ساركوزي ضحية اعتداء رغم الإجراءات الأمنية المشددة

اجتذبه رجل أثناء مصافحته لأشخاص تجمهروا لتحيته وكاد يرميه أرضا

مجموعة لقطات متسلسلة تبرز حادثة محاولة رجل الاعتداء على ساركوزي خلال مصافحته لعدد من الأشخاص، مما أفقد الرئيس الفرنسي بعضا من توازنه، ثم في الأخير استعاد قواه وواصل مصافحة الناس، في بلدة براكس جنوب غربي فرنسا، أمس (رويترز)
TT

منذ بداية الربيع الماضي، كثف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي زياراته الرسمية إلى المناطق الفرنسية فأصبحت بمعدل زيارتين في الأسبوع. وككل مرة، تنطلق الماكينة الرئاسية لتحضير الزيارة بأدق تفاصيلها خصوصا الأمنية منها. ويحرص المسؤولون عن أمن الرئيس الشخصي الذين يتنقلون معه بثيابهم المدنية على التعاطي مع جميع السيناريوهات الممكنة لضمان سلامة الرئيس ومرافقيه. وهؤلاء مدربون تدريبا عاليا ويختارون من بين نخبة رجال الشرطة.

ورغم جميع هذه الاحتياطات، فقد تعرض ساركوزي أمس لما يمكن وصفه بـ«اعتداء خفيف» لدى زيارته لقرية براكس الواقعة في منطقة أكيتانيا (جنوب غربي فرنسا) بمناسبة انعقاد الجمعية العمومية لرؤساء بلديات هذه الدائرة.

وما حصل أن الرئيس الفرنسي كان يصافح بعضا من سكان القرية والجوار الذين تجمعوا خلف حاجز معدني بعد انتهاء الاجتماع. وتظهر الصور التي بثتها القنوات التلفزيونية ساركوزي جيد المزاج ومبتسما. وفيما كان يمد يمناه لمصافحة امرأة، تمسكت به يد رجل وجذبته بعنف نحو الحاجز الحديدي. ولم يقع الرئيس أرضا لكنه فقد بعضا من توازنه وأحنى رأسه وجسده وكأنه يتحاشى ضربة أو يسعى للتملص من القبضة الممسكة به. وسرعان ما انقض أربعة من حراسه على المعتدي فطرحوه أرضا ومنعوه من الحراك. وبعد ذلك، نقل المعتدي إلى مركز للدرك حيث أوقف وبدأت التحقيقات معه لمعرفة الدوافع. وبعد أن استعاد ساركوزي هدوءه، استأنف مصافحة المتجمهرين لتحيته.

ولم يعلق الرئيس ساركوزي على الحادث علنا. كذلك امتنعت الرئاسة عن إصدار أي بيان بشأنه. وجل ما قالته مصادرها أن الرئيس لن يقدم دعوى شخصية ضد المعتدي. لكن هذا لا يعني مطلقا أن المعتدي سيفرج عنه، إذ إن النيابة العامة يمكن أن تتحرك ضده. وبالنظر إلى شخص رئيس الجمهورية ومسؤولياته الدستورية ولترجيح أن الاعتداء وقع عن قصد وتصميم، فإن حكم القضاء، في حال محاكمته، يمكن أن يؤدي إلى السجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 45 ألف يورو. ولم تكشف المصادر الأمنية عن هوية الرجل لكنها أفادت بأن عمره 32 عاما وهو من أبناء المنطقة ويعمل في أحد المعاهد الموسيقية لكنه معروف سابقا لدى أجهزة الأمن.

وكان ساركوزي بدأ نهاره سعيدا إذ استقبل صباحا برفقة زوجته الحامل كارلا الصحافيين الفرنسيين اللذين كانا رهينتين في أفغانستان منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2009. وخلال السنوات الأربع التي انقضت على رئاسته، لم يتعرض ساركوزي لأي اعتداء جسدي مباشر.

أما الحادثة الأشهر التي تداولتها الألسن عن ساركوزي فقد حصلت عام 2008 عندما كان ساركوزي يزور المعرض الزراعي في باريس.. فقد مد الرئيس يده لمصافحة رجل، إلا أن الأخير رفض اليد الممدودة وتهجم على الرئيس بكلام ناب فما كان من الأخير إلا أن قال له: «اغرب عن وجهي أيها...». ويتذكر الفرنسيون حادثة حصلت للرئيس ساركوزي عام 1993 عندما كان رئيسا لبلدية نويي ووزيرا في حكومة ادوار بالادور.. فقد قام رجل باحتجاز 21 طفلا رهائن في مدرسة بمدينة نويي مطالبا بفدية قيمتها 100 مليون فرنك. وأطلق على الرجل (أريك شميت) لقب «هيومن بومب»، أي القنبلة البشرية. وبعد مفاوضات عقيمة لمدة يومين، لم يتردد ساركوزي في الدخول إلى قاعة الصف، حيث كان الأطفال محتجزين ليفاوض الخاطف وليخرج حاملا بين ذراعيه أحدهم. وبعدها تدخل رجال الأمن وقتلوا الخاطف بعد أن سكبوا منوما في فنجان القهوة الذي طلبه.

وكان الرئيس شيراك قد تعرض لمحاولة اغتيال بمناسبة العرض العسكري الذي يقام كل عام يوم 14 يوليو (تموز)، يوم العيد الوطني الفرنسي. ولم تتوافر للمعتدي الفرصة للتصويب على موكب الرئيس من البندقية التي كان يخبئها في علبة للغيتار، إذ تدخل سائح أميركي من أصل عربي وانتزعها منه ليتدخل الأمن بعدها ويلقي القبض عليه. وقد حوكم وسجن. وقبل شيراك، تعرض الجنرال ديغول للاغتيال إبان حرب الجزائر، إذ أطلق انقلابيون النار على سيارته التي نخرها الرصاص، لكن ديغول خرج منها سالما.