الحملة الانتخابية حول الاستفتاء في المغرب تتحول إلى تراشقات بين الأحزاب

تبادل اتهامات حول مطالب النقابات

TT

تنتهي مساء اليوم (الخميس) حملة الاستفتاء على الدستور في المغرب، التي انطلقت في 21 يونيو (حزيران) الحالي، حيث من المرتقب أن يتوجه أكثر من 13 مليون ناخب يوم غد الجمعة، إلى صناديق الاقتراع للتصويت بـ«نعم» أو «لا» على مشروع الدستور الجديد، وخلال فترة حملة الاستفتاء استضافت القنوات التلفزيونية الحكومية مختلف التيارات السياسية المؤيدة أو الرافضة للدستور، وتحولت البرامج التلفزيونية المباشرة إلى حلبة للصراع والجدل بين الأحزاب والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني، في حين تعرض بعض قادة الأحزاب السياسية إلى تحرش من طرف شباب غاضبين في بعض المدن.

وخلال البرامج التلفزيونية، انتقدت الأحزاب اليسارية، التي تطالب بالملكية البرلمانية، وبمقاطعة للدستور، أحزاب الأغلبية والمعارضة الممثلة في البرلمان، بسبب صمتها عن المطالبة بالإصلاح الدستوري لسنوات طوال «وقبولها بالعمل في مناخ سياسي يتسم بالجمود وعجز كبير في الأداء الحكومي»، على حد قول مشاركين من هذه الأحزاب. في حين دافعت الأحزاب المشاركة في الحكومة والمعارضة عن موقفها بشأن الإصلاح الدستوري كل طبقا لرؤيته، بين من كان ينتظر حصول «توافق» حول هذا الأمر، وبين من قال إنه قدم مذكرات إصلاح لم يستجب لها.

كما وجهت انتقادات إلى مختلف الأحزاب لعدم مساندتها «حركة 20 فبراير» عند ظهورها، قبل أن تغير موقفها بشكل جذري بعد خطاب الملك في 9 مارس (آذار) الماضي، الذي أعلن فيه عن إجراء تعديل دستوري شامل.

وكشف النقاش حول الدستور عن غياب الانسجام والتوافق بين أحزاب الأغلبية، وبدا كل حزب يدافع عن موقفه إزاء قضية بمعزل عن البرنامج الحكومي العام، وخلال أحد البرامج انتقد مسؤول نقابي تلكؤ الحكومة في الاستجابة إلى مطالب العمال والموظفين في الزيادة في الرواتب، بعد أن تم الاتفاق على ذلك بين عباس الفاسي رئيس الوزراء وزعماء النقابات، وذلك بسبب رفض صلاح الدين مزوار وزير المالية المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار التوقيع على منح تلك الزيادات تفاديا لتحمل موازنة الدولة عبئا ماليا إضافيا، إلا أن مزوار نفى الأمر بشدة، وانتقد تحميله وحده مسؤولية عدم تنفيذ القرارات، وقال إن من يحاورون النقابات، في إشارة إلى عباس الفاسي، ليست لديهم الشجاعة لقول «لا» للنقابات، وبالتالي يرمون الكرة نحوه.

وخلال برنامج تلفزيوني عرض ليلة أول من أمس على قناة «ميدي إن تي في» خصص للحديث عن مجال الحريات والحقوق في الدستور الجديد، وقعت مشادة كلامية بين صلاح الوديع الناطق باسم حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ومحمد أوزين الوزير في وزارة الخارجية المنتمي لحزب الحركة الشعبية، عندما قال الوديع، العضو السابق في هيئة الإنصاف والمصالحة، إن حزبه هو الوحيد الذي طالب بدسترة توصيات الهيئة المتعلقة بطي مرحلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فيما أحزاب أخرى من بينها حزب الحركة الشعبية انتقد عمل الهيئة، وكان ضد تشكيلها من الأصل، قبل أن يرد أوزين عليه ويصف كلامه بالمزايدات السياسية، موضحا أن حزب الحركة الشعبية لم يكن ضد الهيئة، وإنما انتقد تجاهلها للمرحلة السياسية من 1956 إلى 1960، وعدم تعويض ضحايا الانتهاكات الجسيمة لتلك المرحلة، ليدخل الطرفان في جدال طويل حول مدى مساهمة كل حزب في «النضال الوطني».

وجلب حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض لنفسه انتقادات واسعة من قبل الهيئات السياسية والجمعيات المدنية ذات التوجه اليساري المؤيد للعلمانية بسبب إصراره الشديد على النص على المرجعية الإسلامية في الدستور، واتهم بأنه ضد إقامة الدولة المدنية، فيما نال حزب الاستقلال، الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي غضب الأمازيغ بسبب موقفه الرافض لجعل الأمازيغية لغة رسمية في الدستور إلى جانب العربية.

إلى ذلك، أفاد تقرير للهيئة العليا للاتصال المرئي والمسموع أن الخبراء والجامعيين شكلوا أكبر نسبة للمداخلات في برامج وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الحكومية منها والخاصة خلال حملة الاستفتاء على الدستور، وذلك بنحو 37 في المائة، وتناولت هذه المداخلات تقديم وشرح مقتضيات مشروع الدستور الجديد.

وقال التقرير الذي قدمته الهيئة أمس والمتعلق بمدى احترام تعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي خلال فترة الاستفتاء، بناء على التتبع الذي قامت به الهيئة خلال هذه الفترة، إنه تم عرض 1392 برنامجا خاصا بالاستفتاء الدستوري بثته وسائل الإعلام المرئي والمسموع خلال الفترة المذكورة، وبلغت مدة المداخلات 120 ساعة ونصف الساعة، تتوزع ما بين نشرات الأخبار، والبرامج الخاصة، وذلك خارج حصص المداخلات المباشرة الخاصة بالأحزاب السياسية والنقابات في القنوات التلفزيونية والإذاعات الحكومية.

تأتي الأحزاب السياسية في المرتبة الثانية على مستوى المداخلات في هذه البرامج بـ26 في المائة، تتوزع ما بين 52 في المائة لأحزاب الأغلبية، و40 في المائة للمعارضة، و8 في المائة للأحزاب غير الممثلة في البرلمان، في حين سجلت فئة النقابات نسبة 4 في المائة من المداخلات. وحظي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بحصة مهمة في هذه البرامج وذلك بنسبة 47 في المائة، إلى جانب مجلس المغاربة المقيمين في الخارج بنسبة 26 في المائة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بنسبة 18 في المائة. وبلغت مداخلات جمعيات المجتمع المدني نسبة 12 في المائة، منها المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات بنسبة 12 في المائة، و«حركة 20 فبراير» نحو 5 في المائة، في حين شملت المداخلات الأخرى رأي الشارع بنسبة 18 في المائة. وأشار التقرير إلى أن خمس قنوات تلفزيونية مغربية هي «الأولى» والقناة الثانية، والقناة الأمازيغية، و«ميدي 1 تي في»، وقناة «العيون» المحلية، شكلت 35 في المائة من حجم المداخلات، مقابل 26.5 في المائة بالنسبة للإذاعات الحكومية الثلاث «الإذاعة الوطنية»، و«الإذاعة الأمازيغية» و«إذاعة الرباط الدولية».