الشيخ حازم أبو إسماعيل لـ «الشرق الأوسط»: سأستعين بنواب الحزب الوطني المنحل

المرشح المحتمل للرئاسة في مصر: منصب الرئيس ليس دينيا.. ومن يجهل ذلك لا يعرف الإسلام

الشيخ حازم أبو إسماعيل (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

اعتبر الشيخ حازم أبو إسماعيل المرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة المصرية، أن وضع المسيحيين في البلاد أفضل بكثير من وضع المسلمين في الولايات المتحدة، وقال «إن كل ما يقترحه المسيحيون بشأن المادة الثانية من الدستور أقل بكثير مما تمنحه لهم الشريعة الإسلامية».

ورفض أبو إسماعيل، الذي حل رابعا في استفتاء أجراه المجلس العسكري بمصر على موقع «فيس بوك» حول مرشحي الرئاسة، إقامة الدولة الدينية وتطبيق الحدود بشكل فوري دون أن تستكمل شروطها.

أبو إسماعيل الذي يعد أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين قليل الأحاديث الإعلامية بشكل عام، ولكنه قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بمقر حملته الانتخابية بضاحية الدقي (غرب القاهرة): «مرشحو الرئاسة الذين يعتبرون منصب الرئيس دينيا وليس سياسيا يجهلون الفكر الإسلامي الشرعي».

ولم يجد أبو إسماعيل، نجل البرلماني المصري الشهير الشيخ صلاح أبو إسماعيل صاحب واقعة صفع وزير الداخلية الأسبق زكي بدر في البرلمان، غضاضة في الاستعانة بأعضاء الحزب الوطني الديمقراطي «المنحل» للعمل كمستشارين في حال نجاحه في انتخابات الرئاسة ليثبتوا أنهم لم يخونوا مصر. وفي ما يلي نص الحوار..

* لماذا شرعت معظم التيارات الإسلامية في إنشاء أحزاب سياسية لها عقب الثورة؟

- لعدم وجود ضمانات كافية تتيح لهم الفرصة في المستقبل لإنشاء أحزاب من جديد، خاصة بعد المنع الذي عانوا منه طوال الثلاثين عاما الماضية، لذلك فالجميع يحاول الآن أن يضع له قدما في المجال السياسي.

* لكن ألا ترى أن ذلك يحول مصر لدولة دينية إسلامية؟

- مصر طوال تاريخها القديم والحديث دولة مدنية إسلامية وستظل كذلك، ونحن لا نسعى لتطبيق الدولة الدينية على الإطلاق، فدستورنا يشير إلى أننا بلد إسلامي.

* لكن البعض يرى أن برنامجك الانتخابي للرئاسة هو برنامج لدولة إسلامية، فهل ستسعى لفرض الطابع الديني حال نجاحك؟

- البرنامج الذي سوف أترشح به لا يحمل الطابع الديني، لكنه يتماشى مع أن الشعب المصري يرفض الأمور المحرمة الفجة، مثل صناعة الخمور والملاهي الليلية.

* لكن حديثك يحول منصب الرئيس من منصب سياسي إلى منصب ديني لتطبيق الشريعة؟

- إطلاقا، هو منصب سياسي في الأساس وليس دينيا على الإطلاق، ومن يطرحون ذلك الطرح يجهلون الفكر الإسلامي الشرعي وأنصحهم بقراءته، وبالمناسبة هو منصب ديني لدى العقائد الأخرى كالمسيحيين مثلا، لكني سأكون رئيس دولة صاحب قضية.

* هناك خلاف على مسألة تطبيق الشريعة، لكن طرح فكرة الشريعة الإسلامية يثير الكثير من الجدل حول وضع المسيحيين، كيف ترى ذلك؟

- عندما نتحدث عن الشريعة الإسلامية فإننا لا نتحدث عن الانتقاص من حقوق المسيحيين، فهم أحرار في تطبيق شريعتهم في ما يخصهم، ولن تكون هناك مشكلة تتلخص في الجهل بالشريعة الإسلامية سواء من قبل المسلمين أو غير المسلمين.

* المعروف أن القانون المصري وضعي فرنسي وغير مطابق للشريعة، فهل ستتم إعادة هيكلته من جديد بما يتوافق مع الشريعة؟

- القانون المصري تمت مراجعته بالكامل من هيئات رسمية في أوائل الثمانينات، وتم إقرار مسودة للقانون المصري بعد تنقيته مما يخالف الشريعة وذلك وفق طرق دستورية وقانونية معتمدة. ونحن من الأصل لسنا بعيدين عن تطبيق الشريعة، والمسألة مسألة ثقافية بالأساس، فنحن نتحدث عن مبادئ الشريعة وهي المرجعية الأساسية للقوانين والتشريعات، والشريعة في هذا الشأن عبارة اتجاهات وآراء كثيرة جدا، لكن ما أسعى إليه هو قانون على أعلى مستوى فني من حيث القانون الحديث، لكن موضوعه ومادته أنه يتبرأ من كل ما يخالف الشرع لأن شعب مصر يرفض كل ما يخالف الشريعة.

* وماذا عن إقامة الحدود؟

- الحدود ورد ذكرها في القرآن الكريم، وعلى المسلمين تحديد موقفهم منها، والشعب المصري لا يرفض مثلا تطبيق حد الحرابة على الآثمين الذين يروعون الآمنين، لأن الحدود ليست شيئا سيئا كما يظن البعض، لكن الحدود لا تطبق بشكل عاجل وفوري، فهي لا تطبق قبل استكمال شروطها التي تحتاج إلى وقت، وهذا لن يكون شاقا على الناس مطلقا.

* هناك المئات من القنوات الفضائية غير الدينية، والكثير منها ذات طابع فني أو غنائي وترفيهي، هل سيتم غلقها حال فوزك؟

- أنا مع أن تتنفس البلاد قدرا غير محدود من الحرية، ومع ممارسة المصريين لحريتهم السياسية بشكل حر وسلس، لذلك فلن يكون هناك منع لأي قناة أو وسيلة إعلام، ما دامت تلتزم بالآداب والأخلاق العامة، لكن سنمنع المواقع الإباحية وفق حكم قضائي.

* بصراحة، هل سيتم التعامل مع المسيحيين كمواطنين أم كأهل كتاب؟

- التعامل مع المسيحيين سيكون مثلما تتعامل الولايات المتحدة وفرنسا مع أقلياتها، ولن يحدث أبدا أن ننتقص من حقوق المسيحيين المادية أو التعليمية أو التجارية، ورغم كل ما يشاع عن وجود توتر بين الطرفين (المسلمين والمسيحيين) فإن وضع المسيحيين في مصر أفضل بكثير. وحل جميع المشكلات المثارة حاليا لن يكون إلا بتطبيق العدل وأن يحاسب المحرض، لكن المشكلة تكمن في الطبطبة على الطرفين.

* هناك جدل مثار حول قانون دور العبادة الموحدة، برأيك كيف يتم تنظيم الأمور المتعلقة ببناء الكنائس؟

- أعتقد أن المسيحيين لن يرضوا بتطبيق قانون العبادة الموحد، لأنه سيخضع الكنيسة للدولة من حيث الرقابة على مصادر الأموال التي تتلقاها ومواعيد الإغلاق، كما سيزيد من سيطرة الدولة على المساجد.

* وما الحل إذن من وجهة نظرك؟

- أي حل؟.. لا توجد أي مشكلة.

* مشكلة بناء الكنائس في مصر؟

- لا توجد مشكلة أصلا في بناء الكنائس، والمشكلة في بناء المساجد، فلا توجد زيادة عددية في المترددين على الكنائس مثلما يحدث في المساجد.

* أثارت المادة الثانية من الدستور جدلا حولها، ما موقفك منها؟

- كنا نقبل بتلك المادة في النظام السابق الذي أسقطته ثورة «25 يناير»، فهي مادة تحمل أوجها كثيرة ولا بد أن تكون صريحة بشكل لا يمكن الالتفاف حوله، خاصة أنها تعرضت للتطوير وفقا للأهواء السياسية، وكل ما يقترحه المسيحيون بشأنها أقل مما تعطيه لهم الشريعة الإسلامية.

* وهل سيتم تطبيق الجزية على المسيحيين؟

- الجزية هي علامة عدل، وهي ثمن عصمة دم المسيحي وعنقه من الاشتراك في الحروب بجيش المسلمين، حتى لا يظن البعض أن الإسلام يورط غير المسلمين في حروب يدفعون فيها حياتهم من أجل الأهواء الإسلامية، وإذا اختاروا عدم دفعها والدخول في الجيش فهم قطعا أحرار، فالإسلام لا يجبر أحدا على شيء.

* البعض يقول إن المسيحيين والمرأة سيعانون من تمييز سلبي قادم في ما يتعلق بالمناصب الحكومية، فكم مسيحيا وامرأة سيتم اختيارهم وزراء حال فوزك؟

- أنا لن أزين حكومتي بوزراء من دون حاجة لهم لمجرد أنهم ممثلون عن المرأة أو المسيحيين.

* التيار الليبرالي يرى أنه حال وصولك لسدة الحكم كممثل للإسلام السياسي ستنكل بهم ولن تختلف في تعاملك عن تعامل النظام السابق مع الإسلاميين..

- أنا ليبرالي جدا، وعندي رغبة في التفتح والانطلاق وعدم التقيد، وأميل للحيوية الفكرية، وإذا كانت الليبرالية تعني الانفلات من الشرع والدين فهي فئة ضالة والعكس صحيح، وإذا كانوا مع إنفاذ المحرمات وتحدي شرع الله فهو شيء غير مقبول.

* كيف ترى فرص فوزك بالرئاسة؟

- فرصتي غير مشكوك فيها إذا كانت الانتخابية نزيهة، فأنا جزء أصيل من الشعب وأغوص في أعماقه، وليس لي أي انتماء سياسي أو آيديولوجي.

* وكيف ترى بقية المرشحين للرئاسة؟

- أتمنى التوفيق لهم.

* أيهما يمثل خطرا عليك؟

- لا أهتم بحسابات المرشحين، لكني أراهن على رسالتي التي أحملها ومدى عزمي وصدقي العميق فيها.

* في حال وصولك للرئاسة، هل يمكن أن تستعين بأعضاء الحزب الوطني «المنحل»؟

- لن أعينهم وزراء، ولن أسمح لهم بالترشح في البرلمان، لكني سوف أسمح لهم بالعمل كمستشارين في هيئات استشارية، وسأضعهم وجها لوجه أمام ما فعلوه، فهم قاموا بتنفيذ سياسات قد تكون ذات نتائج خاطئة، وعليهم إثبات أنهم لم يخونوا تلك البلد، وقد أستعين بهم كي يساعدونا في الوصول للأموال المنهوبة.