«الجنائية الدولية» تصدر مذكرة توقيف بحق القذافي ونجله ورئيس المخابرات

عبد الجليل: العدالة تحققت * راسموسن: تأكيد لعزلة العقيد

سيدة ليبية في بنغازي تجر مجسما للعقيد الليبي معمر القذافي بعدما تلقت خبر صدور مذكرة توقيف دولية في حقه أمس (رويترز)
TT

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمس مذكرة توقيف بحق العقيد معمر القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ليصبح ثاني رئيس دولة تلاحقه هذه المحكمة أثناء وجوده في السلطة بعد الرئيس السوداني عمر البشير.

وقالت القاضية سانجي مماسينونو موناغينغ، خلال جلسة عامة في لاهاي، إن «المحكمة تصدر مذكرة توقيف بحق القذافي». وأضافت القاضية: «هناك دوافع معقولة للاعتقاد بأن القذافي وبالتنسيق مع دائرته المقربة صمم ودبر خطة تهدف إلى قمع وإحباط عزيمة السكان الذين كانوا ضد النظام».

وأصدر القضاة أيضا مذكرات توقيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق نجل القذافي سيف الإسلام، ورئيس الاستخبارات الليبية، عبد الله السنوسي، بموجب طلب مدعي المحكمة لويس مورينو أوكامبو في 16 مايو (أيار) الماضي.

وكان أوكامبو طلب من المحكمة إصدار مذكرات توقيف بحق القذافي ونجله والسنوسي بتهمة ارتكاب عمليات قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها قوات الأمن الليبية بحق المدنيين منذ 15 فبراير (شباط) الماضي، خصوصا في طرابلس وبنغازي ومصراتة.

ويعتبر أوكامبو سيف الإسلام القذافي (39 عاما) «رئيس الوزراء بحكم الأمر الواقع»، ويحمله خصوصا مسؤولية تجنيد المرتزقة الذين ساهموا في قمع الانتفاضة التي اندلعت ضد نظام والده. أما عبد الله السنوسي (62 عاما) «الذراع اليمنى» للقذافي، وصهره، فيتهمه المدعي العام بتنظيم هجمات ضد متظاهرين».

واعتبر أن هؤلاء الثلاثة «مسؤولون عن جرائم قتل واعتقالات وحملات توقيف وعمليات اختفاء وسوء معاملة بحق متظاهرين عزل ومنشقين مفترضين، ارتكبتها قوات الأمن الليبية منذ 15 فبراير.» ولا تملك المحكمة الجنائية التي بدأت عملها في 2002 قوة شرطة وتعتمد على إرادة الدول لتنفيذ مذكرات التوقيف.

وللمحكمة صلاحية في ليبيا بموجب القرار الدولي الصادر في 26 فبراير، وهو ما ترفضه السلطات الليبية التي تؤكد أنها «غير معنية» بقراراتها لأنها لم تصادق على معاهدة روما.

والمحكمة الجنائية الدولية أول محكمة دولية دائمة مكلفة بملاحقة المسؤولين عن ارتكاب إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وفور الإعلان عن قرار المحكمة عمت أجواء فرح مدينة بنغازي، التي عبر سكانها عن فرحتهم خصوصا بإطلاق الرصاص في الهواء.

ورحب رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، مصطفى عبد الجليل أمس بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق القذافي. وقال عبد الجليل، في مؤتمر صحافي ببنغازي، إن «العدالة تحققت» مع صدور مذكرة التوقيف بحق القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، آندريه فوغ راسموسن، أمس أن إصدار مذكرة توقيف بحق القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية «يؤكد مرة جديدة عزلته» «ويعزز» دوافع شن العملية العسكرية في ليبيا.

ودعا وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ أمس المقربين من القذافي إلى أن «يتخلوا عنه» أو أن «يحاسبوا»، في حين أعربت الخارجية الإيطالية عن «ارتياحها». وأضافت الوزارة أن إصدار مذكرات التوقيف «يضفي شرعية جديدة للمهمة الإنسانية التي يقوم بها الحلف الأطلسي في ليبيا والتي تعتبر ضرورية جدا». وتابع البيان أن «القرار يؤكد أن القذافي فقد شرعيته الأخلاقية قبل شرعيته السياسية أمام الشعب الليبي والأسرة الدولية، وبالتالي، لم يعد يستطيع أن يلعب دورا في مستقبل ليبيا».

ورحب وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيلي بالقرار، وقال: «يعتبر قرار المحكمة الجنائية الدولية بمثابة إشارة لا تخطئها العين على أن الدكتاتوريين وأعوانهم ليسوا فوق القانون، وإنما هم محاسبون على ما يقومون به من أعمال».

وقال ريتشارد ديكر من «هيومان رايتس ووتش» في بيان إن «مذكرة التوقيف بحق رئيس دولة يظن نفسه فوق القانون تبعث برسالة واضحة إلى الطغاة وتضمن للضحايا فرصة لإحلال العدالة».

وفي سياق ذلك، أعلن كريستيان فينافيسر، رئيس جمعية الدول الأعضاء في معاهدة روما، إن من واجب هذه البلدان وليبيا تنفيذ مذكرة التوقيف بحق القذافي. وقال فينافيسر، خلال مؤتمر صحافي في لاهاي، حيث مقر المحكمة الجنائية: «من واجب الدول الأعضاء والجماهيرية الليبية تنفيذ مذكرات التوقيف». ورحب فينافيسر بالعمل «السريع والفعال» للمحكمة التي أصدرت مذكرات التوقيف «بعد أقل من ثلاثة أشهر ونصف الشهر على رفع مجلس الأمن الملف إليها».