ما بعد القرار الاتهامي: الشارع السني يعيش حالة من الارتياح والترقب

بين تبادل التهنئة والسؤال عن كيفية تعامل حزب الله والحكومة والمجتمع الدولي معه

TT

منذ مساء أول من أمس تلبدت الأجواء اللبنانية بالشائعات؛ بل الأخبار المؤكدة التي تسابقت وسائل الإعلام اللبنانية على بثها والتي تصب كلها في خانة صدور القرار الاتهامي في ما يتعلق بجريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. ولم يكن إعلان الاتفاق على البيان الوزاري إلا تأكيدا لهذه الأخبار التي كانت لسان حال اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية، مع تمايز في التحليلات والتوقعات، لا سيما في أوساط مناصري فريق «14 آذار» بشكل عام وتيار المستقبل والطائفة السنية بشكل خاص، لما ستكون عليه الأوضاع بعد صدور هذا القرار وكيفية تعامل فريق «8 آذار» والحكومة اللبنانية، لا سيما حزب الله، معه.

وفي حين كان تأكيد بعض مناصري تيار المستقبل في منطقة طريق الجديدة والأحياء المجاورة أنه لن يكون لهذا القرار أي ردود فعل على الأرض، كان عدد آخر من الشباب يؤكدون أنهم يتحضرون للاحتفال مساء. وبالتالي، فإن المتحدث إلى هؤلاء سيتلمس حالة من «الارتياح والترقب» التي عمتهم بعدما كانوا شبه متأكدين بأن سهام الاتهام لن تكون في غير الوجهة وهوية الأشخاص التي سبق أن سربت عبر وسائل الإعلام، فصار الانتظار سيد الموقف من دون أن ينفي ذلك إجماعهم على أن «ساعة الحقيقة قد دقت» و«لا بد من أن تأخذ العدالة مجراها».

تعتبر سامية (50 عاما) من طريق الجديدة، «أن ما صدر اليوم (أمس) ليس أكثر من مذكرات توقيف، وبالتالي يبقى تنفيذها محكوما بكيفية تعامل الحكومة وبيانها الغامض معها، وفي مرحلة لاحقة كيف سيكون الموقف الدولي من هذا السلوك وما قد يفرضه من عقوبات». أما في ما يتعلق برد فعل الشارع، فتلفت إلى أنه «مما لا شك فيه أننا تنفسنا الصعداء وشعرنا أن ساعة الحقيقة قد حانت، لكن أعتقد أن الأمر لن ينعكس اضطرابات على الأرض لأن ردود الفعل التي حكي أن حزب الله سيقوم بها كانت سياسية بامتياز من خلال كل ما قام ويقوم به». ولا يختلف رأي فادي (35 عاما) عن سامية؛ إذ يعتبر أن «ردود الفعل لن تنعكس على الشارع اللبناني بل ستبقى المعركة سياسية بامتياز، من دون أن ننسى مدى إمكانية الوصول إلى هؤلاء الأشخاص أم لا في ظل قدرة حزب الله على رفض تسلميهم، لا سيما أنه كان على علم بمضمون القرار. وليس السلوك السياسي الذي اتبع بدءا من الاستقالة من حكومة الوحدة الوطنية ثم تكليف نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، إلا تخطيطا لما سيكون عليه تعاملهم مع القرار الظني، إضافة طبعا إلى السياسة الكيدية والانتقامية التي سيكملون السير بها». ويعتبر فادي أن هذا القرار سيعزز مصداقية فريق «14 آذار»، «لا سيما أن حزب الله الذي كان رافضا حتى مبدأ اتهام عناصر منه أعلن حسن نصر الله منذ أيام قليلة أنه مخترق أمنيا من قبل عملاء هم عناصر في فريقه الأمني، من دون أن ننسى أن أحد المتهمين بجريمة اغتيال الحريري هو مصطفى بدر الدين، أحد المقربين لعماد مغنية الذي اغتيل في سوريا».

من جهتها، تعتبر ريما (30 عاما) أن «ما أعلن ليس جديدا، هذا ما كان متوقعا، لكن الجديد سيكون في المرحلة التالية وانتظار ما سيكون عليه رد فعل الحكومة اللبنانية وبيانها الملتبس حول المحكمة، إضافة إلى تعامل الفريق المعني الأساسي، أي حزب الله، مع هذا القرار ومع الأسماء التي يبدو أنها جميعا تنتمي إليه».

كما في الشارع، كذلك على صفحات التواصل الاجتماعي، لا سيما منها الـ«فيس بوك»، تكثر المجموعات المؤيدة لـ«المحكمة الدولية الخاصة بلبنان» تحت عناوين متقاربة، إضافة إلى تلك التابعة لعناصر تيار المستقبل، ومن بينها صفحة «بدنا المحكمة الدولية»، التي اعتبر أعضاؤها عشية إصدار القرار أن السباق الذي كان حاصلا بين بيان الحكومة اللبنانية وإصدار القرار الظني يذكر بالسباق بين التمديد لرئيس الجمهورية السابق إميل لحود والقرار الدولي رقم 1559 في عام 2004. وفي حين كانت مناقشات هؤلاء تتوقع صدور القرار الاتهامي يوم السبت المقبل، جاءهم الرد يوم أمس، فتحولت الصفحة إلى ساحة للتهنئة بين أعضائها، ولتعليقات متنوعة، بين: «الله كبير.. يمهل ولا يهمل» و«الحق ما بموت» و«انتصر الحق وزهق الباطل» و«كل مجرم سيأخذ عقابه»، فيما كان رد البعض: «لا نستطيع أن نقول مبروك إلا بعد أن يأخذ المجرمون جزاءهم».