الأردن: معركة بالأيدي في البرلمان بعد تبرئة رئيس الحكومة من قضية «سوء استعمال السلطة»

36 نائبا يدرسون تقديم استقالاتهم احتجاجا على عدم إدانة البخيت

TT

شهد مجلس النواب الأردني، أمس، معركة بالأيدي وتبادلا للشتائم، إثر تبرئة المجلس رئيس الوزراء معروف البخيت من المسؤولية في القضية المعروفة بـ«كازينو البحر الميت» بعد مناقشة نتائج التحقيق الذي أجرته لجنة التحقيق النيابية في مجلس النواب، وصوت لصالح تبرئة البخيت 53 نائبا، في حين أيد اتهامه 50 نائبا وامتنع عن التصويت 10 نواب وغاب عن الجلسة 6 آخرون.

في حين وجه أعضاء المجلس الاتهام لوزير السياحة الأسبق أسامة الدباس بعد تصويت 86 عضوا في المجلس لصالح اتهامه، بينما عارض الاتهام 23 نائبا وامتنع 4 نواب وغاب عن الجلسة 7.

وتعود جذور قضية الكازينو إلى عام 2007 خلال فترة حكومة البخيت الأولى، حين تم إبرام اتفاق مع مستثمر، مقره لندن، لإقامة كازينو في البحر الميت، 55 كم غرب عمان، لكن المشروع لم يرَ النور؛ إذ قررت حكومة نادر الذهبي إيقاف المشروع انطلاقا من أنه مجحف ويكلف الخزينة الأردنية نحو ملياري دولار، وهو ما أثار جدلا بدا في الأوساط الحكومية وامتد إلى البرلمان والأوساط السياسية والشعبية وأدى قبل فترة إلى إحالته إلى هيئة مكافحة الفساد ومن ثم إحالته إلى لجنة تحقيق برلمانية وخلصت لجنة التحقيق النيابية في قضية الكازينو، قبل مناقشة البرلمان الأردني للقضية أمس، إلى اتهام رئيس الوزراء معروف البخيت بـ«الإخلال بواجبات الوظيفة وسوء استعمال السلطة»، وأنه «مسؤول أدبيا وقانونيا» عن القضية.

كما خلصت لجنة التحقيق البرلمانية إلى أن وزير السياحة الأسبق أسامة الدباس «خالف القانون» عندما قام باتخاذ قرار الموافقة على إنشاء الكازينو.

وسيحول ملف القضية إلى المجلس العالي لتفسير الدستور، وهو بمثابة محكمة تتكون من أعضاء مجلس الأعيان ونواب وقضاة لمحاكمة الوزير الأسبق الدباس.

كما حملت اللجنة وزير الدولة الأسبق خالد الزعبي مسؤولية «مخالفة القانون والدستور، وإساءة استعمال السلطة، والإهمال بواجبات الوظيفة العامة، خلافا لقانون العقوبات وقانون الجرائم الاقتصادية».

وشهدت الجلسة، بعد قرار تبرئة البخيت، لغطا، وسُمعت أصوات اعتراض من قبل مرافقين لبعض الوزراء السابقين الذين وجهت لهم الاتهامات، في حين انسحب أكثر من 30 نائبا من الجلسة احتجاجا على عدم إدانة البخيت.

ونشب لاحقا عراك بالأيدي في قاعة عاكف الفايز بين عدد من النواب المؤيدين والمعارضين لاتهام رئيس البخيت على خلفية قضية الكازينو.

وبدأ العراك عندما وجه النائب صلاح المحارمة شتائم لمن صوتوا إلى جانب اتهام رئيس الوزراء معروف البخيت ووصفهم بـ«الكاذبين»، مما أثار حفيظة النائب خالد الحياري ليتطور الأمر فيما بعد إلى عراك بالأيدي، كما حاول أحد المواطنين من الشرفات التهجم على النائب المحارمة قبل أن يقوم رجال الأمن العام باعتقاله.

وأعلن 36 نائبا أردنيا أنهم يدرسون تقديم استقالاتهم في اجتماع جرى على خلفية تبرئة رئيس الوزراء معروف البخيت والسماح له بالتحدث واستثناء باقي المتهمين من الدفاع عن أنفسهم أسوة به.

وبدا البخيت سعيدا بهذا الإنجاز؛ حيث كان ينتظر هذه اللحظة التي تغسله من ملف ظل يطارده دوما دون محاكمة سياسية لما مرر في عهده من اتفاقية وصفها النواب بـ«الإذعانية» التي فرض فيها مستثمر شروطه على الدولة الأردنية.

وفي أعقاب البراءة التي حصل عليها من مجلس النواب، قال البخيت في تصريحات للصحافيين وهو يتلقى التهاني تحت قبة المجلس: قدمنا نموذجا راقيا في الأداء الديمقراطي؛ حيث إن ما جرى يعتبر نموذجا لتفعيل الديمقراطية ضمن الأدوات البرلمانية.

وأضاف البخيت، الذي كان يتنفس الصعداء بعد أن اجتاز امتحانا كان أصعب عليه من اختبار الثقة التي حصل عليها بعد تشكيله حكومته الثانية في شهر فبراير (شباط) الماضي: إن ما حصل اليوم يؤكد التوازن الذي تقوم عليه السلطات في الأردن، بحيث تعمل كل سلطة وفقا لدورها الحقيقي.

وأكد البخيت أنه تجاوز الحصانة التي منحها الدستور إليه كونه عضو مجلس أعيان أيضا وتمنع محاكمته قبل رفعها: «تجاوزت الحصانة الممنوحة إليَّ كعين وأتيت إلى مجلس النواب».

وأكد البخيت أن جميع الإجراءات التي تمت في قضية «الكازينو» كانت حسب الدستور ولا توجد أي إساءة استعمال للسلطة. وبيَّن أنه لم يتم تفويض أو تأجير أي أراضٍ للمستثمر ولم تخسر الدولة أي أموال. وقال إنه لا يوجد في جيبه أي «مليم» بالحرام، وبيَّن: طول عمري الوظيفي لم يدخل أي مال لجيبي من غير راتبي.

وأضاف: «من يعتقد أنني عملت في الظلام أو من أجل مصلحة خاصة أو لحساب أي شخص، كائنا من كان، فأنا أستعد لحكمه وحكم الله جل جلاله قبل ذلك».