تصدع تحالف الليبراليين والإسلاميين في مصر قبل جمعة «الدستور أولا»

أحزاب رئيسية أعلنت مشاركتها.. وحزب «الإخوان» اعتبرها «دليل ارتباك»

عائلة مصرية مشردة من دون مأوى نصبت خيمة أمام مبنى التلفزيون المصري في القاهرة أول من أمس (أ.ب)
TT

احتدم الجدل في مصر حول «الدستور أولا» أم «انتخابات البرلمان أولا»، وأصبح المطلبان يمثلان عقبة أمام القوى السياسية التي سرعان ما اتفقت واختلفت، وتبدلت مواقعها بشأنهما، كاشفة عما سماه مراقبون «تصدعا في تحالف الليبراليين والقوى الإسلامية»، قبل المظاهرة المليونية التي تمت الدعوة إليها في الثامن من الشهر المقبل، والتي تكرس لمطلب الدستور أولا.

وتتشبث القوى الإسلامية بالإعلان الدستوري الذي نص على إجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر (أيلول) المقبل، على أن يشكل البرلمان بعد ذلك لجنة لوضع دستور جديد للبلاد، بعد أن تم إلغاء الدستور، ووضع إعلان دستوري، بعد سقوط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وتقول القوى الإسلامية إن أي تراجع عن هذا طرح «انتخابات البرلمان أولا» يعد انقلابا على شرعية استفتاء على التعديلات الدستورية جرى في 19 مارس (آذار) الماضي. لكن القوى الليبرالية واليسارية ترد في المقابل بقولها إن الاستفتاء كان على تعديلات في دستور سنة 1971 الذي ظل يحكم البلاد حتى تخلي مبارك عن السلطة في 11 فبراير (شباط) الماضي، قائلين إن دستور 1971 سقط بصدور الإعلان الدستوري نهاية مارس الماضي.

وعلى الصعيد الرسمي بدا أن هناك تباينا أيضا في التوجهات، حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس عن مسؤول، لم تعرفه، في الجيش المصري الذي يدير البلاد، قوله إن انتخابات البرلمان ستجرى في موعدها المقرر، وجاء ذلك بمثابة رد غير مباشر على تصرح ليحيى الجمل نائب رئيس الوزراء المصري قال فيه إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وافق على إرجاء الانتخابات إلى ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وبينما لم تجف بعد وثيقة «التحالف الديمقراطي» الذي كان يضم 18 حزبا سياسيا على رأسها حزب الإخوان والوفد الليبرالي، قبل أن يعلن حزبا الجبهة الديمقراطية والعدل انسحابهما، لم يتضح بعد من سيشارك ومن سيقاطع المشاركة في اعتصام 8 يوليو (تموز) المقبل الذي رفع شعار «الدستور أولا»، ويدعو لتأجيل انتخابات البرلمان، بعد أن كانت القوى الليبرالية واليسارية والإسلامية الـ18 قد توافقت حول مجموعة من المبادئ الحاكمة للدستور الجديد.

ويقول مراقبون إن الوضع في مصر «بات في حاجة لعرافين وليس محللين سياسيين»، خاصة بعد أن صرح عصام شرف رئيس الوزراء المصري الأسبوع الماضي عن إمكانية إرجاء انتخابات البرلمان لإتاحة الوقت الكافي للأحزاب لتنظيم نفسها، وهو توجه يتعارض مع المبادئ التي تم الاستقرار عليها، وفقا لنتيجة استفتاء 19 مارس. وتحفظ الدكتور حسن نافعة المنسق العام السابق للجمعية الوطنية للتغير، أستاذ العلوم السياسية، على التعليق قائلا: «الوضع مقلق جدا.. وحركة التحالفات والائتلافات لم تنضج بعد».

من جهته، قرأ حزب الحرية والعدالة (الإخواني) موقف الأحزاب السياسية المتحالفة معه، باعتباره «دليلا على حالة الارتباك السياسي التي تسود البلاد في الوقت الراهن». وقال الدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب إنه «يتفهم الارتباك الذي يسود الأحزاب.. هناك مشكلات داخلية وحيرة بشأن المستقبل».

وتابع بقوله «موقفنا الثابت والقوي سيساعد الجميع على تخطي هذه الحيرة.. والوثيقة التي تحالفنا على أساسها لا تزال قائمة ولا يوجد خلاف حولها، حتى فيما يتعلق بالتنسيق في الانتخابات البرلمانية لن تتأخر الأحزاب في التوافق عليه ونحن نتحدث هنا عن أيام وليس أسابيع».

ومن المنتظر أن يجتمع ممثلو القوى الـ18 (الثلاثاء) لمناقشة التفاصيل المتعلقة بقانون الانتخابات البرلمانية. وتوقع العريان أن يحسم هذا الاجتماع العديد من القضايا العالقة.. «هذا الاجتماع سيضع النقاط على الحروف».

وبدا الارتباك واضحا داخل أروقة الأحزاب السياسة الرئيسية المنضوية في «التحالف الديمقراطي»، وقالت قيادات في حزب الوفد إنه لا يوجد تعارض بين مشاركة الحزب في اعتصام 8 يوليو وبين استمرار تحالفنا مع القوى الأخرى غير المشاركة فيه (الإخوان).

وأصبح موقف الأحزاب الرئيسية من المشاركة أو المقاطعة في جمعة «الدستور أولا» موضع ترقب من الناشطين، في وقت يتوقع فيه مراقبون اتساع هوة الاختلافات السياسية التي باتت تهدد حكومة الدكتور عصام شرف، بعد أن أصبح مطلب إسقاطها مطروحا على أجندة الاعتصام القادم.

ويعزز سخط شباب الثورة المصرية على حكومة شرف، تراجعها عن الدعم المعلن لمطلب «الدستور أولا»، بحسب المراقبين، الذين وضعوا زيارة الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء لحزب الحرية والعدالة، في خانة هذا التراجع، بعد تفجر الخلاف السياسي بينهما على خلفية موقفه الداعم لوضع دستور البلاد قبل الذهاب للانتخابات البرلمانية.

ودخل الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية، على خط الأزمة، معلنا ما أطلق عليه «وثيقة المبادئ والحقوق الأساسية»، التي تحدد ملامح الدستور المقبل. ولم تتضح بعد استجابة القوى السياسية لما طرحه البرادعي، فيما يبقى السؤال معلقا بشأن ما إذا كانت هذه الوثيقة ستعزز تحالف الليبراليين والإسلاميين أم أنها ستعمق خلافاتهم قبل جمعة «الدستور أولا».