مصر: «النبش في الماضي» يطارد مرشحي الرئاسة المحتملين

آخرها دار حول علاقة موسى بتصدير الغاز لإسرائيل

مواطن مصري يمر أمام لوحة علقت عليها صور شهداء ثورة 25 يناير، في الوقت الذي أعلن فيه أهالي شهداء الثورة الدخول في اعتصام مفتوح أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) إلى حين تنفيذ مطالبهم (أ.ب)
TT

في حلقة جديدة من سلسلة مطاردة مرشحي الرئاسة المحتملين في مصر عبر النبش في ماضيهم السياسي والاجتماعي وربما الشخصي، يواجه الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة في مصر عمرو موسى، مزاعم نشرتها وسائل إعلام محلية بشأن وثائق عن علاقته بعملية تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، إبان توليه منصب وزير الخارجية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، لكن موسى وأنصاره استنكروا بشدة نشر الوثيقة قائلين إنه تم تفسيرها على غير ما كانت ترمي إليه، وإن نشرها بمثابة محاولة للاغتيال السياسي.

ويتعرض معظم مرشحي الرئاسة المحتملين في مصر إلى حملات إعلامية كثيرة تثير الجدل، وتزيد من غضب أنصارهم، بغض النظر عن صحتها، لكن المراقبين يرون أن من حق المجتمع البحث في ماضي أي شخص يريد أن يترشح للرئاسة ومواقفه وتاريخه.

ونشرت صحيفة «اليوم السابع» الخاصة أمس، وثيقة قالت إنها مسربة من وزارة الخارجية عبارة عن خطاب موجه من موسى بصفته وزيرا للخارجية آنذاك في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 1993، إلى وزير البترول المصري حينها المهندس حمدي البنبي، يتضمن تأكيد موسى موافقته حول استراتيجيات الغاز الطبيعي والبدء في الدراسات الأولية لتصدير الغاز الطبيعي لمنطقة غزة وإسرائيل. ونفى موسى ما تداولته وسائل الإعلام حول هذه القصة، وقال إن ما نشر «أمر مختلق وعار تماما عن الصحة»، وأضاف عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «لم أكن أبدا سببا في تصدير الغاز لإسرائيل، وهذا الاتهام خيانة عظمى لا أقبل به، وعملية اغتيال سياسي».

وفسر بيان صادر عن الحملة الرسمية لترشيح موسى للرئاسة أمس الهدف من «موافقة موسى» على تصدير الغاز المصري لإسرائيل في ذلك الوقت بأنه كان يهدف إلى «دعم موقف المفاوض العربي إبان توقيع اتفاقيات مدريد (في مطلع التسعينات) وحتى تعلم إسرائيل أن هناك العديد من المزايا التي ستحصل عليها في حال قرار السلام»، فيما اعتبر موسى ما نشر اتهاما يصل إلى مرتبة الخيانة العظمى «لا أقبل به، وعملية اغتيال سياسي». وأضاف البيان أنه «لا يصح لأي طرح يحترم الرأي العام ويستهدف موافاته بالحقيقة ودون مشاركة في عملية تزييف التاريخ، أن يخرج الأمور عن سياقها التاريخي»، مشيرا إلى أن «الوثيقة المطروحة تشير فقط إلى اتفاق وزير الخارجية في الرأي مع وزير البترول في أهمية البدء في الدراسات الأولية للتصدير إلى منطقة غزة وإسرائيل، في حين كان المقصود في الأساس هو إمداد قطاع غزة بالطاقة والسماح بالدراسات اللازمة لجدوى المشروع وهو ما لم يكن ممكنا بتاتا دون الإشارة إلى أن الهدف هو التصدير إلى منطقة غزة وإسرائيل».

وفسر البيان موافقة موسى على ذلك بالقول «الهدف من موافقته هو دعم موقف المفاوض العربي إبان توقيع اتفاقيات مدريد وحتى تعلم إسرائيل أن هناك العديد من المزايا التي ستحصل عليها في حال قرار السلام». واعتبر البيان أن موافقة موسى كانت بمثابة «حركة سياسية مطلوبة»، حيث قال إن «دراسة موضوع ما لهدف سياسي مثل الذي ذكر آنفا من دعم المفاوضين العرب يمثل حركة سياسية مطلوبة في ذاتها لأنها تلوح دون التزام ولا خط تنفيذي بمزايا هامة قد تؤدي إلى تنازلات إسرائيلية لصالح الجانب الفلسطيني بشكل خاص والعربي بوجه عام».

وشدد البيان على أنه «طالما الخطابات الرسمية في ملفات الدولة أصبحت تسرب وتهرب أو غير ذلك فسوف يطلب موسى من وزير الخارجية المصري فتح الملف بأكمله أمام الناس والرأي العام ليتأكد الموقف السياسي المعروف لوزارة الخارجية المصرية آنذاك وللوزير (موسى) شخصيا».

وكان موسى قد أبدى خلال جولاته الانتخابية بعد سقوط مبارك وإعلان نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، رفضه اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل من الأساس ووصفها بـ«الصفقة الاقتصادية الفاشلة». وسبق أن تعرض مرشحون آخرون ممن يعتزمون الترشح للرئاسة للعديد من الحملات التي استهدفت النبش في ماضيهم وحياتهم الخاصة. وتعرض الدكتور محمد البرادعي لاتهامات بأنه كان جزءا من مؤامرة أميركية للحرب على العراق بالإضافة إلى اتهامه بلعب دور في الملف النووي الإيراني وتأليب الدول الغربية ضد طهران مع تغاضيه عن ملف إسرائيل، وهو ما نفاه أنصاره في حينه.

وفور تنحي مبارك عن السلطة في 11 فبراير (شباط) الماضي، وطرح البعض نائبه السابق اللواء عمر سليمان كمرشح للرئاسة، كشفت وسائل الإعلام عن مجموعة من وثائق «ويكيليكس» تتحدث عن روابط وثيقة بينه وبين إسرائيل والولايات المتحدة. أما الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق، فبعد أن قام مؤيدون له برفع صوره في الميادين باعتباره مرشحا قادما للرئاسة، اتهم أيضا بالتستر على ملفات في وزارة الطيران المدني حين كان وزيرا لها في عهد مبارك، وأنه أسند بعض الأعمال الإنشائية بالأمر المباشر لصالح مقربين من الرئيس، وهو ما نفاه جملة وتفصيلا واعتبره كلاما مرسلا غير حقيقي.

وطالت الحملات الإعلامية المرشح الإسلامي المحتمل للرئاسة الدكتور محمد سليم العوا، وتحدثت وسائل إعلام وأنصار لمرشحين منافسين عن دفاعه كمحام عن قيادات من نظام مبارك المتهمين بالفساد، وتواطؤه مع إيران وحزب الله ضد مصر، حينما دافع عن خلية حزب الله المتهمة بالقيام بأعمال تخريبية في مصر قبل عامين.

ويرى مكرم محمد أحمد، نقيب الصحافيين في مصر، أنه من الطبيعي أن يتم النبش في ماضي من يريد الترشح للرئاسة، للتعرف على مواقفه وتاريخه وكل أبعاد شخصيته، وأنه من حق الرأي العام أن يعرف العام والخاص في حياة كل مرشح. وقال أحمد لـ«الشرق الأوسط»، إن الخاص والعام متداخلان في أي شخصية محورية مثل رئيس للجمهورية، خاصة أن الدستور المصري يعطي للرئيس سلطات واسعة جدا، وبالتالي يصبح من الضروري أن يقابل هذه السلطات الواسعة تحريات وتدقيق في اختيار الشخصية.

وأضاف نقيب الصحافيين: «هل لو عرف الشعب أن مرشحا ما للانتخابات الرئاسية كان كثير العلاقات النسائية أو سكيرا لا يفيق، هل يمكن أن يكون ذلك مقبولا». وقال مكرم إنه لا يحق لأي مرشح محتمل أن يغضب من النبش في ماضيه إلا في حالة الادعاء عليه بالخطأ.

على صعيد متصل، وفي اجتماع لمؤتمر الوفاق القومي الذي ترعاه الحكومة، أمس، نقلت المصادر عن الدكتور ماهر هاشم، مقرر لجنة القوات المسلحة بالمؤتمر، دعوته لإلغاء اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل، وقال إذا كان إلغاء الاتفاقية سيؤدي إلى أن نحارب إسرائيل فلا مشكلة.