خلافات حادة بين المسؤولين الأفغان مع اقتراب انسحاب القوات الأميركية

62 برلمانيا فازوا بمقاعدهم عن طريق الغش والاحتيال

TT

اندلعت أزمة سياسية في العاصمة الأفغانية كابل مطلع الأسبوع الجاري بعد أن وجدت محكمة تحقيق خاصة أن 62 برلمانيا قد فازوا بمقاعدهم عن طريق الغش والاحتيال في العام الماضي وأمرت بفصلهم من البرلمان. وتعهد المشرعون بالبقاء وهددوا بتنظيم احتجاجات في الشوارع، في حين صوتت الأغلبية من أعضاء البرلمان المتعاطفين مع المفصولين على فصل النائب العام وستة من قضاة المحكمة العليا.

وقال حافظ منصور، وهو أحد المشرعين الذين فصلتهم المحكمة التي تم عقدها بدعوة من الرئيس حميد كرزاي: «هذا الوضع يشبه الثورة في تونس. يريد الرئيس كرزاي أن يظهر أنه يستطيع أن يفعل ما يشاء، حتى لو كان ذلك ينتهك القانون والدستور. وبدلا من ذلك، فقد وحد البرلمان بأكمله ضده، ولن نرحل».

من جانبهم، صور النقاد الوضع بطريقة مختلفة، واصفين المتمردين بالمعوقين والمحتالين الذين قاموا بتزييف صناديق الاقتراع. وقال النقاد إن المشرعين المستبعدين قد عقدوا العزم على إثارة صدام بين المؤسسات الديمقراطية الضعيفة في أفغانستان في الوقت الذي تكون فيه إدارة كرزاي بحاجة لإظهار أنها تستطيع أن تحكم البلاد وتحميها على نحو فعال بعدما شرعت القوات الأميركية وبرامج المساعدات في برنامج انسحاب مدته ثلاث سنوات.

وقال أنصار الرئيس، بما في ذلك العديد من السياسيين الذين يحظون باحترام كبير والذين خسروا في انتخابات عام 2010 ولكن سيتم إعادتهم للبرلمان في حالة تنفيذ قرار المحكمة، إن الهيئة القضائية قد قامت بعملها بشكل صحيح وإن السلطة التشريعية لا تملك الحق القانوني في محاولة فصل المدعي العام وكبار القضاة للانتقام من ذلك.

وقال داود سلطان زوي، وهو المشرع السابق الذي قاد دعوى قضائية من قبل الزملاء الذين كانوا يعتقدون أن مقاعدهم قد سرقت في عام 2010: «لقد تم ضبط هؤلاء الأشخاص متلبسين. إنهم يدعون أن المحكمة غير شرعية وهذا أمر سخيف». وقال إن بعض النواب الذين تم فصلهم مؤخرا والذين يتسم ماضيهم بالبغض والتفاهة قد أقاموا مجمعات مسلحة بالقرب من البرلمان. وأضاف: «إنهم يريدون تهديد السلطة التنفيذية والسلطة القضائية على حد سواء. لا يمكننا ترك الأمور تقع في أيديهم».

ومع وقوع الفروع الثلاثة للحكومة في مأزق شديد ومطالبة بعض المشرعين بإقالة كرزاي، بدت العاصمة الأفغانية وكأنها مشلولة نتيجة هذه العاصفة السياسية. وحاولت شخصيات في كلا الجانبين رسم صورة وطنية لها وسط شائعات بأن العديد من المشرعين المنافسين تربطهم علاقات عائلية بأقارب أو مساعدي كرزاي أو رؤساء ميليشيات سابقين أو حتى أعضاء في المحكمة الخاصة.

وكانت المواجهة تدور منذ عدة أشهر، حيث استمرت المحكمة في التحقيق ورفض كرزاي تقديم مرشحين من مجلس الوزراء للتدقيق والفحص من قبل البرلمان. وتعد هذه الخطوة مصدر قلق للدبلوماسيين الأجانب الذين أنفقت حكوماتهم وهيئاتهم ملايين الدولارات في محاولة لمساعدة القادة الأفغان على بناء حكومة قوية ونظام ديمقراطي قوي بعد سنوات من الحرب والفوضى السياسية.

ويوم السبت الماضي حاول السفير الأميركي في كابول كارل ايكنبيري تصوير الأزمة على أنها ليست خطيرة وشبهها بالصعوبات التي واجهت الانتخابات الأميركية الأخيرة، وفي حديثه لمجموعة من الصحافيين الأفغان هنا، قال ايكنبيري: «المسألة معقدة لأنها تضم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية». وقال إنه من المهم أن تكون القرارات الرسمية «في إطار الدستور وسيادة القانون»، إلا أن الأزمة يجب «حلها في النهاية من قبل الشعب الأفغاني».

ويوم الأحد الماضي، أصدر مسؤولون في الأمم المتحدة هنا بيانا مماثلا بعد قيام مجموعة من النواب المفصولين بطلب الدعم منهم، وقال المسؤولون إن المؤسسات الأفغانية «يجب أن تقوم بحل هذه القضايا الانتخابية وفقا للدستور» وإن أعضاء البرلمان «يجب أن يتصرفوا بمسؤولية» و«يجب عليهم عدم اللجوء إلى الاعتصام والاحتجاجات أو أي إجراءات أخرى من شأنها أن تثير اضطرابات عامة».

وحاول المتحدثون باسم إدارة كرزاي وضع إطار للمشكلة من الناحية القانونية ورفضوا الاتهامات الموجهة إليهم بالتلاعب السياسي. وقال صفات الله صفائي، وهو رئيس المركز الإعلامي للحكومة، إن السلطة القضائية «هي هيئة مستقلة وإن الحكومة لا تريد أن تتدخل في شؤونها. إنها قضية قانونية ويمكن حلها من خلال القنوات القضائية». من جانبه، صرح مكتب النائب العام أنه سيتحرك قريبا لتنفيذ قرارات المحكمة.

وحتى الآن، ركز الصدام على الرئيس وجهوده للسيطرة على الحكومة. وبعد انخفاض شعبية كرزاي أصبحت تصريحاته العلنية أكثر قسوة واتهاما، وقد وجه انتقادات لحلفائه الغربيين واتجه نحو الشبكات القبلية التقليدية للحصول على الدعم. وقال نقاد إنه تعمد إثارة الصدام مع البرلمان في محاولة لإضعافه.

من جانبه، قال وزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله الذي كان المنافس الرئيسي لكرزاي في الانتخابات الرئاسية عام 2009: «هذا الوضع محزن ولكنه غير مفاجئ. لقد كانت الانتخابات البرلمانية بعيدة عن الكمال، ولكن كرزاي يحاول نزع الشرعية عن كافة المؤسسات وتمديد حكمه الفردي المفجع خارج ولايته الدستورية، وكانت النتيجة هي أزمة سياسية لا تتحملها هذه الأمة».

* ساهم في التقرير سيد صلاح الدين

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»