باريس تحذر من الفوضى الإقليمية في حال استمر الوضع السوري على حاله

ألان جوبيه: الأسد «غير قادر» على تغيير مجرى الأحداث في سوريا

TT

لم تفقد الدبلوماسية الفرنسية الأمل من إمكانية أن تغير روسيا موقفها المعارض لإصدار أي قرار في مجلس الأمن الدولي يدين عمليات القمع في سوريا. وكان هذا الموضوع على رأس الملفات التي بحثها رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، في باريس، الأسبوع الماضي، الذي بقي على موقفه على الرغم من الانتقادات القوية التي وجهها لنظام الرئيس الأسد.

وتسعى باريس إلى التركيز على المخاطر الإقليمية المترتبة على استمرار القمع وانعكاساته على دول الجوار السوري وهي ترغب، على ما يبدو، في دحض الحجة الروسية الأساسية التي تقول إن ما يجري في سوريا «شأن داخلي»، كما أنه «لا يشكل تهديدا للأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي».

ويمثل وزير الخارجية، ألان جوبيه، الذي يمسك بقوة عنان الدبلوماسية الفرنسية (الخط المتشدد) إزاء نظام الرئيس الأسد. وبعد أن سبق له أن أعلن أن الرئيس السوري (فقد شرعيته) لأنه يأمر بإطلاق النار على شعبه، اعتبر أنه «وصل إلى نقطة اللاعودة» في لجوئه المكثف للقمع وإمكانية اختيار طريق أخرى يحثه عليها المجتمع الدولي، وهي الحوار والإصلاحات الحقيقية.

وفي حديثه الصحافي، مساء الأحد، طرق جوبيه الوضع السوري من زاوية الأمن الإقليمي. وقال في حديث لإذاعة «آر تي إل» إنه «من الواضح أن الوضع في سوريا يهدد الاستقرار في المنطقة كلها، ولهذا نحن نبذل جهودنا من أجل إقناع موسكو أن المسألة ليست شأنا داخليا سوريا فقط، بل تؤثر على الشرق الأوسط ككل؛ إذ إن هناك أزمة اللاجئين السوريين على الحدود التركية، وهناك أخطار أمنية قد تنعكس سلبا على جاري سوريا؛ إسرائيل ولبنان». والخلاصة التي يتوصل إليها الوزير الفرنسي أنه «يتعين على المجتمع الدولي أن يقول كلمته لمواجهة هذه الأزمة».

وكان جوبيه يتناول الوضع من زاوية المعلومات التي نشرتها صحيفة «لو فيغارو» القريبة من الحكومة، التي تحدثت عن معلومات بشأن نقل حزب الله ترسانته العسكرية التي كانت مخبأة في سوريا إلى الأراضي اللبنانية، خوفا من سقوط النظام السوري. لكن جوبيه رفض التعليق مباشرة على موضوع السلاح، لكنه سخره للحديث عن «المخاوف الإقليمية» المرتبطة باللاجئين السوريين داخل تركيا وعلى الحدود السورية - التركية. أما إشارته إلى «أخطار أمنية» مع إسرائيل ولبنان، فإن المصادر الفرنسية فسرتها بأنها مخاوف من أن يلجأ النظام السوري إلى «تصدير مشكلاته» وإرباك الوضع الإقليمي ككل في حال شعر أنه مهدد حقيقة.

وتشير هذه المصادر إلى ما حصل في الجولان «مرتين» وعلى الحدود اللبنانية مع إسرائيل، الذي يمكن أن يتطور ليتحول إلى حرب حقيقية لتبين أن مخاوفها «حقيقية وذات أساس»، وليست من باب التهويل.

ويعزو جوبيه تردد مجلس الأمن إلى غياب الدعم العربي، بعكس ما كان عليه الوضع في الحالة الليبية؛ حيث اعتبرت الدول الغربية أن التدخل العسكري في ليبيا جاء لحماية المدنيين بطلب من الجامعة العربية «والاتحاد الأفريقي»، الأمر غير المتوافر في حالة سوريا.

وأعطى جوبيه مثالا على ما يقوله موقف لبنان الذي «كان سباقا لاستصدار القرار 1973 للتدخل في ليبيا، ولكنه اليوم يعارض أي قرار بحق النظام السوري».

وتبدو باريس مقتنعة نهائيا بأن النظام السوري اختار طريق العنف والقمع، وليس الحوار والإصلاح إذ كرر جوبيه ما أعلنه سابقا من أن الرئيس الأسد «غير قادر» على تغيير مجرى الأحداث في سوريا.

وقال الوزير الفرنسي: «بالنظر إلى عدد الضحايا الذين سقطوا وأعمال القمع والترهيب والعنف، فإني أرى أن الرئيس السوري غير قادر على العودة إلى ما كان عليه قبل اندلاع المظاهرات وعكس مجريات الأحداث». غير أنه، على الرغم من ذلك، ترك الباب مفتوحا بقوله إن «ظنوننا قد تخطئ إذا قام الأسد بإصلاحات جذرية خلال الأسابيع المقبلة يرضى عنها الشعب السوري، لكنني أشك في ذلك». وعلى أي حال، وبسبب صعوبة حمل موسكو على تغيير موقفها، تستمر باريس بالعمل من داخل الاتحاد الأوروبي.