أفغانستان تعتزم ملاحقة محافظ البنك المركزي الهارب قضائيا

الرئيس كرزاي: فرار وليس استقالة

محافظ البنك المركزي الأفغاني الهارب عبد القدير فطرة (رويترز)
TT

صرح أحد مساعدي الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، أمس، أنه من المقرر ملاحقة محافظ البنك المركزي الأفغاني الهارب عبد القدير فطرة، قضائيا، الذي قدم استقالته من منصبه أثناء زيارة قام بها للولايات المتحدة. كان فطرة استقال من منصبه خلال أحاديث هاتفية مع محطات إذاعية أفغانية، قائلا إنه يخشى على حياته.

وقال سياماك هيراوي، المتحدث باسم كرزاي: «سمعنا أنه استقال عبر وسائل إعلام أيضا، لكننا لم نتلق خطاب استقالته رسميا حتى الآن»، مضيفا، «لقد هرب من البلاد، وستتم ملاحقته قضائيا».

وأشار هيراوي إلى أن فطرة متورط في عمليات اختلاس والتستر عليها في إطار قضية بنك كابل.

كان بنك كابل، أكبر البنوك الخاصة في أفغانستان الذي يتعامل مع رواتب نحو 80 في المائة من موظفي الحكومة والحسابات الخاصة، انهار العام الماضي بعد تهافت عملائه على سحب ودائعهم منه في أعقاب الكشف عن عملية احتيال كبيرة بداخله.

وجهت اتهامات لحاملي الأسهم، وبينهم شقيق كرزاي، باستخدام قروض البنك في شراء عقارات في دبي.

وتردد أن فطرة أشار إلى عمليات انتقام وتدخل سياسي في التحقيق معه بشأن أكبر فضيحة فساد مالي تشهدها أفغانستان. وتجري لجنة شكلها الرئيس كرزاي تحقيقا حول أزمة البنك. وأكد الرئيس الأفغاني أن أي مخالفات يتم التعامل معها عبر القنوات القانونية، غير أن فطرة قال إن حكومة كرزاي ستقدمه كبش فداء، نظرا لأنه تحدث علنا حول عملية الاحتيال في البنك.

كما تردد أن النائب العام، الذي عينه كرزاي، هدد باتخاذ إجراء قانوني ضد فطرة. وقد تعرضت الحكومة الأفغانية لانتقادات دولية حادة عقب الكشف عن عملية الاحتيال. وعلق صندوق النقد الدولي مساعداته المالية لأفغانستان بشكل جزئي، التي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات، بسبب رفض حكومة كرزاي وضع بنك كابل تحت الحراسة القضائية. وكشفت هذه الفضيحة عن أعمال الفوضى والفساد في أروقة الحكومة الأفغانية، في وقت تستعد فيه القوات التي تقودها الولايات المتحدة في البلاد للانسحاب بعد نحو 10 سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وأعلن الناطق باسم الرئاسة وحيد عمر أنه «فرار وليس استقالة.. لم تحترم الإجراءات الرسمية. إنه لم يعد حاكما بل إنه حاكم فار». وبخصوص مخاطر محتملة تهدد حياة الحاكم، قال عمر «لا نعتقد أن ذلك صحيح»، مضيفا «لم يقل أبدا لأحد في الحكومة إن حياته في خطر». وقبل ذلك بساعات أكدت وزارة الخارجية الأميركية وجود الحاكم عبد القادر فطرة في واشنطن.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «نعلم أنه في واشنطن. وإذا كان ينبغي حصول تغيير على رأس البنك المركزي الأفغاني فإننا سنستمر في دعوة الحكومة (في كابل) لاتخاذ كافة التدابير لإصلاح وتدعيم القطاع المالي». وأضافت المتحدثة أنها لم تتبلغ بأي طلب لجوء من جانب عبد القادر فطرة. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن المصرفي أعلن أول من أمس استقالته في تصريحات لعدة وسائل إعلام أفغانية. وفي حديث من واشنطن أعرب عن مخاوف على حياته، مرتبطة بادعاءات بالفساد وإشراف أكبر مصرف خاص في البلاد (كابل بنك) على الانهيار. وقال بحسب «بي بي سي»: «إن حياتي حقا في خطر وهذه هي الحال بعد أن تحدثت في البرلمان وكشفت أسماء بعض الأشخاص المسؤولين عن أزمة كابل بنك». وكان فطرة كشف في أبريل (نيسان) عن أسماء شخصيات أفغانية متورطة، بحسب قوله في فضيحة كابل بنك.

وقد أسس المصرف في 2004 شرخان فرنود لاعب البوكر الدولي. وفي عداد مالكي المصرف محمود كرزاي شقيق الرئيس حميد كرزاي وكذلك شقيق نائب الرئيس محمد قاسم فهيم. وكانت المؤسسة الخاصة وضعت تحت وصاية المصرف المركزي الأفغاني أواخر 2010 بعد عمليات اختلاس كثيفة من قبل قادته ما دفعه إلى حافة الإفلاس. وأشارت مصادر مقربة من الملف إلى أن الأموال المختلسة تقدر بـ900 مليون دولار (630 مليون يورو). وهذه الفضيحة سلطت الأضواء على الفوضى والفساد المستشري في النظام المالي الأفغاني فيما تستعد القوات الأميركية للانسحاب بصورة تدريجية من البلاد بعد 10 سنوات على طرد طالبان من الحكم. ومن المنتظر أن يبدأ انسحاب بعض القوات الأجنبية من أفغانستان الشهر المقبل، مع انسحاب 10 آلاف جندي أميركي بحلول نهاية السنة. وحذر صندوق النقد الدولي من أن منح برنامج مساعدة مالية لأفغانستان مشروط باتفاق مع كابل لحل هذه الأزمة. وأوصى صندوق النقد الدولي ببيع المؤسسة أو تصفيتها. وهذه الأزمة تسببت هذه السنة بتجميد مساعدات دولية لأفغانستان تقدر بمئات ملايين الدولارات. وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي رفاييل انسباتش بحسب «وول ستريت جورنال»: «نأخذ علما باستقالة الحاكم فطرة»، مشيرا إلى الرغبة «في مواصلة النقاش مع خلفه بشأن سبل تحسين النظام المصرفي الأفغاني». وتشير معلومات صحافية إلى أن الحاكم السابق موجود في أحد الفنادق بضاحية واشنطن ويرفض العودة إلى أفغانستان. وأظهر تقرير لمكتب مكافحة الفساد في أفغانستان في مايو (أيار) الماضي أن بنك كابل قدم قروضا بقيمة 476 مليون دولار دون الحصول على الوثائق الضرورية أو الضمانات الكافية للسداد وأرجع الرئيس كرزاي حينها الأمر إلى نقص خبرة الأفغان في أمور المعاملات البنكية وأنحى باللائمة على المستشارين الأجانب. ووعد كرزاي بفتح تحقيق جنائي مع المسؤولين عن هذه المخالفات. يشار إلى أن فطرة لديه إقامة دائمة في الولايات المتحدة وهو ما يعطيه الحق في عدم العودة لأفغانستان.