أوباما يخشى مماطلة طالبان في مفاوضات السلام

كرزاي لن يطلب من واشنطن العودة عن قرار الانسحاب إذا تدهور الوضع الأمني

TT

قالت مصادر في البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما يخشى أن المفاوضات مع حركة طالبان الأفغانية، عندما تبدأ، ستكون بطيئة ومتوترة، وإن عددا من مستشاري أوباما الذين عارضوا الاتصالات التمهيدية مع طالبان يقولون له إن طالبان تخطط لاستغلال المفاوضات، ليس لحسمها بالوصول إلى اتفاقية سلام سريعة، ولكن لتطويلها لإثبات أن القوات الأميركية لم تنسحب من تلقاء نفسها، ولكن تحت ضغط المقاتلين التابعين لطالبان.

وقالت المصادر إن الرئيس أوباما ومستشاريه ليسوا متأكدين من أن طالبان «ترغب في التفاوض»، أو «حتى إعلان أسماء الذين سيمثلونها في المفاوضات» المنظمة. هذا بالإضافة إلى أن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي قد نأى بنفسه عن المحادثات، وأن هذا جعل المسؤولين في واشنطن يشكون إذا كان كرزاي «مستعدا لمشاركة طالبان في العملية السياسية».

وأضافت المصادر أن باكستان تشكل مشكلة ثالثة، وذلك لأن باكستان، التي لها علاقات قوية مع طالبان، صارت تنأى عن العلاقات الوثيقة التي ربطتها مع الولايات المتحدة تحت شعار «الحرب ضد الإرهاب». وأيضا، بسبب غضب كثير من الباكستانيين من الهجمات التي تقوم بها طائرات «درون» (طائرات دون طيار) على الإرهابيين المشتبه فيهم داخل باكستان.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن الرئيس أوباما لم يتحدث علنا عن المفاوضات التمهيدية مع طالبان. وكان الرئيس الأفغاني كرزاي كشف، قبل أسبوعين، عن أن هناك اتصالات مع طالبان، وأن الولايات المتحدة تشترك فيها. وبعد صمت يومين، أكد الخبر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس. لكن، قال الوزير إن الأمور لا تزال في مراحل أولية جدا. وقال إن القوات الأميركية ستواصل الحرب المكثفة ضد طالبان، وإن طالبان ستضطر إلى التفاوض تحت الضغط العسكري الأميركي.

وأشار الرئيس أوباما أول من أمس، بطريقة غير مباشرة، إلى المفاوضات مع طالبان. وقال لجنود في قاعدة «فورت درام» (ولاية نيويورك): «بسبب تضحياتكم، هناك دلائل على أن طالبان قد تكون مهتمة بالتوصل إلى تسوية سياسية»، وأضاف: «هذه ستكون في نهاية المطاف حاسمة بالنسبة إلى ترسيخ السلام في ذلك البلد».

وقالت المصادر إن أوباما يبدو متشائما من الاتصالات الأولية التي حدثت حتى الآن مع طالبان، وإن مواقف طالبان غامضة في أحسن الحالات.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أخبار سابقة بأن مسؤولين أميركيين شاركوا في ثلاثة اجتماعات هذا العام مع أفغاني يتكلم بالإنجليزية، وكان مساعدا شخصيا لقائد طالبان الملا محمد عمر، وأن الاجتماعات، عقدت في ألمانيا وقطر، وأن الجانب الأميركي لم يتفاءل لأن جزءا كبيرا من الاتصالات كان لإثبات هوية الرجل. وحتى هذه لم تكن حاسمة ومؤكدة.

وأيضا، قالت أخبار سابقة إن شخصا يدعى الملا محمد طيب أغا، يقال إنه كان مساعدا للملا عمر، اعتقل من قبل السلطات الباكستانية في العام الماضي، وإن اعتقاله جعل مسؤولين أميركيين يفترضون أنه كان بدأ التفاوض باسم طالبان، لكن لم ترض عنه السلطات الباكستانية.

وقال واحد من هؤلاء المسؤولين الأميركيين: «نحن في مرحلة مربكة جدا، وإن الاتصالات لا يمكن أن تسمى (مفاوضات)، ناهيك بأن تكون (مفاوضات سلام)».

وقال مايكل اوهانلون، خبير في معهد «بروكنغز» بواشنطن: «لا يمكن حقا أن تكون هناك صفقة حول الخطوط الأساسية الحمراء لأنها خطوط أساسية حمراء»، إشارة إلى طلبات يرفضها الجانب الآخر.

وقال مراقبون في واشنطن إن إعلان الرئيس أوباما، في السنة الماضية، أن القوات الأميركية ستنسحب من أفغانستان نهائيا سنة 2014، جعل طالبان تتفاءل بأنها، في النهاية، سوف تنتصر. هذا بالإضافة إلى أن الموعد المحدد اتفقت عليه الولايات المتحدة مع الدول الأوروبية. لهذا، تأمل طالبان في انسحاب كل القوات الأجنبية، ليس بالضرورة في أسرع فرصة ممكنة، ولكن بصورة تجعل طالبان تبدو منتصرة أمام الرأي العام العالمي.

من جهة أخرى, أعلن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، أنه لن يطلب من نظيره الأميركي باراك أوباما العودة عن قرار سحب القوات الأميركية إذا تدهور الوضع الأمني في أفغانستان.

وقال «لن أقوم بذلك، إنها مسؤولية الشعب الأفغاني أن يحمي بلاده وأن يضمن الأمن».

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن الأربعاء عن سحب ثلث القوات الأميركية المنتشرة في أفغانستان بحلول صيف 2012، أي 33 ألف عنصر، مبررا ذلك بالضربة التي لحقت بتنظيم القاعدة بعد 10 سنوات على اجتياح هذا البلد.