آلاف المتطرفين اليهود يحتلون مداخل القدس دفاعا عن حاخام دعا لقتل العرب

نتنياهو يلتزم الصمت إزاء تصرفاتهم.. وليفني تهاجمه

يهود متدينون يتابعون عبر النوافذ وأسطح المنازل، جنازة الحاخام ميتشل يهودا ليفكوفيتز الليثواني الأصل، قرب تل أبيب، أمس (إ.ب.أ)
TT

شهدت مدينة القدس وشوارع الضفة الغربية، الليلة قبل الماضية، انفلاتا واسعا لنشطاء اليمين المتطرف من المستوطنين والمتدينين اليهود المتزمتين، فاحتلوا مداخل المدينة ومفترقات الطرق وهاجموا مقر محكمة العدل العليا، وحاولوا الاعتداء على مقر رئاسة الحكومة، واعتدوا على رجال الشرطة، وذلك بسبب إقدام الشرطة على اعتقال الحاخام دوف ليئور، لدعوته إلى تطهير البلاد من الشعب الفلسطيني وأجاز قتل النساء والأطفال. وأصيب رجلا شرطة بجراح واعتقل 19 نشيطا من اليمين جراء المواجهات.

وكانت الشرطة قد استدعت ليئور إلى التحقيق حول تصريحات كان قد أدلى بها في السنة الماضية اعتبرت ضمن التحريض على قتل العرب. ولكنه رفض الامتثال للتحقيق طيلة خمسة أشهر. وتمكنت وحدة من الشرطة السرية مساء أول من أمس، من اقتفاء أثره وهو في طريقه من مستوطنة كريات أربع، القائمة على أراضي الخليل المحتلة، إلى مدينة القدس لإلقاء محاضرة. فأوقفت سيارته ونقلته إلى مقر شرطة اللد التي أخضعته للتحقيق لمدة ساعة قبل أن تطلق سراحه. والحاخام ليئور هو رجل دين يهودي متطرف عمره 80 سنة. يعتبر من كبار رجال الدين اليهود في المستوطنات في الضفة، ويقود الكنيس الرئيسي في كريات أربع. اشتهر خلال سنوات طويلة بتصريحاته العنصرية ونشاطاته المعادية للعرب. وفي سنة 2005، قاد مجموعة من رجال الدين اليهود إلى باحة المسجد الأقصى، حيث أقاموا الصلاة بدعوى أنها ساحة الهيكل اليهودي المزعوم. وقال يومها إن الهيكل سيعود إلى مكانه، محل المسجد الأقصى. وفي سنة 2008، أصدر ليئور فتوى أباحت للجيش الإسرائيلي قصف التجمعات السكانية الفلسطينية من دون تمييز، واستند إليها عدد من الوزراء المتدينين في حكومة أولمرت السابقة لإبداء حماسهم إزاء تعمد المساس بالمدنيين الفلسطينيين أثناء الحرب العدوانية الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزة أواخر 2008. وجاء في هذه الفتوى أن «الشريعة اليهودية تبيح قصف التجمعات السكانية المدنية الفلسطينية، والتوراة تجيز إطلاق قذائف على مصدر النيران حتى لو كان يتواجد فيه سكان مدنيون». وفي السنة الماضية، أصدر ليئور عدة فتاوى دينية بموجبها: يمنع اليهود من تشغيل العمال العرب أو تأجير البيوت إليهم في أنحاء أرض إسرائيل، على حد تعبيره. ويسمح للجنود الإسرائيليين أن يتمردوا على أوامر قادتهم، إذا انطوت على «عمليات إخلاء أي جزء من أرض إسرائيل»، مضيفا أن «قادة الدولة فقدوا عقولهم لأنهم يأكلون طعاما ممنوعا». ثم أصدر فتوى تبيح «اقتلاع العرب البدو من أراضيهم في النقب أو الجليل (وهم جزء من فلسطينيي 48) ومساعدتهم بالمال وغيره على العودة إلى أوطانهم الأصلية في السعودية أو ليبيا».

إلا أن التحقيق معه جاء على خلفية تأييده لما ورد في كتاب جديد لرجلي دين عنصريين مثله، هما يتسحاق شبيرا ويوسف اليتسور، أجازا فيه إبادة غير اليهود عن بكرة أبيهم، بمن في ذلك الأطفال والنساء. فقد كان ليئور من أوائل المهنئين بصدور الكتاب وتأييد مضامينه، علما بأن محكمة العدل العليا اعتبرته كتابا يحرض على القتل. وخرج ضده مجموعة كبيرة من رجال الدين اليهود أيضا، الذين اعتبروه تشويها لليهودية.

وما إن علم تلاميذه ومؤيدو أفكاره العنصرية بأمر اعتقاله، مساء أول من أمس، حتى انطلقوا منفلتين إلى الشوارع. فأغلقوا مداخل القدس الغربية ومنعوا السيارات من الدخول والخروج لعدة ساعات وتسببوا في اختناقات مرورية. وأشعلوا النار في إطارات السيارات. واعتدوا على رجال الشرطة الذين جاءوا لتفريقهم، على الرغم من أنهم كانوا يتعاملون معهم باللين وحضروا من دون أسلحة وحتى من دون أدوات لتفريق المتظاهرين. وهجموا على مقر محكمة العدل العليا وهم يصرخون: «إنها لا تحكم وفقا لشريعة التوراة». وحاولوا الوصول إلى مقر رئاسة الحكومة. وقامت مجموعة أخرى منهم قوامها 20 شخصا بالاعتداء على بيت المحامي شاي نتسان، نائب رئيس النيابة العامة، كونه صاحب القرار باعتقال ليئور. وانتشرت مجموعات أخرى منهم على مفارق الطرقات في الضفة فأغلقوها في وجوه الفلسطينيين.

وفي الوقت نفسه، بدأت حملة ضغوط سياسية على الشرطة لإطلاق سراح الحاخام العنصري فور اعتقاله. فتدخل وزراء كثيرون من اليمين المتطرف ووقع 25 عضو كنيست على عريضة موجهة إلى وزير الشرطة تهاجم القرار باعتقاله وتطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذا الاعتقال، بينهم رئيس كتل الائتلاف الحاكم، زئف ألكين، ونائبة الوزير، جيلا جملئيل، وكلاهما من حزب الليكود الحاكم ونواب من مختلف كتل الائتلاف. وأصدر الحاخامان الأكبران لليهود الشرقيين والأشكناز، اللذان يمثلان المؤسسة الدينية الرسمية، بيانا استنكرا فيه الاعتقال واعتبراه إهانة لرجل دين.