الشيخ صلاح يتحدى قانونيا قرار وزيرة الداخلية البريطانية باعتقاله وترحيله

الفلسطينيون يعتبرون الاعتقال خضوعا لضغط «اللوبي الصهيوني».. واليمين الإسرائيلي يصفه بالإنجاز

الشيخ صلاح في صورة أرشيفية تعود إلى يوليو 2009 (أ.ب)
TT

رفض الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في شمال إسرائيل، قرار وزيرة الداخلية البريطانية تريسا ماي، بترحيله عن الأراضي البريطانية بعد اعتقاله فجر أمس، بناء على قرار من الوزيرة، قائم على أساس أنه ممنوع من دخول الأراضي البريطانية لإقدامه على «تصرفات غير مقبولة»، وفق ما قاله مصدر في وزارة الخارجية البريطاني لـ«الشرق الأوسط» أمس.

وأما بيان وزارة الداخلية الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، فقد ذكر أن «وزيرة الداخلية تريسا ماي قالت إننا لا نعلق في العادة على حالات فردية، ولكن في هذه الحالة، أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن أفعل ذلك». وأضاف البيان «يمكنني أن أؤكد أنه ممنوع من الدخول، وعلى الرغم من ذلك فإنه تمكن من دخول الأراضي البريطانية وهو الآن محتجز وتجري سلطات الحدود الإجراءات اللازمة لإبعاده». وأوضحت الوزيرة أن «تحقيقا افتتح في كيفية دخوله». ورفض مصدر في وزارة الخارجية البريطانية، اتصلت به «الشرق الاوسط»، تحديد الأسباب التي دعت وزارة الداخلية إلى اتخاذ قرار منع الشيخ صلاح من الدخول إلى الأراضي البريطانية، وإن كان لهذا القرار أي علاقة بضغوط اللوبي اليهودي الصهيوني في المملكة المتحدة، مكتفيا بالقول إن مثل هذا القرار ليس الأول من نوعه. وحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن مثل هذا القرار اتخذ ضد غيرت فيلدرز رئيس حزب يميني متطرف في هولندا وكذلك موسيقي أميركي.

واعتقل الشيخ صلاح فجر أمس، وبعد مرور 3 أيام على دخوله بريطانيا، وجرى تكبيله بالقيود واقتياده إلى السجن. وهو الآن محتجز في مركز شرطة بادينغتون غرين غرب لندن، وينوي تحدي قرار ترحيله قانونيا، حسب ما قاله زاهر البيراوي المتحدث باسم المنتدى الفلسطيني في بريطانيا الذي وجه إليه الدعوة للمشاركة في مؤتمر فلسطين المزمع عقده في 2 يوليو (تموز) المقبل لـ«المركز الفلسطيني للإعلام». وأضاف البيراوي أن الشيخ صلاح يتمتع بمعنويات عالية، مؤكدا أنه لن يقبل قرار الترحيل وسيتحداه قانونيا. وتابع القول إن الشيخ صلاح «يفضل أن يواجه القضاء لكي تكون فرصة للدفاع عن نفسه ونفي التهم الموجهة إليه، ولكي تكون أيضا فرصة أخرى ليفضح الممارسات (الإسرائيلية) بحق المواطنين الفلسطينيين». وقد أبلغ محاميه طيب علي الذي وكله المنتدى أنه يفضل هذا الخيار على خيار الترحيل، وأنه متأكدٌ أنه سيكسب القضية لو عرضت على القضاء البريطاني «لأنه سبق أن كسب قضية مشابهة في المحاكم (الإسرائيلية)، حيث اتهم في حينه بمعاداة السامية».

وأثار اعتقال الشيخ صلاح، الذي شارك في أسطول الحرية الأول لكسر الحصار عن غزة في مايو (أيار) 2010، وأدخل السجن الإسرائيلي أكثر من مرة لنشاطاته في الدفاع عن المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، كان آخرها في أغسطس (آب) الماضي بتهمة إهانة شرطي إسرائيلي - ردود فعل متفاوتة. فبينما دعت القيادات الجماهيرية العربية في إسرائيل وأنصار فلسطين في المملكة المتحدة إلى مظاهرات أمام السفارة البريطانية في تل أبيب، وفي لندن، يخطط حزب «إسرائيل بيتنا» العنصري الذي يتزعمه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، إلى طرح ما سماه مشروع قرار رائد صلاح، على الكنيست. ويدعو مشروع القانون الذي اقترحه النائب أليكس ميللر، إلى منع أي شخص مدان بمساعدة منظمات إرهابية، من دخول المؤسسات التعليمية التي تمولها الحكومة، وأن خرق القانون ينطوي على عقوبة بالسجن 18 شهرا.

وقال ميللر معلقا على اقتراحه «إذا كانت الحكومة البريطانية قد منعت هذا الرجل من دخول أراضيها بسبب آرائه المتطرفة وخوفا من استخدام المنابر العامة والأكاديمية للتحريض على العنف والعنصرية، فإنه لن يكون هناك سبب يجعل الحكومة الإسرائيلية تعطي هذه المتعة لصلاح وأمثاله».

واستغل النائب أحمد الطيبي رئيس القائمة الموحدة والعربية للتغيير في الكنيست، والنائب حنا سويد رئيس كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، لقاء مقررا سلفا مع وزير الدولة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط، ألستر بيرت، بحضور السفير البريطاني في تل أبيب، ماثيو غولد، ليعبرا عن استنكارهما. وطالب النائبان الطيبي وسويد، الوزير البريطاني بإطلاق سراح صلاح، رافضين الاعتقال وواصفين إياه بأنه غير ديمقراطي ويستند إلى معلومات مضللة، ويمس بحرية التعبير والحريات الشخصية والسياسية، ويتناقض مع الادعاءات الديمقراطية بضرورة التعددية واحترام الآخر، خاصة أن الشيخ صلاح كان قد قدم محاضرة في جامعة تل أبيب قبل نحو الشهر، فلماذا لا يسمح له بتقديم محاضرات في لندن.

ورد الوزير البريطاني قائلا: «إن الاعتقال هو قرار من وزارة الداخلية التي منعت في الماضي دخول الراهب تيري جونس الذي هدد بحرق القران الكريم، ولكنني سأنقل طلبكما فورا إلى حكومتي وكذلك سأفحص الموضوع فور عودتي إلى بريطانيا». وأدانت الحركة الإسلامية في إسرائيل في بيان، الاعتقال. وقال المحامي زاهي نجيدات، المتحدث باسمها، إن «هذا قرار صهيوني بتنفيذ بريطاني، وهو اعتقال سياسي من الدرجة الأولى، جاء بناء على الضغط اللوبي الصهيوني - البريطاني». وأضاف: «منذ اللحظة الأولى التي تسلم فيها فضيلة الشيخ الدعوة (للمشاركة في فعاليات يوم فلسطين)، واللوبي الصهيوني يصدر البيانات ويكتب المقالات المحرضة عليه. وهذا الاعتقال لن يثنينا عن الصدع بالحق وقول الحقيقة حول قضيتنا الفلسطينية على وجه الخصوص وأن تبقى الرواية الصهيونية تضلل الشرق والغرب».

في المقابل، رحبت أوساط اليمين الإسرائيلي باعتقال الشيخ صلاح، معتبرة إياه إنجازا للجالية اليهودية في بريطانيا. وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن مجموعة يمينية من الجالية تقدمت بشكوى ضد صلاح بدعوى أنه «لا سامي ويحرض على اليهود كونهم يهودا، وهو أمر مخالف للقانون البريطاني». وقالت إن صلاح دخل إلى بريطانيا نتيجة لخطأ ارتكبه الشرطي الذي يعمل في مراقبة جوازات السفر في مطار لندن، حيث إنه لم ينتبه إلى وجود أمر رسمي من وزيرة الداخلية يعتبر صلاح «شخصية غير مرغوب فيها» ويحظر دخوله إلى بريطانيا.

وكان من المقرر أن يحل الشيخ صلاح ضيفا على «فعاليات يوم فلسطين»، وأن يلتقي بعض النواب في مجلس العموم البريطاني ويلقي محاضرات ولقاءات صحافية. وقد أعلن عن برنامج المؤتمر قبل أسابيع ولم تطلب وزارة الداخلية في حينه أي توضيح في هذا الشأن من اللجنة المنظمة للمؤتمر.