مصر: «الوطني» المنحل يسعى لتشكيل حزب جديد قبل انتخابات البرلمان المقبلة

قيادات فيه قالت إن إقرار قانون بمنعهم من العمل السياسي يطال شرف ووزراءه

TT

بينما لم تفرغ القوى السياسية المصرية التي تصدرت المشهد السياسي عقب ثورة «25 يناير» من معركتها حول خارطة طريق المرحلة الانتقالية، تسعى قيادات سابقة بالحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) إلى تأسيس حزب جديد لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتشكل قيادات وكوادر الحزب الوطني الذي ترأسه الرئيس المصري السابق حسني مبارك لنحو ثلاثين سنة، مصدر «قلق كبيرا» للأحزاب القديمة والجديدة على السواء، حيث يعتبرونهم «أصحاب خبرة في إدارة المعارك الانتخابية.. ويملكون دعما ماليا كبيرا توفره طبقة رجال أعمال استفادت من النظام السابق».

ورغم التكتم الذي يحيط بمساعي قيادات حزب مبارك لإعادة تنظيم كوادرها، قالت قيادات بالحزب الذي قررت محكمة مصرية حله في أبريل (نيسان) الماضي، إن «هناك خطوات جادة لتأسيس حزب جديد». وأوضح الدكتور بهاء فكري أمين الحزب الوطني (المنحل) بمحافظة المنيا، أن قيادات الحزب التي تولت المسؤولية بعد نجاح الثورة بدأت في محاولة لمّ شتات القيادات الوسطى لتأسيس حزب جديد.

وقال فكري لـ«الشرق الأوسط» إن «اتصالات جرت معي شخصيا للانضمام للحزب الجديد»، مضيفا أنه يرفض في الوقت الراهن الانخراط في هذا الحزب، مبررا موقفه بقوله: «تم استخدامنا سابقا كوجوه مقبولة في مواقعنا لتحسين صورة الحزب الوطني.. وعلينا أن نفكر جيدا في فترة يغيب عنها صوت العقل».

وقلل فكري من إمكانية أن يملك الحزب الجديد رؤية مختلفة، قائلا «نحن عانينا في السنوات الأخيرة في محاولاتنا إقناع كوادرنا بالفصل بين الحزب والسلطة، وسوف تصطدم التجربة الجديدة بأفكار قيادات الصف الثالث والرابع، كما هو حادث الآن، والذين تربوا سياسيا على أن يكونوا جزءا من حزب السلطة.. لم يكن أي منهم يقبل ألا يستقبله رئيس المدينة على باب مكتبه. هكذا كانوا يفهمون العمل السياسي ولا أعتقد أن شيئا قد تغير».

وأسس الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات الحزب الوطني الديمقراطي في عام 1978 بعد قراره بإعادة الحياة الحزبية للبلاد، ولم يفقد الحزب الوطني منذ ذلك التاريخ أغلبيته المطلقة في البرلمان المصري، وحتى انتخابات البرلمان الأخيرة في 2010. وبعد حل الحزب مؤخرا حاول كوادر منه الانضمام لعدة أحزاب قائمة.

وتابع فكري: «لا تصدق الحديث عن رفض الأحزاب الأخرى انخراط قيادات الوطني وكوادره في أحزابهم. أعرف نماذج كثيرة انضمت بالفعل لعدد من الأحزاب التي تأسست مؤخرا.. هذا يزيد الأمر صعوبة على الراغبين في إعادة إحياء الحزب الوطني تحت أي اسم».

ورغم قرار الحل، لا يزال حزب مبارك يهيمن على مفاصل الدولة في مصر، ويقول معارضون إن «50 ألف عضو سابق في الحزب الوطني يسيطرون على المجالس المحلية التي تعد عصب الحياة اليومية في البلاد، حتى الآن».

وقالت محكمة القضاء الإداري في أسباب حكمها بحل الحزب الوطني إن «ثورة الشعب المجيدة في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي قد أزاحت النظام السياسي القائم وأسقطته وأجبرت الرئيس السابق حسني مبارك الذي هو رئيس الحزب الوطني، على التنحي في 11 فبراير (شباط) الماضي، وهو الأمر الذي يكون معه الحزب قانونا وواقعا قد أزيل من الواقع السياسي المصري».

وقالت قيادات بالحزب الوطني إن الدكتور محمد رجب الأمين العام للحزب قبل قرار الحل، يتولى مهمة إنشاء الحزب الجديد، لكن رجب نفى أمس لـ«الشرق الأوسط» أي علاقة له بالحزب الجديد، قائلا «لا صلة لي بالأمر»، مؤكدا أن علمه بمساع لعدد من قيادات الحزب لتأسيس أكثر من حزب وليس حزبا واحدا.

وكانت لجنة النظام الانتخابي بمؤتمر «الوفاق القومي» الذي دعت له حكومة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء برعاية الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس وزراء مصر الأسبق قد أوصت مطلع الشهر الحالي، بحرمان قيادات حزب مبارك من العمل العام لمدة خمس سنوات، بما في ذلك حرمانهم من الترشح للانتخابات العمالية والمهنية، والانضمام لأحزاب أو تأسيس أحزاب جديدة. وشمل الحرمان أعضاء الأمانة العامة والأمانة النوعية والرئيسية، وأمناء الحزب الوطني بالمحافظات والمراكز والأقسام ورؤساء الوحدات المحلية.

لكن لا يزال من غير المعروف إن كانت حكومة شرف والمجلس العسكري (الحاكم حاليا) ينويان الموافقة على هذه التوصية أم لا. ويقول مراقبون إن «إجراءات من قبيل دعوة قيادات الحزب الوطني لمؤتمرات الحوار الوطني والوفاق القومي قد تشير إلى صعوبة الأخذ بهذه التوصية».

وقالت قيادة بالحزب الوطني فضلت عدم ذكر اسمها إن «أي قرار بحرمان أعضاء الحزب من العمل العام يفترض أن يطال عصام شرف (رئيس مجلس الوزراء) نفسه وعددا من وزرائه (باعتبار أنهم كانوا أعضاء في الحزب الحاكم سابقا)».

وتتحسب القوى المعارضة مما يصفونه بـ«خطر» عودة قيادات حزب مبارك لمقاعد البرلمان، سواء كأفراد أو عبر حزب جديد، فيما تختلف هذه القوى في طريقة مواجهتها لمن سموهم «فلول الحزب الوطني».

وفي وقت ترى فيه قوى حزبية جديدة، في تأجيل الانتخابات البرلمانية، فرصة لترسيخ وجودها وسط الناخبين، تعمل قوى أخرى على رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد الليبرالي على تشكيل ائتلاف حول «وثيقة وطنية»، لخوض الانتخابات البرلمانية.

وينتقد مراقبون عدم صدور قانون انتخابات البرلمان حتى الآن، مؤكدين صدور القانون متضمنا قرار الانتخاب بالقائمة النسبية بديلا عن الانتخابات الفردية، قائلين إن الانتخابات بنظام القوائم النسبية هو السبيل الوحيد لحماية البرلمان المقبل ممن أفسدوا الحياة السياسية في البلاد.