الجزائر: المحامون يحتجون ضد مشروع يعزز سلطات القضاة عليهم

يتضنن بندا يمنح القاضي حق فصل المحامي ومحاكمته

TT

يحتدم في الأوساط القانونية والسياسية بالجزائر، جدل حول مشروع قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، ويرى فيه المحامون تعزيزا لسلطات القضاة عليهم، و«تكميما لحقوق الدفاع». وجاء هذا المشروع في إطار خطط الإصلاح السياسي الذي تعهد به رئيس الجمهورية في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

وقال وزير العدل لصحافيين بالعاصمة أمس، إنه يريد فتح حوار مع نقابة المحامين التي نظمت مظاهرات صاخبة أمام مبنى البرلمان أول من أمس، للمطالبة بسحب «مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة» المثير للجدل.

ويحتج أصحاب البذلة السوداء على ثلاث مواد في مشروع القانون، أكثرها إثارة لاستيائهم المادة 24 التي تعطي للقاضي الحق في توقيف مرافعة المحامي وطرده من جلسة المحاكمة، إذا قدر بأن اعتراضه على طريقته في تسيير المحاكمة «تجاوز الحدود». وبناء على ذلك يمكن للقاضي بموجب هذه المادة، أن يطلب من نقيب المحامين فصل المحامي نهائيا من المهنة، بل ويمكن أن يتابعه قضائيا. وقال المحامي عبد الحميد رهيوي من محكمة قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة)، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «إن هذه المادة بمثابة إعلان عن وفاة المحاماة وقبر صريح لحقوق الدفاع».

أما رئيس نقابة محاميي العاصمة عبد المجيد سليني، فقال: «إذا قدر لهذا القانون أن يصدر بصيغته الحالية، فسوف نطأطئ رؤوسنا وننحني أمام القاضي عندما نترافع، مخافة أن يوقفنا.. فكيف يمكن أن ندافع عن حقوق زبائننا عندما يكون السيف مسلطا على رقابنا؟!». أما المحامي المخضرم عبد الرحيم بوحنة، فقال: «القاضي أصلا يتعامل معنا بمنطق الغالب والمغلوب، وسيتحول إلى غول بسبب هذا القانون».

وهون وزير العدل من احتجاج المحامين، قائلا إن نقابة العاصمة الوحيدة التي تعارض مشروع القانون، من مجموع 15 نقابة تمثل مختلف جهات الجزائر، تضم 30 ألف محام. ويتهم سليني رئيس «اتحاد نقابات المحامين» مصطفى الأنور، بـ«بيع القضية في المزاد العلني» لأنه وافق على النص القانوني. وقال للصحافة إن الأنور «سيجد نفسه وحيدا في مساندة هذا المشروع لو جمع كل النقابات في جمعية عامة لإبداء الرأي حوله».

ودافع وزير العدل على مشروعه قائلا: «لقد تم التحضير له لمدة 10 سنوات، وتمت صياغته من طرف لجنة تشكلت من محامين وقضاة اشتغلوا على هذا النص لمدة 4 سنوات». وأضاف: «هناك تأويلات حادت بالنص عن أهدافه، وبإمكان نواب البرلمان إعادة النظر في المواد محل الاحتجاج. فالبرلمان موجود لكي يعدل ويغير أي مشروع يطرح أمامه». ويرفض المحامون أن يصل المشروع إلى البرلمان، لأنهم لا يثقون في النواب. وهذا الموقف يعبر عن رأي غالبية الأحزاب والتنظيمات وقطاع واسع من الجزائريين، تجاه البرلمان الموصوف بأنه «غير شرعي» لأنه وليد نسبة تصويت ضعيفة في انتخابات 2007. علاوة على أن أقل من 10 في المائة فقط من القوانين التي صدرت في الفترة النيابية الحالية، كانت بمبادرة من النواب.

ويعد مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة، عنصرا في حزمة إصلاحات سياسية تعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإدخالها على عدة قوانين، أهمها الانتخابات والأحزاب والإعلام، كما تعهد بتعديل الدستور.