حلب تنضم لموجة الاحتجاجات.. ومظاهرات تلف المدينة تجاوبا مع الدعوات لـ«خميس بركان حلب»

انتشار الدبابات السورية في مدن جديدة في إدلب عشية «جمعة ارحل»

من مظاهرات حلب أمس في يوم «خميس بركان حلب»
TT

انضمت حلب، أمس، إلى موجة الاحتجاجات التي تلف سوريا منذ منتصف مارس (أذار) الماضي، ولبت المدينة دعوات تنسيقيات الثورة السورية للخروج بما سمي خميس «بركان حلب»، حيث خرج الآلاف من سكان المدينة في مظاهرات تنادي بإسقاط النظام في مناطق باب النيرب والمرجة وباب الحديد وحي المشارقة وسيف الدولة وباب النصر وحي الجديدة ودوار السبع بحرات القريب من الجامع الكبير، إضافة إلى مسيرة نسائية انطلقت من أبواب حلب القديمة.

وتزامن ذلك مع اتجاه الدبابات السورية نحو قرى مناطق جديدة في محافظة إدلب. ووصل الجيش إلى بلدة كفر سجنة التابعة إلى معرة النعمان في محافظة إدلب، شمال غرب، وانتشرت الدبابات في البلدة عشية مظاهرات «جمعة ارحل» وهو اليوم الذي من المتوقع أن يشهد احتجاجات واسعة بعد دخول مدينة حلب على خط الاحتجاجات.

وخرج المئات في أحياء باب الحديد وباب النصر وشارع القوتلي وتوجهوا إلى ساحة سعد لله الجابري، أكبر الساحات في مدينة حلب، وعلى الفور سارعت قوات الأمن إلى إطلاق نار لتفريق المتظاهرين وتم الهجوم عليهم من قبل «الشبيحة»، بحسب ناشطين في المنطقة. وجرت اعتقالات واسعة أسفرت في بدايتها عن جرح نحو خمسة أشخاص في منطقة باب الحديد. كما خرجت مظاهرات أخرى في ساحة الجامعة وفي باب الفرج. وفي المظاهرة التي خرجت في الجامعة جرت اعتقالات واسعة بين صفوف الطلبة، كما تم اعتقال خمس طالبات. وقال ناشطون إن المظاهرت عمت وسط مدينة حلب في حي المشارقة وحي سيف الدولة. كما خرجت مظاهرة أخرى في محيط فندق الديدمان. وقال ناشطون إن المظاهرات في حلب ونتيجة الكثافة الأمنية وعناصر اللجان الشعبية و«الشبيحة»، كان بعض المظاهرات طيارة وبعضها شهد كرا وفرا، أو تفرق في مكان لتعود وتتجمع في مكان آخر.

ويعد هذا التحرك الأكبر الذي تشهده مدينة حلب التي تعد عاصمة سوريا الاقتصادية، حيث تتركز معظم رؤوس الأموال السورية الصناعية والتجارية، كما أنها البوابة السورية التجارية إلى تركيا وأوروبا. ومنذ انطلقت الاحتجاجات نجح النظام في إبقاء مدينة حلب خارج نطاق الاحتجاج، من خلال تحالفاته مع كبار التجار والصناعيين في حلب ومن خلال اللجان الشعبية التي أوكل إليها إخماد المظاهرات في مهدها.

وتأخر حلب عن الالتحاق بركب الاحتجاجات المناهضة للنظام في سوريا جعلها محط انتقاد شديد، وصل إلى حد مقاطعة البضائع الحلبية من قبل التجار، لا سيما في مدينتي حماه وحمص، اللتين تعتمد تجارتهما المحلية بشكل رئيسي على البضائع الحلبية. كما امتنع التجار في حمص وحماه عن تسديد المستحقات المالية لتجار حلب، في محاولة للضغط عليهم. إذ يتخوف النظام من تفجر الاحتجاجات في حلب ودمشق، كبرى المدن السورية، لما يمثله ذلك من خطر على النظام وقد يسرع في تهاوي الاقتصاد والنظام.

من جانب آخر، سارعت إدارة المدينة الجامعية في حلب إلى إخلاء معظم الوحدات السكنية فيها من قاطنيها ظهر أمس، وإغلاق غالبيتها. ونقل موقع «سيريا نيوز» عن مدير المدينة الجامعية محمد سلوم قوله إن «سبب الإخلاء تعرض الوحدات السكنية للتخريب بحيث غدت غير صالحة للسكن على الإطلاق».

من جهته، قال أحد الناشطين في المدينة ومنسق رئيسي للمظاهرات التي خرجت أمس لـ«الشرق الأوسط» إن «المدينة كانت في وضع مريب جدا، حيث أغلقت معظم المحلات التجارية أبوابها، وانتشرت عناصر الأمن والشبيحة في كل مكان مغلقة المنافذ الرئيسية للمدينة، إضافة إلى قطع الإنترنت والكهرباء عن بعض المناطق». وأضاف أن «ذلك لم يمنع المتظاهرين من الخروج وهم يعلمون جيدا أنه سيتم ضربهم واعتقالهم، فقد قامت أجهزة الأمن بمهاجمة المتظاهرين في حي المشارقة كما اعتدوا على الطلاب الذين خرجوا بعد انتهاء امتحاناتهم في جامعة حلب للمطالبة بإسقاط النظام».

وأضاف الناشط أن «مدينة حلب تحركت منذ بداية الاحتجاجات، خاصة في الجامعة حيث خرج الطلاب نصرة لمدينة درعا، لكن هذه التحركات تم قمعها بسرعة وأذكر أن أحد المتظاهرين في تحركات الجامعة وهو من الطائفة الأرمنية، توفي تحت ضربات هراوات الأمن والشبيحة. فقام التجار الأرمن في المدينة بإغلاق محلاتهم تعبيرا عن احتجاجهم. إلا أن أجهزة الأمن قامت بجلبهم من بيوتهم وأجبرتهم على فتح محلاتهم».

وأكد الناشط أن «التحركات في حلب ستتسع دائرتها لتشمل جميع المناطق، هذا ما سيظهر اليوم في جمعة الرحيل، فسكان المدينة وشبابها يعانون نفس المعاناة التي يعيشها بقية السوريين، فلن تقبل مدينة سيف الدولة بعد الآن أن تبقى على هامش المشهد الاحتجاجي، لا بد أن تتصدره وتقوده وهذا ما سيحصل». وذكر أن النظام السوري يفتخر عبر أجهزة إعلامه بولاء سكان المدينة التي تقع شمال سوريا ويقطن فيها أكثر من أربعة ملايين نسمة، وتعد المدينة العاصمة الصناعية والتجارية للبلد. حيث نظمت مسيرات تأييد للنظام قرب القلعة التاريخية، إضافة إلى مجموعة ندوات تم إجراؤها في المدينة لدعم موقف النظام وتأكيده، أبرزها ندوة أقامها الإعلامي غسان بن جدو، الذي استقال من قناة «الجزيرة» بسبب ما اعتبره انحياز القناة وكيلها بمكيالين في تغطيتها للأحداث في سوريا. وأكد بن جدو في محاضرته أن «النظام السوري صمد وانتهى الأمر، ومن يراهن على أي شيء آخر فهو واهم»، جازما بوجود «مسلحين دخلوا من خارج سوريا، ومسلحين خرجوا من سوريا إلى دول الجوار، وتحديدا لبنان».

وبالتزامن مع المظاهرات في حلب، خرجت مظاهرتان أخريان في وسط العاصمة دمشق أمس، واحدة شارك فيها العشرات أمام كلية الاقتصاد في البرامكة والأخرى طيارة أمام فندق «الفورسيزون» في التجهيز. ولكن تم تفريقهما على الفور من قبل عناصر الأمن بالعصي والصواعق الكهربائية.

وفي حمص، أفاد ناشطون منهم المعارض ياسين حج صالح الذي كتب على صفحته في موقع «فيس بوك»، ونقلا عن رسالة وصلت من الناشط نجاتي طيارة أن «أحد بلطجية النظام قام بالاعتداء على الناشط الحقوقي نجاتي طيارة مساء أمس في سجنه، وقد كان الاعتداء وحشيا وسبب كدمات بالغة الشدة». وحمل ناشطون من حمص النظام وسلطات سجن حمص المركزي المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن هذا الاعتداء السافر. وطالبوا بإطلاق سراح الناشط الحقوقي نجاتي طيارة وكل معتقلي الرأي الحر في سوريا.

من جانب، قالت آخر مصادر محلية في مدينة حماه إن آلاف الأشخاص اعتصموا في ساحة العاصي ليلة الأربعاء وانفضت دون أي اشتباكات مع القوى الأمنية. وفي دير الزور، اعتصم مئات المواطنين في دوار المجلجي ليلة الأربعاء ولم يلحظ أي وجود أمني، وفي القامشلي وقعت أمس (الخميس) مشاجرة بين متظاهرين معارضين وآخرين مؤيدين مع رجال الشرطة والأمن الذين قاموا بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.