحديث عن البيئة الحاضنة قد يصح مع «التيار الوطني الحر» (الذي يرأسه العماد ميشال عون)، الذي يؤمن الحماية ويستميت في الدفاع عن عميل ثبت تعامله مع العدو، وأعلن القضاء اللبناني ذلك».

وتوجه صقر لحزب الله بالقول: «كيف تسمحون لحليفكم أن يرسل نوابه ليصفقوا لعميلهم في قاعة المحكمة؟ كيف تسمحون لهم أن يؤمنوا الحضانة والرعاية للعملاء؟».

وأضاف: «نخشى وزارة العدل التي باتت تشكل غطاء أساسيا للعملاء داخل الدولة، بعدما وضع التيار الوطني الحر يده عليها، علما أننا نحترم الوزير قرطباوي، ولكن هو ومن دون شك سيرضخ للضغوط التي ستمارس عليه في النهاية». وتابع قائلا: «عندما أحمي عميلا ما وأدافع عنه، عندها أؤمن له البيئة الحاضنة. والخوف هو في تراجع حزب الله عن المطالبة بإعدام العملاء، بعد الكشف عن عمالة العميد فايز كرم، مما يدفعنا باتجاه تساؤل مشروع نضعه برسم جمهور المقاومة: هل هناك عمالة محمية؟ وهل هناك عميل مدعوم؟».

ولم يستغرب صقر عدم تسليم حزب الله للجواسيس الثلاثة للدولة، قائلا: «لدى الحزب سياسة متبعة في هذا الإطار، فهو يحقق معهم ويأخذ المعلومات التي تلزمه منهم قبل تسليمهم للدولة، ونحن مقتنعون أنه سيصار في النهاية إلى محاكمتهم تحت سقف الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية»، وشدّد صقر على أن «العميل يبقى عميلا مهما كانت الدولة التي ينقل إليها معلومات خاصة بدولته».

بدوره، اعتبر عضو كتلة القوات اللبنانية، النائب أنطوان زهرا، أن «ما أدلى به نصر الله، معطوفا على ما أعلنه وزير العدل عن أنه لا علم للدولة بالجواسيس الثلاثة، يؤكد استمرار حزب الله بتجاهل الدولة، وببناء وتقوية دويلته على حساب الدولة اللبنانية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم نعد نستطيع، كدولة، أن نتحمل تبعات تعرض السيد نصر الله للدول العربية والغربية الصديقة، ونأمل من كل دولة أن تأخذ بعين الاعتبار أن ما يصدر عن نصر الله يعبر عن موقف حزب الله فقط، وهنا نراهن على وعي أصدقاء لبنان ومعرفتهم بمصادرة الحزب لمؤسسات الدولة بالقوة».

وفي الإطار نفسه، رأى عضو تكتل لبنان أولا، النائب عاطف مجدلاني، أن «كلام نصر الله الذي قيل يعرّض الدولة اللبنانية وعلاقة لبنان للاهتزاز مع دولة تعتبر حتى الآن دولة صديقة للبنان، وهي أميركا، فقبل أن يصدر هذا الكلام يجب على الأقل أن تكون الدولة على علم به»، مشددا على أهمية «العودة إلى مرجعيتنا وهي الدولة والمؤسسات، فإما احترام الدولة أو مصادرة رأيها وقرارها».

بالمقابل، لفت عضو كتلة حزب الله النيابية، النائب وليد سكرية، إلى أن تطرق السيد نصر الله لموضوع اختراق الحزب يثبت أن «المقاومة واثقة من ثقة الشعب بها، وبالتالي تبادل هذه الثقة بين القاعدة الشعبية والمقاومة يسمح لهذه الأخيرة بأن تصارح القاعدة الشعبية بكل شيء، وأن تقول إن هناك اختراقا في صفوفها».

وعن رد السفارة الأميركية على اتهام نصر الله لها بـ«أنها تجند عملاء في صفوف الحزب لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية»، التي وصفتها بالاتهامات «الفارغة»، التي «لا أساس لها»، قال سكرية: «طبعا واشنطن ستنفي ولن تقرّ بالأمر، ومن الطبيعي أن تفعل ذلك، ولكننا نعرف أميركا»، مضيفا في هذا السياق: «كل السفارات لديها أجهزة المخابرات، لكن في لبنان يكتسب هذا الأمر أهمية كبرى، لأنه في عين العاصفة، ومن الطبيعي أن يكون لأميركا نشاط متزايد لخرق المقاومة في لبنان أو المقاومة الفلسطينية أو محاربة إيران، والآن، أصبحت سوريا ضمن هذا التآمر (الأميركي) عبر النيل من النظام».

وشدد سكرية على أن «الولايات المتحدة الحريصة على أمن إسرائيل والمتكفّلة به تعمل معها لتحقيق الانتصار، لكي تبقى المصالح الأميركية قائمة، ولذلك هي تبذل كل الجهد إلى جانب إسرائيل، ومن ضمن هذه الجهود الجهد الأمني».