موفد أوباما إلى السودان لـ «الشرق الأوسط»: سنقيم علاقات كاملة مع دولة الجنوب

برينستون ليمان: اعتبارات استراتيجية وأخلاقية تربطنا بالسودان.. والرئيس ملتزم بها شخصيا

TT

بينما يقترب موعد 9 يوليو (تموز) المقبل، الذي سيكون يوم ميلاد دولة جديدة تحمل اسم جنوب السودان وتغير الخارطتين الأفريقية والعربية، تعمل أطراف عدة داخل السودان وخارجه على جعل الولادة سليمة في وقت تزداد المخاوف من اندلاع أعمال عنف، خاصة مع تردي الأوضاع في جنوب كردفان. وربما من أكثر المنهمكين بالشأن السوداني مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للسودان، برينستون ليمان، الذي يقضي وقته بين السودان وعواصم عدة؛ من أديس أبابا إلى واشنطن من أجل الإعداد لقيام دولة جنوب السودان، ومعالجة العلاقات مع الخرطوم.

وعندما سألت «الشرق الأوسط» ليمان عن سبب الاهتمام الأميركي اللافت بهذه العملية، قال ليمان: «هذا سؤال مهم جدا»، شارحا الأسباب (الاستراتيجية والأخلاقية) لهذا الاهتمام. وحرص على توصيل رسالة حول الاهتمام الأميركي، قائلا: «الرئيس أوباما يأخذ السودان على محمل الجد ويهتم شخصيا به كثيرا، يريدون أن يعلم الجميع بذلك».

والتقى ليمان مع أوباما قبل نحو أسبوع، لإطلاعه على المستجدات في السودان، وشرح ليمان اهتمام الرئيس الأميركي بهذا الملف، قائلا: «خلال الاجتماع كان الرئيس على علم بأحدث وأدق التفاصيل حول ما يحدث، وبحثنا المفاوضات الجارية، لقد التزم الرئيس بشكل شخصي بهذه القضية». وأضاف: «هي مهمة لسببين؛ عند النظر إلى السودان والقرن الأفريقي؛ فإن السودان في غاية الأهمية لاستقرار المنطقة، فمن وجهة نظر استراتيجية؛ فإن السلام في السودان ضروري». ولكنه لفت إلى نقطة ذات أهمية سياسية أكبر داخل الولايات المتحدة، قائلا: «الأميركيون منشغلون بالسودان منذ فترة طويلة، هناك الكثير من التعاطف مع الجنوب بسبب الحرب الأهلية وهناك الكثير من القلق من التطهير العرقي في دارفور، وقد تدخلت الكثير من المؤسسات الأميركي، بما فيها الكونغرس، في تلك القضايا».

وتابع: «لقد بات الأمر موضوعا أخلاقيا، والرئيس نفسه يشعر بذلك أيضا»، واختتم ليمان اللقاء بالقول إنه في حال نشوب «حرب كبيرة وتشرد الملايين، فإن ذلك يعني أنك تصرف أموالا طائلة على الإغاثة بدلا من صرفها على التنمية، ونفعل ذلك كثيرا». وأضاف: «التوجيه لي كان منذ البداية: لا نريد حربا في السودان، هذا ما علينا تجنبه، وهذه قوة دفع أساسية بالنسبة لنا».

ومن اللافت الفرق بين ليمان وسلفه، سكوت غريشن، فالأخير كان جنرالا متقاعدا، يتحدث بحزم وشدة القائد العسكري. بينما ليمان هو أهدأ طبعا، وخلفيته تمزج بين الدبلوماسية والحياة الأكاديمية، فهو يحمل دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة «هارفارد» وعمل سنوات طويلة في «معهد أسبن» الفكري، وعمل بروفسورا في جامعة «جورج تاون»، كما عمل نائبا مساعدا وزير الخارجية للشؤون الأفريقية بين عامي 1981 و1986، وكان سفيرا لدى نيجريا وجنوب أفريقيا. وبدأ عمله الحكومي مدير مكتب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس ايد) في أديس أبابا بين عامي 1976 و1978.

والتقت «الشرق الأوسط» بليمان في مقر وزارة الخارجية الأميركية، بعد اجتماع مطول عقده في البيت الأبيض؛ حيث يطلع المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على آخر المستجدات في السودان. وقال ليمان: «نحن في المرحلة الأخيرة من التفاوض بين الشمال والجنوب، التي وضعت على الأجندة منذ زمن ولم تحل، وربما ذلك كان أمرا حتميا، ولكننا كلنا اضطربنا بسبب الأزمة في إقليم أبيي وجنوب كردفان؛ فجزء هائل من انتباهنا وانتباه الكثيرين انتقل إلى معالجة تلك الأزمات».

وبينما تنفس ليمان الصعداء، مع توقيع اتفاقية في أديس أبابا لتهدئة الأزمة في أبيي مع سحب القوات السودانية منها، واستبدالها قوات حفظ سلام إثيوبية بها، ما زال يعتبر الوضع في جنوب كردفان «أزمة خطيرة، فالمحادثات جارية ولكن لم نتمكن من وقف القتال ومساعدة النازحين وتخطي هذه الأزمة».

وأشاد ليمان بدور الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء الإثيوبي، زيناوي ميليس، بالتوصل إلى اتفاق أبيي، وشدد ليمان على أهمية مواصلة المحادثات بين الأطراف السودانية حول قضايا كثيرة، مثل النفط وإقليم أبيي ومنح الجنسية لأهالي جنوب السودان، التي باتت من الضروري الانتهاء منها قبل 9 يوليو (تموز).

وعبر ليمان عن تفاؤله من إمكانية حل تلك القضايا العالقة، ولكنه شدد على أنها تعتمد على «قيادة ملتزمة قوية في أرفع المستويات من الطرفين، لأنه من الضروري قيامهم بتنازلات صعبة جدا، والقادة فقط يستطيعون ذلك».

ويعول ليمان على اتخاذ كل من الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس حكومة الجنوب سيلفا كير تلك القرارات، وبلورة اتفاق نهائي بين الأطراف.

وفيما يخص مستقبل إقليم أبيي الغني بالنفط، الذي ما زال يشكل أحد أكبر العراقيل في تحديد العلاقات بين الخرطوم وجوبا، ذكر ليمان أن الاتفاقية الموقعة في جوبا «اتفاقية مؤقتة، ولكن من المؤمل أن فيها ما يشجع النازحين على العودة إلى منازلهم، وحينها سيحتاجون إلى الكثير من الدعم والمساعدات الإنسانية»، حيث إن هناك ما يقارب 100 ألف نازح جراء القتال في المنطقة. وأضاف ليمان: «هذه الاتفاقية لا تحل وضع أبيي في المستقبل، وهذه قضية صعبة سياسيا، سأفاجأ إذا شهدنا مواجهة عسكرية جديدة هناك، لأنه إذا قامت الوحدة الإثيوبية بمهامها، فلن تكون هناك قوات من أي من الأطراف في أبيي، ولكن قد تصبح مصدر خلاف أو نزاع مستوى أقل في المستقبل، إذا لم يحل وضعها».

وبينما تستمر المفاوضات من دون تقدم ملموس حول الإقليم، الذي تصر على السيطرة عليه قوى جنوب السودان وتريد قوى الشمال ضمان حق لها فيه، شرح ليمان التعقيدات السياسية و«العاطفية» المرتبطة بالإقليم. وقال: «هناك طرفان استثمرا كثير سياسيا وعاطفيا في أبيي، الدينكا نقوك يشعرون بأنهم لم يحصلوا على ما وعدوا به، وأنها أرضهم ولديهم حق تقرير الانضمام إلى الشمال أو الجنوب، ومن المؤكد أنهم يريدون الجنوب، بينما المسيرية وعدوا بحقوق كمجموعة تمر كثيرا في هذه المنطقة وتقضي وقتا هناك.. فإذا تم التوصل إلى حل، فسيعتمد ذلك على احترام الجاليتين».

وشدد ليمان على أهمية احترام الطرفين، موضحا أن ذلك لا يعني تقاسم الأراضي بشكل متساو، ولكنه كرر عبارة احترام حقوق كل طرف.

وأوضح قائلا: «هذا الأمر يأتي في الإطار الأوسع للعلاقات بين الشمال والجنوب، كيف نمنع هذه المنطقة من أن تصبح (كشمير) جديدة؟»، في إشارة إلى النزاع المطول بين باكستان والهند حول منطقة كشمير.

ومن المؤكد أنه سيكون لدى الولايات المتحدة علاقة مختلفة مع جنوب السودان عن علاقتها المتوترة منذ سنوات مع السودان؛ فبينما العلاقات مع الخرطوم يشوبها البرود والمسؤولون الأميركيون يرفضون اللقاء بالبشير، لدى كير علاقات ممتازة مع البيت الأبيض، وقد عبرت إدارة أوباما عن دعمها له.

وردا على سؤال حول عدم وجود توازن في العلاقات مع الطرفين، وإمكانية تأثير ذلك على العلاقات بينهما، قال ليمان: «إنه تحد مهم، العلاقات مختلفة تاريخيا، لأننا ما زلنا بحاجة إلى العمل مع الشمال، ليس فقط على اتفاق السلام شامل، بل المشكلة المستمرة في دارفور وكل ذلك يتعلق بالتطبيع، بينما من الجهة الأخرى أوضحنا أن ما نريد أن نراه دولتان قادرتان على العيش، لذلك نريد النجاح في العلاقة مع الشمال».

وشدد ليمان على رغبة واشنطن في تطبيع العلاقات مع السودان، على الرغم من المشكلات بينهما خلال العقود الماضية، فالسودان وضع على القائمة الأميركية لـ«الدول الراعية للإرهاب» منذ أغسطس (آب) 1993، وسحب السفير الأميركي من الخرطوم عام 1998، ولم يعد سفيرا لها منذ ذلك الوقت. وبينما وعدت الولايات الأميركية بتخطي هذه المرحلة في حال التزمت الخرطوم بنصوص اتفاق السلام الشامل، ما زال الطريق طويلا لتحقيق ذلك، وشرح ليمان: «نريد حقا تطبيع العلاقات، نريد أن يتم إطفاء ديونهم، ونريدهم أن يحصلوا على التمويل الدولي، ولكن كي يتحقق ذلك يجب أن يتحقق اتفاق السلام الشامل يجب معالجة قضية دارفور، ونأمل أن يعوا بأننا لا نحاول إضعافهم، بل تطبيع العلاقات معهم لصالحهم».

ويعي ليمان بشكل جيد الانتقادات الموجهة إلى الولايات المتحدة من بعض الدوائر، والشكوك في نوايا من الممكن أن تؤدي إلى انقسام جديد للسودان أو عدم مصداقية إدارة أوباما في تطبيع العلاقات مع الخرطوم.

وابتسم ليمان عندما سألته «الشرق الأوسط» عن شكاوى بعض المسؤولين في الخرطوم مما يعتبرونه مراوغة إدارة أوباما وفتح ملف جنوب كردفان ودارفور كعائق أمام تطبيع العلاقات، على الرغم من تعاون حكومة البشير في استفتاء جنوب السودان والإعداد لاستقلاله، وأجاب: «هناك البعض في الخرطوم مقتنعون بأننا لم نرد تطبيق (التطبيع) أساسا، وأننا نثير العراقيل الجديدة، ولكن إذا نظرتم إلى خارطة الطريق التي تقدمنا بها، فستجدون أنه ليس هناك جديد فيما نقوله، قضية جنوب كردفان جزء من اتفاق السلام الشامل، فهناك تفاهم في الاتفاق على أن جنوب كردفان والنيل الأزرق ستكون هناك عملية تشاور شعبية، والأخذ في عين الاعتبار المظالم السياسية للشعوب هناك، بما في ذلك تطوير فكرة حول كيفية نزع السلاح من جيش تحرير شعب السودان».

وأضاف: «هذا النزاع قام لأن الجيش حصل على أوامر لنزع سلاح جيش تحرير شعب السودان، في وقت كانت هناك مفاوضات جارية حول كيفية فعل ذلك، فهذا ليس أمرا جديدا، بل جزء من اتفاق السلام الشامل، لا يمكن حل إحدى المشكلات باستخدام القوة العسكرية».

ويستمع ليمان لشكاوى بعض السياسيين في الخرطوم حول دارفور، واعتبارها أساسية في تطبيع العلاقات خلال زياراته إلى السودان، ولكنه يوضح بأن القوانين الأميركية تؤكد على أهمية قضية دارفور في فرض عقوبات على السودان بسببها. ويقول ليمان: «لم نخف هذه الأمور سابقا، ولكنني أتفهم بأن هناك الكثير من الإحباط بأن الأمور لم تسر بالسرعة المطلوبة، فهم أقاموا الاستفتاء، واعترفوا بحق الشعب للانفصال، وهم يعتبرون ذلك أمرا كبيرا، وهو كذلك بالفعل، وهم لا يرون الفوائد مباشرة، وذلك لأن خارطة الطريق لدينا ممدودة».

وبينما يتفهم ليمان الإحباط في الخرطوم، قال في الوقت نفسه إن الإدارة الأميركية تلتزم بتعهداتها. وضرب مثالا على ذلك، قائلا: «حتى في أوج أزمة أبيي، أرسل الرئيس أوباما مساعده الأعلى لمكافحة الإرهاب، جون برينان، إلى الخرطوم، كجزء من هذه العملية، لتحديد تقييم الدول الراعية للإرهاب».

ويُذكر أن برينان هو المسؤول الأميركي الأرفع المعني بملف قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولكن في النهاية يتطلب رفع دولة ما عن القائمة موافقة الكونغرس وعملية قانونية معينة. وبعد الانتهاء من الاستفتاء في جنوب السودان، بداية العام الحالي، فوض أوباما وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بإبلاغ الكونغرس بأن إدارته بدأت عملية مراجعة وضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهي عملية ما زالت مستمرة منذ فبراير (شباط) الماضي.

وقال ليمان: «تماشيا مع القانون الأميركي، عملية النظر في وضع دولة ما على اللائحة تستغرق تقييما لمدة 6 أشهر، وهذا ليس أمرا اخترعناه، وكان بإمكاننا تعطيل هذه العملية أو تأخيرها، ولكن الرئيس قال لا يجب مواصلتها، لأنه رغب في إظهار تطبيقه لخريطة الطريق كما وعد».

وأضاف: «نعتقد أن الأمور ستسير على ما يرام في حال مشت العملية على ما يرام، وهناك التزام بمتطلبات رفع دولة من القائمة».

وهناك قضايا عدة أخرى مرتبطة بتحسين العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، حيث شرح ليمان: «الأمر نفسه فيما يخص الدين، كان هناك اجتماع في البنك الدولي حول هذا الأمر، كان بإمكاننا الطلب من البنك إلغاء الاجتماع ولكن لم نفعل ذلك، قلنا إن مع الوضع السياسي الحالي سيكون من الصعب جدا إكمال عملية (إطفاء) الديون، ولكن لم نوقف العملية»، موضحا: «ما نريد قوله إننا باقون على خريطة الطريق، ولكن إذا انفجر جنوب كردفان أو تراجع، أو أمر آخر متعلق باتفاق جنوب السودان لم يحل أو نشب نزاع مسلح آخر، لا يمكن لنا إنهاء العملية لأنها كلها جزء من خريطة الطريق».

وكان ليمان واضحا جدا في أن هناك قضية لا يمكن أن تتدخل فيها الولايات المتحدة، وهي قضية المحكمة الجنائية الدولية، التي تنظر في جرائم حرب في السودان، وقد أصدرت مذكرة بحق البشير.

وقد أكدت واشنطن للخرطوم أن هذه القضية ليست مطروحة على طاولة المفاوضات، حيث إن واشنطن ليست عضوا في المحكمة الدولية، وليس لديها سيطرة على مجريات العملية القضائية فيها، ولكن أكد ليمان على أهمية «أن تتعاون الخرطوم مع المحكمة الجنائية».

وعلى الرغم من أن ليمان يقر بأن حكومة البشير تفضل أن تلعب إدارة أوباما دورا في هذا الملف، قال: «قلنا لهم إن هذا الأمر ليس على أجندتنا».

ولكن المقارنة مع العلاقات مع جنوب السودان تظهر الفرق الذي سيحصل في التعامل مع البلدين، حيث قال ليمان: «الجنوب قصة أخرى، ستكون علاقة سياسية أدفأ لأنهم لم يكونوا مستهدفين بالعقوبات أو أمور مثل هذه، ولكن احتياجات بناء الدولة هائلة، مثل قدرتهم على التعامل مع الميليشيات والاختلافات الإثنية، وعدم وجود الكوادر لتقديم الخدمات، بالإضافة إلى إدارة الثروة النفطية وغير ذلك، هذه قضايا كبيرة وسنركز عليها بشدة».

وأضاف: «العلاقة ستكون مختلفة كليا» عن تلك التي بين الخرطوم وواشنطن، وتوقع ليمان افتتاح سفارة أميركية في جوبا خلال فترة وجيزة من إقامة دولة جنوب السودان، قائلا: «أتوقع أننا سنرفع مستوى العلاقات إلى سفارة كاملة في جوبا»، كما أنه من المرتقب أن يحصل جنوب السودان على المزيد من المساعدات المالية من الولايات المتحدة، حيث قال ليمان: «على الرغم من أن سيكون لدى الجنوب دخل مهم من النفط، فهم يحصلون الآن، ومن المتوقع أن يحصلوا مستقبلا، على أحد أكبر برامج المساعدات المالية» من الولايات المتحدة.

ويحصل جنوب السودان الآن على 400 مليون دولار حاليا، وتنوي واشنطن توسيع هذا الدعم، خاصة في القطاع الزراعي وبناء قدرات البلاد والبنى التحتية. كما أن الأمم المتحدة ستقيم بعثة واسعة في جنوب السودان، بالإضافة إلى تمثيل أوروبي ودولي يدعم الدولة الجديدة.

وبينما هناك اهتمام أميركي ببناء قدرات جنوب السودان وتأسيس مؤسساته الوطنية، لفت ليمان إلى أهمية العملية السياسية في السودان بعد انفصال الجنوب. وقال: «هم يقولون بأنفسهم إنهم بحاجة إلى دستور جديد لأن حكومة الوحدة الوطنية ستنتهي، السؤال هو ما نوع تمثيل دارفور في الخرطوم؛ هل سيكون هناك إقليم واحد أم 5 أقاليم، وكيفية المشاركة في حكومة الخرطوم؟ أما في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ما نوع طبيعة لا مركزية الحكم فيها والتشارك في الآبار؟ وهناك عملية السلام في شرق البلاد.. كل هذا يدل على سؤال حول تركيبة الحكومة الدستورية بعد انفصال الجنوب».

وتواجه حكومة البشير هذه التحديات في وقت تشهد المنطقة كلها تغييرات كبيرة، وخاصة في القارة الأفريقية مع الثورات في مصر وتونس وليبيا. وامتنع ليمان عن التكهن حول إذا كانت ثورات مشابهة ممكن أن تطال السودان، مكتفيا بالقول: «هناك ضغوط حول وضع إطار سياسي جديد للتعامل مع الواقع الجديد في مناطق مختلفة من البلاد، وثانيا التأقلم الاقتصادي بعد انفصال الجنوب وقطع الموارد النفطية وسيتطلب ذلك تحولا مهما». ولفت إلى أن السودان يعاني من 38 مليار دولار من الديون، وهناك جهود لإلغاء هذه الديون، بالإضافة إلى أنه اعتبر أنه «من المفروض أن يحصل السودان على دعم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وإلى الاستثمار الخاص، خاصة في قطاعات مثل الزراعة التي يمكنهم أن يتقدموا فيها، ولكن كل ذلك يتطلب منهم الخروج من العقوبات المفروضة عليهم، ليس فقط من جانبنا، بل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة».

وعلى الرغم من الضغوط الأميركية على البشير، فإنه لدى الرئيس السوداني حليف مهم في المجتمع الدولي، وهو الصين. ومن المرتقب أن يزور البشير بكين هذا الأسبوع. ولفت ليمان إلى أن لدى الصين «دورا كبيرا في السودان، ويمكنها أن تلعب دورا مهما في السودان في إقناع الرئيس البشير باتخاذ اتجاه سلمي لحل القضايا العالقة في اتفاق السلام الشامل، وأن زعزعة الاستقرار سيئة للسودان وللصين أيضا، فأي مشكلات في العملية السياسية يمكن أن تنصب على القطاع النفطي، خاصة أن لدى الصين استثمارات كبيرة في القطاع النفطي».

وأضاف: «الصين لديها اهتمام بعلاقات جيدة مع الشمال والجنوب، ولديها مصلحة في الاستقرار، ويمكنها أن تساعد في توصيل رسالة إلى البشير بأن السيطرة على أبيي عسكريا والمواجهات في جنوب كردفان أمور غير جيدة، غير جيدة للسودان وغير جيدة للصين».

وتابع: «آمل أن تكون هذه هي الرسالة التي يتسلمها». أما بالنسبة إلى الدور العربي، قال ليمان: «الدول العربية مهمة كثيرا، العرب منحوا حكومة السودان تمويلا مهما، كما أن الكثير من الدين لدول عربية ولديهم تأثير على السودان». وأضاف: «آمل أنهم أيضا ينصحون الرئيس البشير بأنه، بدلا من الاعتماد على مصدر واحد للدعم، يمكنه اتخاذ خطوات لإطفاء الديون والحصول على التمويل الدولي».