المتمردون الليبيون يحاولون تصنيع أسلحة.. وترميم دبابات روسية الصنع عمرها نصف قرن

TT

قالت مصادر صحافية في لندن إن بريطانيا وفرنسا تستخدمان قطر لتمويل المتمردين الليبيين بالسلاح، في ظل الضغوط المتزايدة التي يواجهها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، لكسر الجمود العسكري وإسقاط النظام الليبي.

وفشلت الغارات الجوية التي يشنها حلف شمال الأطلسي على طرابلس في إسقاط نظام العقيد الليبي، في حين يفتقر المتمردون إلى القوة العسكرية والانضباط العسكري ميدانيا. ونقلت صحيفة «التايمز» البريطانية عن دبلوماسي غربي رفيع المستوى قوله إن لندن وباريس تتخوفان من خرق تفويض الأمم المتحدة الخاص بحظر السلاح إلى ليبيا، وتعولان كثيرا على الدوحة، في محاولة لترجيح كفة الميزان في ليبيا. وأضاف «نحن بحاجة لتعزيز الضغط العسكري ميدانيا. القطريون يفعلون ما يجب القيام به». ووفقا للدبلوماسي، فإن كاميرون وساركوزي ناقشا كيفية مساعدة المتمردين ميدانيا، أول من أمس الجمعة. وقال مصدر أمني خليجي لصحيفة «نيويورك تايمز» إن المسؤولين البريطانيين والفرنسيين ناقشوا رسميا بيع أسلحة إلى قطر بهدف تمريرها إلى بنغازي.

وقال المصدر لصحيفة «التايمز»: «ليست القضية أن نفعل ذلك، لكن المهم هو حجم الكمية المرسلة». وأضاف «القطريون اشتروا الكثير من المعدات من فرنسا لصالح المتمردين الليبيين. ونفت فرنسا تورطها في مثل هذه الأعمال.. لكن لدينا معلومات مؤكدة بحصول ذلك». وقال العقيد صلاح بادي، أحد القادة العسكريين للمتمردين في مصراتة، إن مسؤولين بريطانيين رفضوا رسميا طلب للثوار بالحصول على أسلحة. وأقر بأن العقيد القذافي كان يخرق الحظر بالحصول على أسلحة سرا عبر الحدود الجزائرية.

وفي باريس، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية «لا شيء مما يقال صحيح. نحن نعمل في إطار قراري الأمم المتحدة 1970 و1973، بشكل تام، ولا نقوم بتزويد المتمردين الليبيين بالأسلحة». وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية «نحن ملتزمون بتنفيذ قراري مجلس الأمن رقمي 1970 و1973 بشكل كامل.. نحن لا نمد المجلس الوطني الانتقالي بالأسلحة.. وليست لدينا أي خطط للقيام بذلك». ولم تنف قطر حتى الآن هذه المعلومات، لكن مصادر غربية ومن المتمردين الليبيين يقولون إنها تمدهم بالمال والمنتجات البترولية، والآن بالأسلحة، ويعتقد أنها تشمل صواريخ فرنسية الصنع مضادة للدبابات، حسب صحيفة «التايمز». وتوجد لوحة جدارية ضخمة خارج مقر المجلس الوطني الانتقالي في مدينة بنغازي الليبية، للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، وتحتها عبارة «قطر.. التاريخ سيذكر دائما دعمكم لقضيتنا». ويقول عثمان محمد ريشي، المسؤول عن المالية والنفط لدى المتمردين، إن «قطر هي أكبر الجهات العربية المانحة لدينا»، وأضاف «قدموا لنا الوقود، وملايين الدولارات، ودفعوا فواتير وارداتنا. نحن ممتنون جدا لهم».

من جهة ثانية، وإزاء تحفظ القوى الأجنبية في تسليح المتمردين الليبيين، يصنع هؤلاء بأنفسهم أسلحة من خلال إصلاح ما لديهم من أسلحة سوفياتية قديمة، آملين أن تساعدهم في سعيهم لدحر معمر القذافي خارج البلاد، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مجمع محصن أقيم في معسكر الرجمة، الذي يبعد ثلاثين كيلومترا عن بنغازي (شرق) معقل المتمردين، تجهد مجموعة من المهندسين على إنشاء أنظمة أسلحة جديدة رغم أنها لن تكون بالتأكيد الأحدث تقنيا. وتمكن حامد معلوف من تشغيل دبابة سوفياتية من طراز «بي إم بي – 1» عمرها نصف قرن عبر توصيل سلكين كهربائيين وسط مقبرة آليات نقل جند تعود إلى أيام حلف وارسو. وبعد انبعاث بعض الشرارات اهتزت الدبابة وسط سحابة من الدخان وتراجعت إلى الوراء ثم سارت وسط الورشة.

ويقضي حامد معلوف، الميكانيكي المتخصص في الدبابات منذ 32 سنة، معظم يومه وهو يزيل قطعا من الآليات المعطلة نهائيا ليستخدمها في تصليح الدبابات المعطوبة في الجبهة. ولم يبق من بعض الآليات سوى هيكل صدئ. وقال الرجل «لا نملك شيئا، وليست لدينا قطع غيار. إن المهمة صعبة، بإمكاننا فقط تعويض قطع دبابة بقطع أخرى». وعلى غرار الميكانيكيين الثلاثة الآخرين في الرجمة يعمل حامد كثيرا.

وكان آخر ما تمخضت عنه أفكاره استخدام رافعة أثقال كبيرة لقطع مقصورة آلية سوفياتية عسكرية من طراز «بي إم بي» وتعويضها بمدفع قوي مضاد للطيران، مما يسمح نظريا بمضاعفة قوة نيران الدبابة، حتى إن الآلية أصبحت تشبه إحدى الآلات المستعملة في فيلم «ماد ماكس». وأوضح أن المدفع الذي أزاله سيركبه على مؤخرة إحدى السيارات المكشوفة الرباعية الدفع من طراز «تويوتا هيلوكس»، مخترعا بذلك إحدى الآليات الغريبة التي باتت من علامات النزاع الليبي.

وفي ورشة مجاورة، يعكف ثلاثة رجال على صنع «بازوكات» انطلاقا من قطع أنابيب وعدد من بنادق الكلاشنيكوف القديمة وعدد من المناديل والزناد. وفي حين سمح حلف شمال الأطلسي للمتمردين بالسيطرة على الأجواء، لم يستطع المتمردون احتواء تفوق الجهاز العسكري لمعمر القذافي. وأكد العقيد أحمد عمر الباني، القائد العسكري في المجلس الوطني الانتقالي، أن «تجهيزات القذافي الجديدة وضعها في الغرب قبل 17 فبراير (شباط)». وفي حين يقع النزاع في مأزق ميدانيا، يأمل المتمردون أن يخطو حلفاؤهم الأجانب خطوة جديدة في هذا الاتجاه ويمدوهم بأسلحة جديدة ويوفروا لهم تدريبا وأنظمة اتصال. لكنهم إذا لم يحصل ذلك فإن حامد معلوف أقسم على أنه سيواصل العمل «على مدار الساعة» إذا اقتضى الأمر لتوفير ما يلزمهم من السلاح.