أهالي مدينة القصير على الحدود اللبنانية يتخوفون من تكرار سيناريو تلكلخ

أعلنوا بدء اعتصام مفتوح حتى إطلاق المعتقلين من أبنائهم

TT

بدأ مساء أمس المحتجون في مدينة القصير بحمص، القريبة من الحدود مع شمال لبنان، اعتصاما مفتوحا، ودعوا كل الداعمين لحركتهم من أبناء القرى المجاورة، للانضمام إليه. ويأتي هذا الاعتصام بعد مفاوضات جرت بين الجهات الأمنية والأهالي للإفراج عن عشرات المعتقلين، تم القبض عليهم خلال الأسبوع الماضي، في عملية أمنية واسعة بدأتها السلطات السورية الأسبوع الماضي منذ يوم جمعة «سقوط الشرعية». ودخلت على أثره الدبابات إلى أحياء المدينة، لتمكث هناك ليل الجمعة ويوم السبت قبل أن تتابع طريقها باتجاه القرى الحدودية المجاورة. وأقامت العديد من الحواجز على مداخل المدينة، كما شنت حملة اعتقالات عشوائية واسعة، بحسب مصادر محلية. وقامت السلطات يوم السبت الماضي بمصادرة الدراجات النارية لمواطنين احتشدوا بالمئات أمام الفرن الآلي للحصول على خبز بعد يوم عطلة الجمعة، علما بأن الدراجة النارية تعد من وسائل النقل الأساسية في المدينة كسائر المدن السورية الصغيرة، ولا سيما الحدودية منها.

ومع اقتراب يوم الجمعة يتخوف أهالي المدينة من حصول ذلك؛ فمن شأن أي احتكاك أن يؤدي إلى انفجار منطقة تحتوي كل عناصر الاحتراب الأهلي، كما يخشون من تكرار سيناريو تلكلخ، لتشابه المنطقتين جغرافيا وديموغرافيا.

وأعلن الأهالي اعتصاما مفتوحا بعد إغلاق المحال التجارية في إضراب عام، ردا على «مراوغات الأجهزة القمعية التي وعدت بإطلاق سراح جميع المعتقلين فيما لم تفرج سوى عن 14 معتقلا فقط يوم الأربعاء مع إزالة الحواجز المؤقتة»، بحسب ما قال ناشطون على موقع «فيس بوك». وقال الناشطون الذين دعوا للاعتصام إنهم سيمكثون في ساحة السيدة عائشة إلى أن يتم الإفراج عن كافة المعتقلين.

يشار إلى أن مدينة القصير ومنذ أكثر من شهرين، تشهد مظاهرات ليلية يوميا، بالإضافة إلى مظاهرات كبيرة أيام الجمع. ولم يتم إطلاق نار على المتظاهرين لغاية يوم الاثنين 20 يونيو (حزيران) حين خرج المحتجون بأعداد كبيرة إلى الشارع لإعلان رفضهم لما جاء في خطاب الرئيس بشار الأسد. وقال السكان إن هذه الأعداد الكبيرة، أرعبت السلطات ودفعتها إلى اللجوء لتطبيق السيناريوهات السابقة ذاتها التي نفذت في مناطق أخرى، لاستقدام الجيش إلى المدينة وترويع المتظاهرين. وقال أحد المشاركين في المظاهرات في صفحته على موقع «فيس بوك»: «فجأة ظهر بيننا مسلحون جاءوا على دراجات نارية وهم من خارج البلدة، هؤلاء قاموا بإطلاق النار لدى الوصول إلى منطقة قريبة من المفرزة الأمنية، وعلى الفور سارع عناصر الأمن إلى إطلاق نار كثيف لتفريق المتظاهرين وحصلت فوضى ووقع أربعة شهداء؛ اثنان منهم من المدينة وآخران من القرى المجاورة جاءوا للمشاركة في المظاهرة، بعد أقل من ساعة كانت الدبابات تجول في شوارع المدينة وتطلق النار في الهواء». وأضاف: «أما الجرحى فقد رفض الأطباء إدخالهم المشفى الوطني، فقام المتظاهرون بسرقة سيارة إسعاف، وتم نقلهم إلى لبنان. وعلمنا لاحقا أن المسلحين الذين ظهروا فجأة في المدينة قاموا بإحراق حواجز أمنية دائمة موجودة على الطريق الذاهب إلى لبنان، وذلك قبل وصولهم مدينة القصير والانضمام للمتظاهرين».

وتابع يقول: «إنه السيناريو ذاته؛ حيث قامت قناة (الدنيا) المحلية وكالعادة بزيارة إلى المدينة والتقت مع أشخاص من الأهالي معروفين بارتباطاتهم مع الأجهزة الأمنية وأدلوا بشهادات تتهم المتظاهرين بأن بينهم مسلحين قاموا بإطلاق النار وترويع الأهالي وحرق وتخريب الحواجز الدائمة، وقالوا إنهم لم يشعروا بالأمان إلا بعد دخول الدبابات، أمر فهم منه المحتجون أنه تمهيد لعملية عسكرية كبيرة في المنطقة».

ويعيش في القصير نحو 50 ألف نسمة. عدا تنوعها السكاني من حيث التركيب الطائفي الذي يضم مسلمين سنة ومسيحيين وعلويين ومرشديين وشيعة، فهي منطقة معروفة بأنها ينشط فيها التهريب، لا سيما تهريب مادة المازوت. وعبر عقود طويلة، تشكلت فيها طبقة من السكان تعيش على التهريب وتتحالف مع السلطات المحلية في علاقات فساد، وكبار المهربين من المسلحين الذين يبسطون سيطرتهم على المناطق الحدودية بقوة السلاح، وبالخروج على القانون، ويشبهون إلى حد كبير عصابات الشبيحة الذين يتركزون في منطقة اللاذقية الساحلية، من حيث علاقاتهم مع السلطة. ومنذ بداية الاحتجاجات انحاز هؤلاء للنظام، إلا أنهم لم يظهروا على الساحة لعدم تجرؤهم على الوقوف في وجه المجتمع المحلي، بحسب ما أفاد به ناشط من مدينة حمص خلال تعليق له على الأحداث في المدينة عبر موقع «فيس بوك»، والذي قال أيضا إنه علم أن عددا من أهالي القرى الشيعية الحدودية الموالين لحزب الله وللنظام السوري.