«عمليات بغداد» تشدد إجراءاتها مع بدء مراسم إحياء ذكرى الإمام الكاظم

حظر تجول جزئي.. وإرباك في حركة السير.. وطالباني والهاشمي يدعوان إلى أخذ العبر والدروس

صبي يرش زائرا بالماء للتخفيف من وطـأة الحر خلال مراسم السير الى منطقة الكاظمية حيث يحيي الشيعة ذكرى وفاة الإمام الكاظم في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

لليوم الرابع على التوالي تدفق مئات آلاف العراقيين الشيعة باتجاه مدينة الكاظمية، شمال غربي بغداد، بمناسبة زيارة الإمام موسى الكاظم، وسط إجراءات أمنية مشددة. وبينما لم تعلن قيادة عمليات بغداد فرض حظر التجوال داخل العاصمة، باستثناء مدينة الكاظمية، حيث تم الإعلان عن منع دخول سيارات المسؤولين ومواكبهم، فإن التحديد الصارم للطرق التي يسلكها الزوار الذين اعتادوا إحياء هذه المناسبة مشيا على الإقدام، فضلا عن قطع بعض الجسور، أربك إلى حد كبير حركة السير داخل العاصمة. وفي وقت أعلنت فيه عدة محافظات في الجنوب اعتبار اليوم الذي يعد ذروة مراسم الزيارة عطلة رسمية، فإن الوزارات والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية في بغداد تتعامل مع هذه المناسبات كأمر واقع في حال لم يتمكن الموظفون من الوصول إلى دوائرهم.

ومن جهته، أعلن الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد، اللواء قاسم عطا، أمس، «أن يومي الاثنين والثلاثاء سيشهدان إجراءات مشددة أكثر من الأيام الماضية لقرب المناسبة ودخول أعداد كبيرة من الزائرين لمنطقة الكاظمية».

ودعا عطا في تصريح صحافي المواطنين إلى «التعاون مع الأجهزة الأمنية وتحمل إجراءاتها التي تصب في مصلحة الزائرين وحمايتهم»، على حد قوله. وأشار إلى أن «عمليات بغداد قررت إبقاء منفذ واحد لمنطقة الكاظمية لكي تدخل من خلاله المواد الغذائية وعجلات الخدمية، بالإضافة إلى عجلة واحدة لكل مسؤول».

وفي الوقت الذي تعتبر فيه مثل هذه الزيارات، التي تشهد توافد أعداد ضخمة من الزوار، هدفا مثاليا للجماعات المسلحة، ولا سيما تنظيم القاعدة، فإن الإجراءات الأمنية المكثفة وقطع الطرق والمنافذ حال دون وقوع هجمات مسلحة، سواء بالسيارات المفخخة أو الأحزمة الناسفة أو العبوات اللاصقة. ويتعين على مئات آلاف الزوار قطع مسافة كبيرة تبلغ أكثر من 25 كيلومترا من الجانب الشرقي من بغداد، حيث تقع مدينة الصدر ذات الأغلبية الشيعية، باتجاه مدينة الكاظمية في شمال غربي بغداد، حيث يقطع الزوار مناطق وأحياء كانت خلال السنوات الماضية مسرحا للكثير من الجماعات المسلحة، وخاصة تنظيم القاعدة.

وفي سياق ردود الفعل الرسمية، فقد دعا الرئيس العراقي، جلال طالباني، في بيان صدر عن رئاسة الجمهورية وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، الشعب العراقي إلى «التأكيد على توحيد العراقيين بمختلف مكوناتهم الدينية والطائفية والقومية، والسعي إلى الاقتداء بسيرة وأخلاق الإمام الكاظم عليه السلام».

وأعاد طالباني إلى الأذهان حادثة جسر الأئمة التي وقعت في المناسبة ذاتها 2005، وراح ضحيتها نحو 1200 زائر شيعي غرقا في نهر دجلة، عبر عملية التدافع الشهيرة التي حصلت عند الجسر الرابط بين مدينتي الأعظمية في جانب الرصافة من بغداد والكاظمية في جانب الكرخ، معتبرا أن تلك الحادثة على الرغم من كونها فاجعة أليمة، فإنها «أظهرت قيم التعاضد والتآزر والأخوة التي تربط بين أبناء الشعب الواحد، لما تنادى أهالي بغداد، على اختلاف طوائفهم وأديانهم لنجدة إخوانهم الذين سقطوا في نهر دجلة».

واعتبر طالباني أن الأسلوب الصحيح لإحياء مثل هذه المناسبات إنما يتمثل في «نشر المحبة والتآخي وتحفيز الطاقات والهمم على طريق مواجهة المحن، وتحمل المسؤولية وتجاوز الخلافات من أجل بناء بلدنا وتوفير الحياة الحرة الكريمة لأبناء شعبنا».

وفي السياق نفسه، دعا نائب الرئيس العراقي والقيادي في القائمة العراقية، طارق الهاشمي، في بيان مماثل تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، «الجهات الأمنية الموكلة إليها حماية الزائرين إلى تكثيف جهود الحماية، وتوخي الدقة في الحراسة والمراقبة، وعدم ترك أي ثغرة تجعل قوى الظلام والفتنة تطمع باستغلالها لتحقيق غاياتها المشبوهة، ويؤكد على أهمية التعاون والتنسيق بين المواطن والأجهزة الأمنية من أجل أن تمضي وتيرة الحياة الطبيعية اليومية دون انقطاع».

وشدد الهاشمي على ضرورة «تبني مظاهر الوحدة والتآخي بين العراقيين بمختلف طوائفهم وأديانهم من خلال التعاون في إنجاح مراسم الزيارة». ويأتي ذلك في وقت لا تزال فيه الخلافات السياسية محتدمة بين القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي، ودولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي، على الرغم من المبادرات ومساعي الوساطة، وآخرها اللقاء الذي تم في منزل الرئيس طالباني، الأسبوع الماضي، والذي لم يسفر عن نتيجة، ما عدا الدعوة للتهدئة ووقف الحملات الإعلامية بين الطرفين، تمهيدا لعقد لقاء مقبل يحضره علاوي والمالكي وبارزاني، برعاية مشتركة بين طالباني والزعيم الشيعي، مقتدى الصدر.