«الملياردير الأعزب» رئيسا لـ«القضية العادلة» في روسيا

بروخوروف يريد استمالة الشبان لحزبه.. وقد يخوض سباق الرئاسة العام المقبل

ميخائيل بروخوروف (أ.ب)
TT

انتخب الملياردير ميخائيل بروخوروف ليكون رئيسا لحزب سياسي روسي، وذلك في أول مغامرة لرجل أعمال بارز في الساحة السياسية هنا خلال قرابة عقد من الزمان. وظل بروخوروف، لاعب السلة طويل القامة الرشيق، والمالك لفريق السلة «نيوجيرسي نتس»، بعيدا عن الأضواء لأعوام، وكان يحصر ظهوره خارج غرفة مجلس الإدارة على الفعاليات الرياضية. وعلى الرغم من ذلك أصبح مؤخرا محل اهتمام كبير، ومن المقرر أن يلعب دورا مهما في الساحة السياسية الروسية، وإن كانت ملامح هذا الدور لم تتحدد بعد.

وبقامة أطول من معظم مَن كانوا في مؤتمر للحزب أقيم بمركز تجاري انتشرت فيه ملصقات وشعارات سياسية مثل «الحرية والعدالة والنظام»، تقدم بروخوروف ليصافح الناس ويلقي بالنكات ويجذب الأضواء.

ومما يثير الفضول والاهتمام عدم استبعاد بروخوروف، الذي يبلغ من العمر 46 عاما ويعرف بـ«الملياردير الأعزب» لولعه بحضور حفلات داخل أندية ليلية مع عارضات روسيات، خوض الانتخابات الرئاسية. ولكنه قال عند انتخابه أول من أمس، إن أي قرار سيأتي بعد الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وسيعتمد ذلك على أداء حزبه «القضية العادلة» خلال هذه الانتخابات.

وفي كلمته، تعهد بأن يحدث تغييرات في المنظومة السياسية الروسية الراكدة في الغالب. ويبدو أن السؤال المحوري في دوره الجديد داخل الساحة السياسية يتعلق بمقدار التغيير الذي يجب عليه القيام به، ما دام أن الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين لا يزال الشخصية الأقوى في البلاد.

وفي السابق كان حزب «القضية العادلة» يتخذ منحى مناهضا صراحة للكرملين، ولكن بعد ذلك أصبح الحزب تحت قيادة شخصيات موالية. وفي كلمته يوم السبت، أوضح بروخوروف أنه يعارض الحزب السياسي الذي أسسه بوتين، ويدعى «روسيا المتحدة». وقال إن حزب «القضية العادلة» سيواجه حزبه خلال الانتخابات. ولكن في مؤتمر صحافي لاحق، أشار إلى أنه ربما لا يوجه انتقادات صريحة لفلاديمير بوتين بصورة شخصية. وقال إن بوتين لا يكون دائما على توافق كامل مع حزب «روسيا المتحدة».

وقال بروخوروف: «لنطرح سؤالا صريحا: هل لدينا منظومة متعددة الأحزاب؟ بالطبع لا». وحدد هدفه في إيجاد حزب يستطيع أن يكون جزءا من مثل هذا النظام داخل روسيا. وقال: «يجب أن يكون لدينا حزبان على الأقل. ولا يوجد حاليا سوى حزب واحد. ونحن على خصومة مع أي احتكار سياسي، وأي احتكار آخر، سواء كان روحيا أو طبيعيا أو اقتصاديا. موجود في جميع الكتب الدراسية أن الاحتكار عدو التنمية».

وفي الوقت نفسه، قال بروخوروف، الذي يحظى بجاذبية لثروته وحبه للرياضة في الداخل والخارج، إنه لن ينضم إلى المجموعة الصغيرة والمنشقة التي تضم شخصيات معارضة تنظم احتجاجات في الشوارع داخل روسيا.

وقال بروخوروف: «أقترح إلغاء كلمة (معارضة) من قاموسنا. وبالنسبة إلى مواطنينا، ترتبط كلمة معارضة بلاعبين على الهامش ليس لهم علاقة بالواقع».

وحدد خريطة لاستعادة حريات سياسية تراجعت تحت حكم بوتين، مثل الانتخاب المباشر للعمداء وبعض أعضاء البرلمان وتحسين شروط العمل التجاري. وقال إن ناخبيه المحتملين هم رجال أعمال صغار وليبراليون أخرجوا من الساحة السياسية الروسية خلال الأعوام الأخيرة. وقال: «ناخبونا مواطنون شباب يريدون أن يحددوا لأنفسهم كيف يعيشون، وسنعطيهم هذه الفرصة».

وأشارت هذه الفاعلية إلى ميلاد حركة سياسية جديدة داخل روسيا، وتحدث مشاركون عنها بهذه الطريقة، على الرغم من أن إنشاء الحزب تم تنسيقه فيما يبدو مع مسؤولين حكوميين روس قبل الانتخابات البرلمانية في فصل الخريف. ولكن تظهر فيه سمات مناورة سياسية استخدمها بوتين من قبل وتعتمد على استقطاب منظمات معارضة من خلال الترتيب لتتولى المسؤولية شخصيات مستقلة اسما، وموالية على الحقيقة.

وحتى عام 2003، حصل كيان سابق لحزب «القضية العادلة» على دعم من القطب ميخائيل خودوركوفسكي، الذي سجن في تهم بالتحايل الضريبي والاختلاس. ويوم السبت قال بروخوروف إن المحاكم الروسية يجب أن تطلق سراح خودوركوفسكي بشروط.

وبدوره، قال كونستانتين ريمتشوكوف، رئيس تحرير صحيفة «نيزافيسيمايا»: «حتى لو كان الكرملين غير معترض على ذلك، أو ليس له علاقة بذلك، ليس هناك ما هو أسوأ من الأعوام الثمانية الماضية من دون حزب ليبرالي» داخل البرلمان. وأضاف ريمتشوكوف: «في روسيا تأتي كل الأشياء الطيبة من أعلى وليس من أسفل. انظر إلى خروتشوف وغورباتشوف ويلتسين».

يشار إلى أن بروخوروف كون ثروته في مجال المعادن والتعدين كمالك مشارك لمصنع النيكل الأكبر في العالم. وفي توقيت وقع مصادفة، باع حصته في عام 2008 في ذروة السوق، ودخل فترة الركود العالمي ومعظم ثروته نقدا. وقدرت مجلة «فوربس» مؤخرا صافي ثروته بقرابة 18 مليار دولار.

وإلى جانب خطواته الأخيرة داخل الساحة السياسية، فقد اتجه بروخوروف للاستثمار. وفي عام 2009، اشترى نادي «نتس» وحصة في مشروع «أتلانتك ياردس» داخل بروكلين بنيويورك. وقال إنه سيضخ بعضا من ثروته الشخصية في الفريق، وسيستخدم ذكاءه التجاري لتحسين أدائه.

* خدمة «نيويورك تايمز»