الصين تحيي ذكرى تأسيس حزبها الشيوعي وسط تساؤلات عن المستقبل

محللون: النظام يحمل مواطن ضعف قد لا تسمح له بالاستمرار أكثر من 10 سنوات

TT

يقود الحزب الشيوعي الصيني الذي أسسه نحو عشرة مثقفين قبل تسعين سنة، ثاني أكبر نظام اقتصاد في العالم، لكن انعدام التوازنات والديمقراطية يهدد مستقبل النظام على المدى المنظور، كما يرى محللون.

ومن بين الدعاية التي تضاعفت عشية الذكرى التي يحتفل بها في الأول من يوليو (تموز) مع أن الاجتماع التأسيسي انعقد نهاية يوليو في شنغهاي، فيلم بعنوان «بداية النهضة الكبيرة»، شاهده 218 مليون متفرج خلال أسبوعين. وفرض الحزب الشيوعي الصيني الذي تولى الحكم في 1949 بعد تحالفين وحربين ضد قوميي الكومينتانغ، بقيادة ماو تسي تونغ، تصفيات سياسية متواصلة وحملات تأميم أسفرت عن سقوط ملايين القتلى في الصين.

وتلت وفاة ماو تسي تونغ ثلاثة عقود من «الإصلاحات والانفتاح» بقيادة دينغ كسياوبينغ والرؤساء من بعده، فجعلوا من الصين قوة اقتصادية، لكن الحزب الحاكم ولو أنه نُزعت عنه تدريجيا مظاهر الآيديولوجيا الماوية، فإنه لم يتوقف أبدا عن احتكار السلطة.

وقال جيمس سيمور، الأستاذ في جامعة هونغ كونغ الصينية، إن «البيئة تدفع ثمنا باهظا للنمو، لأن إدارة الاقتصاد لا تتم بطريقة ديمقراطية، بينما بات نظام الصحة متداعيا». وأوضح ريتشارد ماكغريغور في كتابه «الحزب.. العالم السري للقادة الشيوعيين الصينيين»، أن النظام المركزي الذي يعين من خلاله الحزب المسؤولين على كل المستويات في بلد يبلغ عدد سكانه 1.34 مليار نسمة، يعاني من فساد على نطاق واسع أدى في بعض الأحيان إلى تشكيل سوق حقيقية لبيع وشراء المناصب. وقال سيمور إن «مواطن الضعف في النظام لن تسمح ببقاء الحزب لفترة طويلة». وأضاف «بالقياس إلى تجربة الكومينتانغ والاتحاد السوفياتي، فأمامهم عشر سنوات فقط».

وأقر الرئيس الصيني هو جينتاو بأن الفساد يشكل خطرا كبيرا على شرعية الحزب الشيوعي الصيني، في حين تشن حملات بانتظام على المستويات الأدنى لتفادي أن تطال تداعيات الفضائح السلطة المركزية. ومن جانبه قال هو كسينغدو، الأستاذ في معهد التكنولوجيا في بكين، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «كبار القادة يحظون باحترام كبير في الرأي العام، لكن الناس لا يثقون في الحكومات المحلية ومسؤوليها».

وأعلن الحزب الذي يعتبره كثيرون وسيلة ارتقاء اجتماعي، مؤخرا، أن عدد أعضائه فاق الثمانين مليونا، يتجاوز عمر أكثر من ربعهم الستين سنة. ولذلك يسعى الحزب إلى ضم المزيد من المؤهلين والشبان لا سيما الطلبة الذين لا يتجرأون في معظم الأحيان ويرفضون اقتراحات الانضمام.

ولا يشاطر الجميع الحماسة التي تحركها وسائل الإعلام الرسمية منذ عدة أسابيع، للاحتفال بالأول من يوليو، بل بالعكس كما يشتكي أحد مستخدمي شبكة «ويبو» التي تشبه «تويتر» في الصين «أنا لست منخرطا في الحزب، ولا تهمني الذكرى التسعين، لكنهم يفرضون علي أن أغني بعد العمل». واشتكى أشخاص آخرون عبر الإنترنت لأنه تعين عليهم أن يكتبوا مقالات في مديح الحزب أو دفع اشتراكات، بينما هم ليسوا أعضاء، في حين أعرب أحدهم على الإنترنت عن ارتياحه لأنه تلقى 500 يوان (54 يورو) من رئيسه للاحتفال بتلك الذكرى.

ولا يبدو أن تغيير الأجيال المتوقع في قيادة الحزب الشيوعي الصيني وبالتالي في البلاد، في خريف 2012، يثير اهتماما كبيرا بين السكان. وقال هو كسينغدو «سيكون الأمر مجرد استمرار لسياسية جيل القادة السابق. قد تحدث بعض التعديلات الصغيرة لكني لا أتوقع منعطفا مهما».