اليونان: مظاهرات وإضراب عام عشية تصويت حاسم على خطة التقشف

باباندريو يدعو البرلمان لتمرير الإجراءات الجديدة وتجنيب البلاد إعلان الإفلاس

متظاهرون يهشمون الرصيف لاستخدام حجارته في مواجهة الشرطة في أثينا أمس (أ.ب)
TT

تظاهر آلاف الأشخاص أمس في اليونان احتجاجا على مشروع موازنة تقشف تتم مناقشته في البرلمان تخللتها حوادث في أثينا في اليوم الأول من إضراب لمدة 48 ساعة دعت إليه النقابات. وعلى هامش مظاهرة ضمت آلاف الأشخاص في وسط العاصمة، هاجم شبان بالحجارة عناصر مكافحة الشغب في ساحة سينتاغما التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وتجمع المتظاهرون وسط هتافات «مشروع القانون لن يمر» في ساحة سينتاغما قبل أن يتفرقوا. وكانت أعداد كبيرة من قوات الشرطة (4 آلاف رجل بحسب السلطات) انتشرت في وسط العاصمة ومنعت السيارات من الوصول إلى وسط أثينا.

وأحاط المئات من عناصر مكافحة الشغب بمبنى البرلمان وأقيم حاجز عند مدخله لمنع المتظاهرين من الاقتراب. وقال موظف شاب في الـ29 يدعى أوميروس «الجميع يريد إسقاط هذا الحاجز اليوم».

وجاء هذا فيما شل إضراب عام دعت إليه النقابات، الحركة في البلاد، وتسبب في إيقاف المواصلات العامة والسكك الحديدية وإلغاء وتأجيل عشرات الرحلات الجوية. كما أغلقت مكاتب الحكومة وفروع البنوك والخدمات العامة. وانضم إلى الإضراب أيضا الصحافيون والممثلون في مسارح الدولة والكثير من العاملين في وسائل الإعلام.

ورفع عدد من الموالين لاتحادات نقابات العمال (بامي) الموالي للحزب الشيوعي، لافتة كبيرة باللغة اليونانية والإنجليزية على معبد الأكروبوليوس الأثري وسط أثينا، كتب عليها «الشعوب لديها القدرة ولن تستسلم أبدا». ودعت اللافتة للانضمام إلى الإضراب العام والتظاهر رفضا للتدابير الجديدة. وجاء في بيان لاتحاد النقابات: «ندعو الشعب العامل، والشباب، والأشخاص العاطلين عن العمل، والنساء، إلى انتفاضة شعبية لأن من الواجب علينا أن نعزز نضالنا مع بقية شعوب العالم ضد الرأسمالية الوحشية، ولن نسمح بتطبيق الإجراءات التقشفية الوحشية الجديدة، التي أفلست الشعب».

وفي بيريوس المرفأ الواقع قرب أثينا نقطة الانطلاق إلى معظم الجزر اليونانية لم تشارك نقابة البحارة في الإضراب في حين بدأ موسم السياحة الحيوي لاقتصاد البلاد. إلا أن نحو مائتي ناشط منعوا السفن من الانطلاق صباح أمس. وقال نيكولا وهو موظف في المرفأ وعضو في نقابة القطاع الخاص لموظفي ميناء بيريوس: «نعتقد أن هذه السياسة وهذه التدابير سيئة بالنسبة إلى العمال بشكل عام يخفضون الرواتب ورواتب التقاعد والخدمات الاجتماعية. في الواقع يأخذون مال العمال لإعطائه إلى المصارف».

ويحتج المشاركون في الإضراب بشكل خاص، لا سيما موظفي الدولة، على خطة تقشف لعدة سنوات بين 2012 و2015 يفترض أن يصوت عليها البرلمان غدا وتنص على تقديم تضحيات جديدة لكي تتجنب اليونان الإفلاس وتتمكن من الحصول على مساعدة مالية جديدة من شركائها والجهات الدائنة. وتعد الموافقة على التدابير الجديدة شرطا أساسيا من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي للإفراج عن القسط الخامس من قرض المساعدات وقيمته 12 مليار يورو وأيضا اتخاذ قرار بشأن قرض مساعدات ثان لليونان. وتتضمن الإجراءات الجديدة، خطة متوسطة الأجل تنص على خفض أكبر للنفقات والرواتب وزيادة الضرائب وبيع وخصخصة مؤسسات وشركات الدولة العامة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي حث فيه رئيس الوزراء جورج باباندريو أعضاء البرلمان على إقرار إجراءات التقشف الاقتصادي الجديدة حتى تتفادى البلاد إعلان الإفلاس. وتحتاج أثينا إلى 12 مليار يورو لتمويل ميزانياتها الشهر المقبل وتفادي أول تخلف عن دفع ديون سيادية في منطقة اليورو. ووفقا للمصادر فإن صناديق الدولة ستخلو من الأموال خلال النصف الأول من الشهر المقبل ولن يكون لديها أموال لسداد المرتبات والأجور. ومن المقرر إجراء اقتراع برلماني على إطار برنامج التقشف اليوم (الأربعاء)، ثم يصوت أعضاء البرلمان غدا على مشروع قانون يتضمن خطوات محددة لتنفيذ البرنامج.

من جهة أخرى، أكدت المصادر أن الحكومة الفرنسية توصلت إلى اتفاق مع المصارف لدعم مالي لليونان ضمن حزمة الإنقاذ الثانية. ويقضي الاتفاق بأن يعد دائنو اليونان من المصارف الفرنسية الخاصة بإعادة استثمارات 70 في المائة من المبالغ المستحقة عند حلول آجال ديونها لأثينا، وسوف يتم توجيه 50 في المائة منها لاقتناء سندات حكومية يونانية جديدة، آجال تسديدها تبلغ 30 عاما بدلا من 5 سنوات.

وأكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن الحكومة والمؤسسات المصرفية الفرنسية سوف تقترح خطة جديدة لمصلحة اليونان، ستشارك فيها جهات دائنة خاصة، معربا عن أمله في أن يتم اعتمادها من الاتحاد الأوروبي، وقال ساركوزي ردا على سؤال في هذا الشأن: «لن نسمح بسقوط اليونان، نحن ندافع عن اليورو، إن ذلك في مصلحة الجميع».