نزاع علاوي والمالكي يشل الحكومة العراقية

جنرال أميركي: أعتقد أن العراقيين يمرون بوقت عصيب للغاية

TT

بعد 15 شهرا من الانتخابات التي كان المفترض أن ترسي أسس مستقبل العراق، لا تزال الحكومة العراقية تعيش حالة من الشلل الفعلي نتيجة الصدام بين كبار قادة القوى السياسية في العراق الذين يرفضون الجلوس سويا للحوار.

وأسهم هذا الشلل في ارتفاع وتيرة العنف والمزيد من تعقيد المفاوضات الخاصة حول أكثر الأسئلة صعوبة وإثارة للانقسام التي تواجه البلاد، وهو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستحتفظ بقوات طارئة في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية المفترض نهاية العام الحالي؛ إذ كلما امتدت الأزمة ازدادت صعوبة عكس أو خفض وتيرة انسحاب ما يقرب من 48 ألف جندي أميركي، هذه الوتيرة التي ستتسارع خلال الأشهر القليلة المقبلة.

كان ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي قد شهد توقيع الزعيمين العراقيين إياد علاوي، زعيم القائمة العراقية، ورئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، اتفاقا لتقاسم للسلطة، لكن حتى الآن لم يتمكن الرجلان من الاتفاق حول الشخصيات التي ستدير وزارتي الداخلية والدفاع، أهم الوزارات في الحكومة. ولم تتمكن الولايات المتحدة، بدورها، من إنهاء هذا النزاع، وهو ما يؤكد لبعض المحللين والعراقيين تراجع نفوذها في العراق. وإلى الآن لم يشارك علاوي، الذي فاز تكتله بأغلبية الأصوات في الانتخابات الماضية، في جلسات البرلمان، بينما يدير المالكي الحكومة بمفرده، ويهدد مساعدوه بمقاضاة علاوي لوصفه إياهم بالطغاة الكذابين والزعم بأنهم مدعومون من إيران.

كان من أبرز نتائج تصاعد الأزمة بين الفريقين تزايد عمليات الاغتيالات السياسية والهجمات على القواعد الأميركية بشكل واضح. ويقول جابر الجابر، عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية: «هذا أكبر نزاع نشهده منذ عام 2003، وسيتواصل في التصاعد ما لم يتم التوصل إلى حل، وهذا هو ما يثير قلقنا».

وعطل تعيين قيادات لوزارتي الداخلية والدفاع القرارات الخاصة باستهداف الإرهابيين وجعل الحكومة غير قادرة على تقييم قدراتها العسكرية خلال تقييمها لما إذا كانت ستطلب من الولايات المتحدة الإبقاء على قوات أم الشروع في الانسحاب، بحسب مسؤولين أميركيين. ويقول الجنرال جيفري بيوكانن، المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق: «أعتقد أنهم يمرون بوقت عصيب للغاية في القدرة على القيام بحوار عقلاني واعٍ والاستكشاف الكامل لقدراتهم وحدودهم من دون وجود وزيرين للداخلية والدفاع». وأضاف: «هذه قرارات كبيرة، فهل ستجتمع الحكومة لاتخاذ هذه القرارات أم أن شخصا سيتخذ هذا القرار بانعزالية عن باقي قيادات المجتمع العراقي؟ لذلك أعتقد أن هذا هو السبب في أنني أرى أن القضايا كلها متشابكة».

وسمح اتفاق السلطة الذي أبرم في ديسمبر الماضي لعلاوي بترشيح وزير للدفاع، مع موافقة المالكي على هذا الاختيار. كما قيل أيضا إن علاوي سيصبح رئيسا لمجلس استراتيجي ضخم لم يحدد كان يفترض به أن يكون ذا ثقل مكافئ لرئيس الوزراء. لكن الاتفاق تداعى في الجلسة الأولى للبرلمان مع تعيين المالكي نفسه وزيرا للداخلية والدفاع، بزعم أن الحالة الأمنية الهشة التي تعانيها البلاد تجعله بحاجة إلى مزيد من الوقت لتمحيص المرشحين. وواصل المالكي رفضه لتعيين وزراء في كلتا الوزارتين، زاعما أن الكثير من الأسماء التي قدمها علاوي لم تكن مناسبة. وقد رفض المالكي أيضا منح المجلس الاستراتيجي أي سلطات بزعم أنه غير دستوري، وقد رفض علاوي رئاسة المجلس.

ويقول كنيث بولاك، الخبير في قضايا الأمن القومي في معهد بروكينغز في واشنطن: «في أعقاب فشل الولايات المتحدة في تشكيل الحكومة التي أرادت في أعقاب الانتخابات، طالبت بتشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم على حل كل القضايا السياسية وتجعلها ضمن الحكومة. وهناك اعتراف واسع النطاق الآن بين المسؤولين الأميركيين على أن عدم الحسم بشأن الفاعلية كان خطأ».

وقد غذت التوترات القائمة بين الرجلين القضايا الطائفية العالقة. وعلى الرغم من عمل علاوي مع الولايات المتحدة للإطاحة بنظام صدام حشين وحزب البعث، فإن أعضاء في قائمة المالكي وصفوا علاوي بـ«البعثي».

يقول حسين الأسدي، أحد قادة تكتل المالكي: «إنه يمارس السلطة كما كان البعثيون يتصرفون؛ فهو يؤمن بمبادئ البعث».

وخلال المظاهرة الأخيرة التي جابت شوارع بغداد، داس أنصار المالكي صورة علاوي بأقدامهم، واصفين إياه بالإرهابي واعتدوا على المتظاهرين المعارضين للمالكي بالعصي. وزعم المتظاهرون أن صورة لعلاوي مع رجل تقول السلطات الأمنية إنه كان مسؤولا عن مذبحة خلال عرس في 2006 خلفت 70 قتيلا تثبت أنه ذاته إرهابي. وبعد أيام قلائل من الاحتجاجات صعد علاوي من لهجته ووجه خطابا متلفزا إلى العراقيين قال فيه إن المالكي قام بتجنيد المتظاهرين لتشويه صورته. وزعم أيضا أن المالكي وأعضاء حزبه هم «خفافيش الظلام». ورد معاونو المالكي بأنهم سيعمدون إلى مقاضاة علاوي وسيبطلون عضويته من البرلمان لرفضه حضور الجلسات.

ويضيف الدكتور بولاك: «الدول التي تواجه صراعات مدنية عادة ما تتحول إلى حروب مدنية طوال الوقت. أنت بحاجة إلى التقدم في النظام السياسي للخروج من مسار الحرب الأهلية. وإن لم تنجح العملية السياسية سيصاب الأفراد بحالة من الإحباط تدفعهم إلى الاحتكام إلى العنف. وأعتقد أن علينا أن ننظر إلى العنف المتزايد كمقدمة لعملية خطيرة للغاية».

* خدمة «نيويورك تايمز»