لبنان: أزمة النازحين السوريين تتفاقم في ظل غياب الدولة والمنظمات الدولية

المرعبي يدق ناقوس الخطر محذرا من كارثة إنسانية وصحية تهدد حياة الأطفال والمرضى

نازحون من سورية في انتظار تلقي المعونات الغذائية في طابور الهلال الاحمر التركي بعد عبورهم الى داخل الحدود التركية أمس (أ.ب)
TT

تحول موضوع النازحين السوريين إلى قرى وبلدات عكار في شمال لبنان إلى أزمة يخشى البعض أن تتحول إلى كارثة إنسانية، مع تزايد أعداد هؤلاء بشكل يومي، وفي ظل الغياب شبه الكامل لاهتمام الدولة اللبنانية والهيئة العليا للإغاثة، وجمعيات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

وكشفت مصادر ميدانية معنية بملف هؤلاء النازحين لـ«الشرق الأوسط» أن «ثمانين شخصا سوريا فروا يوم الأحد من بلدة القصير التي شهدت اضطرابات وإطلاق نار وتوقيفات في صفوف المحتجين والمتظاهرين ضد النظام السوري، ووصلوا إلى منطقة جبل أكروم اللبنانية المحاذية للحدود هربا من الملاحقة والخطر المحدق بهم». وأوضحت هذه المصادر أن «بلدات أكروم ووادي خالد والكنيسة وحنيدر باتت تغص بالعائلات السورية القادمة من القصير وهيت والبويت والسماقيات»، مشيرة إلى أن «الفرار اقتصر على النساء والأطفال والشيوخ، في حين أن الرجال لازموا بيوتهم وأرزاقهم لحمايتها، وحماية محاصيلهم الزراعية خوفا من إتلافها أو حرقها كما حصل في مناطق سورية أخرى ومنها جسر الشغور ومعرة النعمان وغيرهما».

وفي سياق متصل أعلن عضو كتلة المستقبل النائب معين المرعبي، الذي يواكب أوضاع اللاجئين السوريين على الأرض، أن «أبناء عكار (شمال لبنان) عاتبون على الدولة اللبنانية، وعلى الهيئة العليا للإغاثة وعلى الجمعيات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، لتلكئهم عن العناية بالنازحين وتقديم المساعدات التي يحتاجونها»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن لم تبادر الدولة أو الهيئات المذكورة إلى فتح أي مركز لإيواء الإخوة السوريين النازحين الذين تتزايد أعدادهم يوميا بفعل الاضطرابات في بلدهم، علما أن أهالي عكار الذين بمعظمهم تحت خط الفقر قاموا بواجباتهم تجاه هؤلاء واستقبلوهم في بيوتهم وقدموا لهم المعونة على قدر استطاعتهم». وسأل «هل يعقل أن الدولة اللبنانية والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة عاجزة حتى الآن عن إقامة مخيم لإيواء هؤلاء؟». مؤكدا أن «هذا الإهمال واللامبالاة يرسم علامات استفهام ويوحي بوجود خلفيات سياسية لهذا التصرف». لافتا إلى أن «هناك رفضا لفتح المدارس الرسمية لتكون مراكز مؤقتة لإيواء هؤلاء، فضلا عن الوضع الصحي المتردي جدا، والمعاناة التي نواجهها كلما كان ثمة حاجة لإدخال أحد المرضى أو المصابين إلى المستشفى». أضاف المرعبي «هناك جريحان من أصل 7 نقلوا قبل من بلدة القصير بعد إصابتهم، أحدهما يعاني من كسر في الساق وآخر من كسر في القدم ويحتاجان إلى جهازين لتثبيت الساق والقدم ورغم مرور أسبوع لم يؤمن لهما هذان الجهازان، ويعيشان على المسكنات علما أنهما معرضان للإصابة بجلطات تهدد حياتهما».

وسأل المرعبي «أين الإنسانية والتغني بحقوق الإنسان؟ وهل هذه مجرد شعارات بعيدة عن الواقع؟ يبدو أن الموضوع سياسي بامتياز»، مستغربا في الوقت نفسه «غياب وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العربية والأجنبية التي كانت تتابع الوضع عن كثب، وهذا الغياب أدى إلى تراجع اهتمام الجمعيات والمؤسسات المذكورة مستفيدة من تراجع الرقابة والمتابعة الإعلامية». وناشد «كل من لديه ضمير وحس إنساني تقديم كل ما يستطيعه لمنع وقوع كارثة إنسانية، خصوصا أن هناك نقصا هائلا في حليب الأطفال وأدوية المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة».

إلى ذلك أعلن ناشطون أن بلدة الكنيسة اللبنانية وحدها، استقبلت خلال 3 أيام ما يزيد عن 400 شخص سوري أتوا من بلدتي هيت والبويت السوريتين الحدوديتين». وأعلن إمام مسجد بلدة الكنيسة الشيخ مصطفى حمود، وهو لبناني من أصل سوري، أن عائلته مقسومة بين لبنان وسوريا. وقال: «أشقائي المقيمون في سوريا موجودون عندي في المنزل مؤقتا، لكنهم يريدون العودة عندما تمكنهم الظروف من ذلك». لافتا إلى أن «معظم الزوار من سوريا الذين لديهم أقارب في وادي خالد والبلدات الأخرى في عكار، يأتون مساء إلى لبنان خوفا من حصول تطورات أمنية في الليل، ثم يعودون صباحا للعمل في أراضيهم ومتابعة حصاد موسم القمح»، مشيرا إلى أنهم «يسلكون معابر ترابية غير قانونية وعرة تستخدم عادة في عمليات التهريب بين البلدين».