مصادر مغربية رسمية: مليون شخص شاركوا في مسيرات مؤيدة لمشروع الدستور المغربي

4 أحزاب يسارية وجماعة أصولية محظورة وحركة 20 فبراير تقاطع التصويت

TT

أشارت إحصائيات رسمية أن أزيد من مليون شخص شاركوا في مسيرات ومظاهرات مؤيدة لمشروع الدستور شهدتها أول من أمس عدة مدن مغربية، فيما كان عدد الذين خرجوا ضمن حركة 20 فبراير (شباط) للتعبير عن مقاطعة الدستور محدودا. واعتبر مراقبون أن المسيرات الحاشدة التي نظمها المؤيدون للدستور من أحزاب سياسية ونقابات وجمعيات مدنية وجماعات دينية (أتباع إحدى الطرق الصوفية) مؤشر على أن نسبة التصويت على الدستور ستكون عالية، حيث قدرت النسبة بـ80%.

وسجلت مدينة الدار البيضاء أكبر عدد من المشاركين في المظاهرات المؤيدة للدستور، حسب إحصائيات أوردتها وكالة الأنباء المغربية، قدرت بـ300 ألف شخص، متبوعة بمراكش 55 ألفا، وتطوان وآسفي 45 ألفا بكل منهما، وفاس 42 ألفا، وطنجة 35 ألفا، والناظور 30 ألفا، وتارودانت 22 ألفا، وخريبكة 20 ألفا. وكانت 4 أحزاب يسارية ذات تمثيل متواضع، واتحاد عمالي رئيسي قد أعلنوا مقاطعتهم الاستفتاء على مشروع الدستور الذي سيجرى في الأول من يوليو (تموز) المقبل. فيما أيدت أحزاب الأغلبية والمعارضة الممثلة وغير الممثلة في البرلمان مشروع الدستور، ودعت إلى التصويت بنعم. وبخصوص موقف الهيئات السياسية غير المرخص لها، قاطع عملية الاستفتاء على الدستور كل من جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، وحزب الأمة، فيما أيد حزب البديل الحضاري المنحل مشروع الدستور. أما حركة 20 فبراير الشبابية التي لا تتوفر على صفة رسمية فأعلنت بدورها المقاطعة. وخصصت نشرات الأخبار في القنوات التلفزيونية الحكومية حيزا هاما للمظاهرات التي خرجت في مختلف المدن المغربية تعبيرا عن تأييد الدستور، فيما تجاهلت مظاهرات حركة 20 فبراير الداعية إلى المقاطعة، والتي قال منظموها إنهم تعرضوا لمضايقات. وتزامن موعد الاستفتاء على الدستور مع انطلاق موسم العطل الصيفية، حيث يخشى كذلك أن يؤثر سفر المغاربة إلى مدن أخرى غير مدن الإقامة في تدني نسبة المشاركة، خصوصا بعد أن أصبح من غير الإمكان تأجيل العطلة إلى ما بعد شهر يوليو بسبب تزامن شهر أغسطس (آب) مع شهر رمضان. ولتحفيز المغاربة على المشاركة في الاستفتاء تولى أعوان السلطة توزيع بطاقات الانتخاب على أصحابها في منازلهم، وهي عملية أثارت بعض الانتقادات ورغم أنها عملية سليمة، فإنها تكشف عن النظرة المريبة التي ينظر بها المغاربة لكل فعل يصدر عن رجل سلطة بسبب غياب الثقة بين الطرفين. وفي المقابل اشتكى الكثيرون من عدم تمكنهم من الحصول على بطاقة الناخب بعد تسجيلهم في لوائح الانتخابات في المدن التي انتقلوا إليها للإقامة، بحجة أنه لم يتم التشطيب عليهم من اللوائح التي كانوا مسجلين فيها في السابق، بسبب ضعف النظام المعلوماتي المعتمد في عملية تسجيل الناخبين وغياب التنسيق بين المصالح والإدارات المختصة.

وكانت عدد من الأحزاب السياسية وكذا جمعيات حقوقية قد طالبت باعتماد بطاقة الهوية بدل بطاقة الناخب للتمكن من المشاركة في الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية المقبلة.

وفي هذا السياق، قال ميلود بلقاضي، الباحث في العلوم السياسية لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان عدد من الأحزاب السياسية عن مقاطعة الدستور وليس حزبا واحدا كما حدث مع دستور 1996، مؤشر إيجابي يعكس دينامية الحقل السياسي المغربي بما يحمل من صراعات ومتناقضات، واعتبر الاختلاف حول الدستور الحالي «مكسبا، لأن الديمقراطية هي ثقافة تدبير الاختلاف»، وأضاف أن «ما سيعطي معنى للدستور المقبل هو الجهات الرافضة أو المقاطعة له. ويمكن القول إننا دخلنا بالفعل مرحلة الانتقال الديمقراطي الحقيقي، لأنه للمرة الأولى يخضع الدستور لنقاش عام وواسع، كما أن الإعلام الحكومي أعطى الفرصة حتى للمقاطعين بالتعبير عن وجهة نظرهم».

وتوقع بلقاضي أن تكون نسبة التصويت بنعم مرتفعة نسبيا، إلا أنها ستكون مخالفة لنسبة الاستفتاءات السابقة، والتي كانت تفوق الـ90%. والسبب برأيه هو أن الأحزاب السياسية الكبرى وكذا النقابات ومئات الجمعيات المدنية ستصوت لفائدة الدستور، فيما الأحزاب المقاطعة لها «تمثيلية ضعيفة ومقتصرة على المدن، بينما الخزان الانتخابي هو الموجود بالقرى»، حسب تعبيره. وزاد قائلا: «أتمنى أن توفر الدولة الشروط الموضوعية لتمر عملية الاستفتاء في جو سليم، وأن يتحمل كل طرف مسؤوليته».