مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط»: 7 دول أفريقية تهدد بمحاربة الناتو في ليبيا

طرابلس تجدد عرض إجراء انتخابات لإنهاء الصراع.. والقذافي لن يذهب إلى المنفى

مؤيدان للقذافي يرفعان شارة النصر في الساحة الخضراء بطرابلس أمس (أ.ب)
TT

كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط»، أن القمة الأفريقية المقرر عقدها في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية الخميس المقبل، تتجه لتبني قرار يدعو لوقف عمليات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا، استنادا إلى موقف متشدد لقادة سبع دول أفريقية، التي تشكل لجنة الوساطة لحل الأزمة، يقوم على خيارين هما: إما التوصل إلى تسوية سياسية ترضى جميع الأطراف وتقضي بوقف كل العمليات العسكرية، وإما انضمام هذه الدول إلى الحرب ضد الناتو.

وأكدت المصادر أن هذا الطرح ليس من قبيل المناورة أو التهديد وإنما هو عمل مطروح للتنفيذ الفوري، إذا لم تتوقف عمليات الناتو ضد المدنيين، مشيرة إلى أنه سبق لقادة أفريقيا أن تحدوا الحصار الذي كان مفروضا على ليبيا وقاموا بخرقه، واليوم تبقى الفكرة خاضعة للتكرار.

وأوضحت المصادر أن القمة الأفريقية ستبحث مجموعة من القضايا والتقارير المهمة الخاصة بأنشطة مفوضية الاتحاد الأفريقي وتقرير مجلس السلم والأمن في القارة بما في ذلك أنشطة لجنة الحكماء، وتقرير لجنة العشرة لإصلاح الأمم المتحدة، وبحث تحويل المفوضية إلى سلطة للاتحاد، مشيرة إلى أن الموضوع الليبي سوف يهيمن على أعمال هذه القمة، التي تقلت رسائل عدة من طرفي النزاع في طرابلس (حكومة القذافي) وبنغازي (المجلس الوطني الانتقالي المعارض)، تتعلق بموقف كل طرف في التسوية المطلوبة، إضافة إلى رسالة من تيار الوسط الليبي الذي يمثل الرؤية المعتدلة والمستقلة، والذي يرفض التعامل مع طرابلس وبنغازي، على حد سواء، لتورطهم في التدمير والقتل، وجلب قوات الناتو، ويطالب بحل سلمى سريع وعاجل ووقف التدمير الذي تتعرض له المدن الليبية.

إلى ذلك جددت الحكومة الليبية أمس عرضها إجراء انتخابات بشأن بقاء العقيد القذافي في السلطة، وهو اقتراح من المستبعد أن يثير اهتمام معارضي العقيد، لكنه قد يوسع الخلافات داخل حلف شمال الأطلسي، حسب ما ذكرت «رويترز».

وقال موسى إبراهيم، المتحدث باسم الحكومة الليبية للصحافيين في طرابلس، إن الحكومة تقترح فترة للحوار الوطني، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

وأضاف أنه إذا قرر الشعب الليبي ضرورة أن يرحل القذافي فسوف يرحل وإذا قرر الشعب أنه ينبغي أن يبقى فسوف يبقى. لكنه قال إن القذافي لن يذهب إلى المنفى مهما حدث. وأضاف أن «العقيد الليبي لن يذهب إلى أي مكان وسيبقى في بلده».

وكان سيف الإسلام، أحد أبناء القذافي، طرح فكرة إجراء انتخابات لأول مرة في وقت سابق هذا الشهر.

وفقد الاقتراح قوته حين بدا أن رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي يرفضه. وفي ذلك الوقت رفضته أيضا المعارضة المسلحة للقذافي في شرق البلاد كما رفضته واشنطن.

ويقول كثير من المحللين إن القذافي وعائلته لا يعتزمون التخلي عن السلطة. ويقولون إنه بدلا من ذلك، يطرح العقيد الليبي إمكانية إبرام صفقة لمحاولة توسيع الصدوع التي بدأت تظهر في الائتلاف الذي يضيق الخناق عليه.

ويمكن لاقتراح إجراء الانتخابات أن يجد قبولا أكبر هذه المرة، خاصة بعدما سقطت قنبلة لحلف الأطلسي على منزل في طرابلس يوم 19 يونيو (حزيران) مما أسفر عن مقتل مدنيين.

وبعد هذا الحادث قالت إيطاليا عضو الائتلاف إنها تريد تسوية سياسية. وقالت أيضا إن الخسائر البشرية المدنية تهدد مصداقية حلف الأطلسي.

ومني العقيد الليبي بهزيمة إعلامية حين انشق أربعة من أفراد المنتخب الوطني لكرة القدم و13 شخصية أخرى في مجال كرة القدم وانضموا إلى المعارضين، حسب ما أعلنه المجلس الانتقالي الوطني المعارض.

ويشجع الليبيون الرياضة بشغف، وارتبط المنتخب الوطني بقوة بحكم القذافي. وفي وقت ما كان ابنه السعدي يلعب ضمن الفريق.

وردا على سؤال عن الانشقاقات، قال المتحدث الحكومي إن فريق كرة القدم الليبي مكتمل ويؤدي كل واجباته داخل البلاد وخارجها.

وجاء إعلان أن القذافي لن يترك الحكم أو البلد، ردا على الثوار الذين قالوا إنهم يتوقعون «عرضا» منه.

وكان عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي للثوار صرح مساء أول من أمس في بنغازي: «نتوقع تلقي عرض قريبا جدا. لقد بات (القذافي) مخنوقا». وتابع: «نريد أن نحقن الدماء ومن ثم نريد إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن»، مضيفا: «تركنا له دائما مخرجا». وأوضح غوقة أن المجلس الوطني الانتقالي ليس على اتصال مباشر بالقذافي، لكنه استشف ذلك من الاتصالات التي تجري مع كل من فرنسا وجنوب أفريقيا. وقال: «اختار نظام القذافي هذين البلدين لتقديم مقترح للمجلس الوطني الانتقالي، ولكننا لم نتلق شيئا حتى اللحظة».

إلى ذلك، حذر رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما أمس حلف شمال الأطلسي (الناتو) من استخدام حملته العسكرية في ليبيا لغرض «الاغتيال السياسي» لمعمر القذافي.

وكانت جنوب أفريقيا صوتت لصالح قرار للأمم المتحدة بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، وهو ما يستند إليه الحلف الأطلسي لتبرير حملته، ولكن زوما وجه انتقاده الأشد حتى الآن لـ«الأطلسي» محذرا الحلف من تجاوز التفويض الممنوح له.

وقال زوما: «تعرب لجنتنا ويعرب الاتحاد الأفريقي عن قلقهما إزاء استمرار القصف الأطلسي؛ إذ إن هدف القرار 1973 كان حماية الشعب الليبي وتسهيل المهام الإنسانية».

وتابع، في بدء محادثات في بريتوريا للجنة الاتحاد الأفريقي لليبيا: «لم يكن الهدف من القرار السماح بحملة لتغيير النظام أو للاغتيال السياسي»، بحسب نص الخطاب الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف: «تشهد الجبهة العسكرية جمودا على الأرض لا يمكن السماح له بالاستمرار بلانهاية، وذلك لتكلفته المروعة بالنسبة للمدنيين ولما قد يحدثه ذلك من زعزعة لاستقرار المنطقة». وقال: «تطالب شعوب أفريقيا بنهاية فورية للصراع في ليبيا وببدء عملية ديمقراطية هناك».

وحض زوما كلا من القذافي والمجلس الوطني الانتقالي للثوار على الاتفاق على حلول وسط. وأضاف: «لا بديل من حل سياسي في ليبيا. نناشد أشقاءنا وشقيقاتنا في السلطة وفي المجلس الانتقالي التحلي بالشجاعة».

والتقى زوما زعماء موريتانيا وأوغندا ومالي فضلا عن وزير خارجية الكونغ- برازافيل، لإيجاد سبل للدفع بـ«خارطة طريق» أفريقية لليبيا.

وتدعو الخطة الأفريقية لوقف إطلاق النار وإجراء الإصلاحات اللازمة «للقضاء على أسباب الأزمة الراهنة»، غير أن الثوار يصرون على ضرورة تخلي القذافي عن السلطة كشرط مسبق لأي اتفاق.

يذكر أن القذافي استغل الاتحاد الأفريقي كثيرا كأداة لتعزيز طموحاته الشخصية في القارة، ولا يبدي العقيد الليبي، الذي تولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي عام 2009، حتى الآن تجاوبا مع مساعي الاتحاد لحل الأزمة.

وقال زيزي كدوا، المتحدث باسم زوما، إن الرئيس الجنوب أفريقي أبلغ خلال المحادثات التي تجري في بريتوريا، اللجنة الأفريقية بما جرى خلال اجتماعه بالقذافي في طرابلس.

وكان زعماء أفارقة آخرون قد انتقدوا قصف الحلف الأطلسي، غير أن زوما وجه انتقادا أيضا للقذافي متهما النظام الليبي بـ«انتهاك مروع لحقوق الإنسان ضد شعبه». وتضم اللجنة الأفريقية رئيس مالي أمادو توماني توريه، ورئيس أوغندا يويري موسيفيني، فضلا عن وزير الخارجية الكونغولي باسيل إيكوويبي.

ومن المقرر أن يعد أعضاء اللجنة تقريرا يرفع إلى قمة الاتحاد الأفريقي التي تبدأ في غينيا الاستوائية الخميس المقبل ، بحسب المتحدث الرئاسي الجنوب أفريقي.