250 عائلة سورية فرت إلى لبنان بعد اشتباكات مع الجيش لتهريب جرحى

سعر الكلاشنيكوف ارتفع في لبنان ثلاثة أضعاف بسبب التهريب إلى سوريا

اطفال سوريون بداخل احد معسرات اللجوء ببلدة يايلادغي في مقاطعة هاتاي التركية امس (رويترز)
TT

يواصل سكان القرى السورية المحاذية للبنان مثل هيت والسماقيات والبويت والعويك التابعة لمحافظة حمص، نزوحهم إلى وادي خالد (شمال لبنان) منذ بعد ظهر الجمعة الماضي. ويقدر أهالي وادي خالد أن عدد النازحين في الأيام الثلاثة الأخيرة بلغ نحو 250 عائلة. وقال أحد السكان «غالبية نساء وأطفال هذه القرى السورية باتوا عندنا، فيما يذهب الرجال في الصباح لحماية ممتلكاتهم ويعودون في الليل». ويضيف «هذه القرى لم تتعرض لحصار أو قصف بعد، كما يحصل حاليا في القصير القريبة من حمص، وليس هناك من جيش يعترض الأهالي، لكنهم يتوقعون أن يبدأ الحصار عليهم والمداهمات في أي وقت بعد أن تم نقل ستة جرحى من تلك المناطق إلى الداخل اللبناني، مما تسبب في بعض الاشتباكات بينهم وبين الجيش السوري».

ويتفق أهالي وادي خالد، الذين التقيناهم أمس، على رواية واحدة تسببت في هذا التوتر. فيوم الجمعة الماضي وإثر مظاهرات «جمعة سقوط الشرعية»، وقع ستة جرحى لأهالي هذه القرى، واضطروا لنقلهم إلى لبنان عن طريق موارب كي لا يصطدموا بحواجز الجيش، لكن بوصولهم إلى قرية حاويت الحدودية التي يسكنها لبنانيون وسوريون بينهم شيعة وسنة، التقوا بحاجز عسكري سوري يضم أربعة أو خمسة عناصر. وعلى الأثر طلب ناقلو الجرحى النجدة من سكان قرى حدودية لبنانية وسورية لمساعدتهم، فهب ما يقارب 200 شخص واستطاعوا تخليص الجرحى، ونقلهم إلى مستشفيات عكار اللبنانية. وقال أحد أبناء هذه المنطقة الحدودية لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس «إن إطلاق نار حدث، بين الأهالي أنفسهم، حيث انقسم السكان بين من يريد مساعدة الجرحى على المرور ومن يريد مساندة الجيش السوري».

ونفا بعض السكان الذين سألناهم أن يكون قد وقع أي جريح عسكري سوري أثناء هذا الاشتباك، لكن التلفزيون السوري أعلن عن وقوع قتيلين، وهو ما يفسره أهالي وادي خالد على أنه «حجة اخترعها النظام السوري، لمهاجمة القرى الحدودية السورية. وهو السبب الرئيسي الذي جعل سكان هذه القرى يفرون من منازلهم إلى لبنان، خشية معاقبتهم، خاصة أن منطقة القصير القريبة من حمص، القريبة منهم، تشهد أحداثا متواصلة».

ويشرح لنا مصدر مطلع في منطقة وادي خالد أن «هذا التوتر في قرية هيت السورية الذي شارك فيه لبنانيون وسوريون، واشتبك خلاله شيعة وسنة، انعكس توترا على قرى حدودية لبنانية كثيرة». ويضيف «غير صحيح أن القرى الحدودية اللبنانية في عكار كلها معادية للنظام السوري، فهي منقسمة على نفسها، تماما كما الداخل السوري. ومنطقة الهرمل المحمية من حزب الله تبعد كيلومترات قليلة عن وادي خالد، وبالتالي فإن الأهالي يعتبرون أنه بمجرد أن ترجح الكفة إلى فئة دون غيرها في سوريا، فإن هذا سيجعل أنصارها في لبنان يشعرون بالانتصار، وبقدرتهم على البطش» ويكمل المصدر «هذا هو الرعب الذي تعيشه منطقة وادي خالد التي باتت ليست فقط على حدود الثورة السورية وإنما داخلها وجزءا منها».

ولا يخفي أهالي وادي خالد وحتى العالمون بشؤون تجارة السلاح في الشمال اللبناني بشكل عام، أن سعر الأسلحة ارتفع بشكل كبير بعد بدء الثورة في سوريا. فقد وصل سعر الكلاشنيكوف الروسي إلى ألفي دولار أميركي، بينما كان يباع بستمائة دولار فقط. ويقول أحدهم «ليتني اشتريت كلاشنيكوفا من قبل، فلا أحد يستطيع أن يتكهن بما يمكن أن يحدث في أي لحظة، قد نضطر فيها للدفاع عن أنفسنا. اليوم بات الحصول على قطعة سلاح أمرا صعبا». وبين أهالي وادي خالد من يعترف بصوت هامس بأن ثمة سوريين معارضين للنظام يشترون السلاح من لبنان، معتبرين أن «المعارضين إنما يفعلون ذلك لحماية أنفسهم كأفراد في حال تعرضوا للاعتداء، وليس في الأمر عصابات منظمة كما يدعي النظام». لكن آخرين يقولون إن «النظام نفسه يرسل برجالاته ليشتروا أسلحة من لبنان، ليعرضها على أنها صودرت من عصابات مسلحة. فقد سبق للتلفزيون السوري أن عرض أسلحة في بدء الأحداث على الشاشات، وتبين أنها تابعة لوزارة الدفاع السورية، فهي مختومة ومرقمة ومعروفة من قبل الناس. ولذلك فلا بد من أنواع غيرها لعرضها». تتعدد الآراء حول سبب ارتفاع سعر السلاح في لبنان عموما والشمال اللبناني خصوصا والجهة التي تشتريه في سوريا، لكنهم يتفقون جميعهم على أنه يذهب إلى سوريا وليس إلى أي جهة أخرى.

ويتحدث سكان وادي خالد عن أن الاتصالات مستمرة بينهم وبين أقربائهم في محافظة حمص، ومحافظات أخرى، وقال أحدهم لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس «نحن وسكان القرى السورية المجاورة لنا ننتظر أن تتم محاصرة قراهم في أي لحظة، ونحن متحسبون لهذا الأمر. فأقرباؤنا في حمص يقولون إن وضعهم صعب جدا وفي القصير أشد صعوبة، أما أقرباؤنا في حماة فيؤكدون لنا أن مدينتهم لم تعد تحت سيطرة النظام، ويخبروننا بأنهم يتظاهرون ليل نهار، وليس هناك من يستطيع أن يمنعهم. لقد باتت المدينة ملكهم يفعلون بها ما يشاءون. لكن ليس هذا وضع الناس في حمص والقصير فهم لا يزالون يعانون».