تركيا تزيد ضغوطها على سوريا.. وتحذر من سيناريوهات غير مرغوبة

ضباط سوريون كبار يطلبون اللجوء السياسي.. ووفد من المعارضة السورية في أنقرة لإجراء محادثات

متظاهرون سوريون في الأردن يحملون صورة رئيس الوزراء التركي خلال مظاهرة أمام السفارة التركية في عمان أمس (رويترز)
TT

تواصلت الضغوط التركية على النظام السوري للمطالبة بإجراء «الإصلاحات وتنفيذ الوعود» التي يطلقها الرئيس السوري بشار الأسد بالإصلاح، فيما كانت المنطقة الحدودية بين البلدين تشهد حركة غير اعتيادية مع ازدياد وتيرة التحركات السورية. وتكثفت الإجراءات التركية في المقابل، والتي كان آخرها إقفال مؤقت للحدود من الجهة التركية. وفيما اتهمت مصادر سوريا تركيا بأنها سعت من خلال هذا الإقفال إلى عدم تمكين مواطنين سوريين من المشاركة في مظاهرة نظمت في أنطاكيا تأييدا للنظام السوري، وشجبا لـ«التدخل التركي» في سوريا، قالت مصادر رسمية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن إقفال الحدود لبضع ساعات فقط كان لأسباب تقنية، تتعلق بإجراءات جديدة باشرت السلطات التركية القيام بها على الحدود بين البلدين بعد ارتفاع حدة التوتر عليها جراء الانتشار العسكري السوري.

وأوضحت المصادر أن تركيا «لا تنظر بارتياح إلى التحركات السورية التي من شأنها أن تزيد في حدة التوتر وتفتح الباب أمام سيناريوهات غير مرغوب بها»، محذرة من أن «استمرار سوريا في الطريق نفسه فيما يتعلق بالتعامل مع مطالب الشعب من شأنه تأجيج الأزمة وإراقة المزيد من الدماء». وأشارت إلى أن «تركيا لا تزال على تواصل مع القيادة السورية، وهي لا تنفك تقدم النصح علّه يجد آذانا مصغية في نهاية المطاف»، موضحة في المقابل أن «تركيا على اتصال مع المعارضة السورية، التي سيزور وفد منها أنقرة في فترة قريبة للاستماع إلى ما لديهم». ونفت المصادر ما تردد عن «تنسيق أميركي - إسرائيلي - تركي» وتبادل للمعلومات حول الوضع السوري، لكنها أشارت إلى أن الاتصالات السياسية «مفتوحة مع الولايات المتحدة الأميركية في ما يتعلق بالأزمة السورية، وأن الرئيس (الأميركي باراك) أوباما عبر عن اهتمامه بالأفكار التركية في ما يتعلق بالطرق الواجب اعتمادها للتعامل مع الأزمة»، مشيرة إلى أن تركيا لا تزال تفضل قيام الرئيس بشار الأسد بإصلاحات تجعل الشعب السوري قادرا على التعبير عن نفسه بحرية وشفافية عبر قانون عصري للأحزاب وقانون للإعلام وإلغاء المادة الـ8 من الدستور التي تنص على وحدانية حكم «البعث»، بالإضافة إلى إطلاق حرية الإعلام والتجمعات.

وقالت المصادر إن هذه الإصلاحات، مترافقة مع محاسبة الذين ارتكبوا «الجرائم بحق المدنيين»، من شأنها أن تفتح صفحة جديدة لأن ما حصل في سوريا يظهر بوضوح أن القمع لن يؤدي إلى أي نتيجة. ميدانيا، ذكرت معلومات تركية، من منطقة أنطاكيا الحدودية، أن عددا من المنشقين السوريين الموجودين في «ضيافة» الجيش التركي هم من أصحاب الرتب الكبيرة في الجيش، مشيرة إلى أن من بين الفارين من سوريا ضابطين برتبة عقيد وضابطين برتبة نقيب، بالإضافة إلى مقدم وملازم، طلبوا اللجوء السياسي إلى تركيا. وقالت المصادر إن هؤلاء الضباط سينقلون إلى مراكز مختلفة عن تلك التي أعدت للاجئين إلى حين البت في طلبهم من قبل السلطات التركية المختصة.

وكان مراسل لصحيفة «ستار» التركية قال في مقال نشره أمس إنه تمكن من الدخول إلى قرية جسر الشغور، مشيرا إلى أنه دخل إلى بيت شخص يدعى رستم عبدلي كان ينقل الطعام للعالقين عند الحدود «قتل بطريقة بشعة على يد الجيش السوري وابنه أما بناته فمصيرهن مجهول». ونقل المراسل عن شهود عيان في القرية أن «رئيس المخابرات اتهم رستم بمساعدة النازحين وبعد أن تعرض للضرب المبرح أطلق عليه النار مع ابنه الصغير البالغ من العمر 5 سنوات».

من جهتها قالت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء إن أكثر المئات من اللاجئين السوريين عبروا الحدود التركية حين وصل الجيش السوري إلى منطقة الحدود المشتركة في إطار حملته للقضاء على الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وقالت حكومة إقليم هاتاي التركي يوم الجمعة إن إجمالي اللاجئين المسجلين في المخيمات المؤقتة بلغ 11739 لاجئا مقارنة باليوم السابق وهو 10224 لاجئا.

ومعظم الوافدين الجدد على الأراضي التركية هم لاجئون أقاموا في بادئ الأمر خياما مؤقتة داخل الأراضي السورية على الحدود ثم فروا إلى الجانب التركي من الحدود لدى ظهور الجيش. وتوطدت العلاقات بين تركيا وسوريا في السنوات القليلة الماضية ولكن أنقرة أصبحت أكثر انتقادا للإجراءات القمعية التي تستخدمها قوات الأمن التابعة للرئيس السوري بشار الأسد.

إلى ذلك احتشد مئات السوريين الذين يقيمون في الأردن أمام السفارة التركية في عمان أمس، للتعبير عن شكرهم لموقف أنقرة من الانتفاضة الشعبية في سوريا. وردد المتظاهرون الذين حملوا صور رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا ولوحوا بالأعلام التركية هتافات تطالب بالحرية وطالبوا الدول العربية بالتحرك. وقالت غادة سعدة التي شاركت في المظاهرة إن المتظاهرين يريدون التعبير عن سعادتهم ودعمهم لموقف رئيس وزراء تركيا والشعب التركي تجاه الشعب السوري. وخرج السفير التركي في عمان علي كوبرولو للترحيب بالمتظاهرين والحديث مع عدد منهم.