زيباري: ولى زمن الحزب القائد.. لكن سوريا غير ليبيا واليمن

وزير خارجية العراق في حوار مع «الشرق الأوسط»: الإطاحة بنظام صدام كانت بداية «الربيع العربي».. وأنا مسؤول عما أقول

هوشيار زيباري (تصوير: حاتم عويضة)
TT

اتهم هوشيار زيباري وزير خارجية العراق، كتلتي «التحالف الوطني» و«العراقية»، بإخضاع موضوع الوزارات الأمنية لحسابات حزبية ضيقة، لافتا إلى أن كل الأسماء التي رشحت من هاتين القائمتين، «لم تكن موفقة أو مقبولة».، بل واتهمها أنها «مسيسة».

ولم يستطع زيباري في حوار أجرته «الشرق الأوسط» معه في كازاخستان خلال مشاركته في اجتماعات المجلس الوزاري الإسلامي، الجزم بموعد إغلاق ملف «الوزارات الأمنية»، نافيا أن يكون الأكراد قد انقلبوا على تفاهماتهم مع بعض الكتل العراقية بعد تشكيل الحكومة.

وأعرب وزير خارجية العراق عن قلق بلاده من التطورات المتسارعة التي تشهدها سوريا، وقال: «لا يستطيع أي نظام يحكم وفقا للأساليب السابقة.. فوقت الحزب والقائد الأوحد انتهى»، لكنه أشار إلى أن الوقت لم يفت على القيادة السورية لإجراء إصلاحات حقيقية، موضحا أن ما يجري في سوريا يختلف تماما عما يجري في اليمن أو ليبيا.

زيباري، الذي قال إن الإطاحة بنظام صدام حسين، كان بداية تشكيل ما يسمى بـ«الربيع العربي»، كشف أن اللاجئين العراقيين الموجودين في سوريا، بدأوا بالعودة إلى العراق، بعد فقدانهم الأمان هناك.. وإلى نص الحوار:

* دعنا نبدأ من حيث الطلب الذي قدمته العراق بخصوص استضافة اجتماع وزراء خارجية العالم الإسلامي المقبل، هل لدى العراق القدرة على استضافة حدثين هامين في الوقت نفسه، وأقصد هنا حدث القمة العربية في مارس (آذار) المقبل؟

- الطلب قديم جدا، وبناء على مقترح من الأمانة العامة، لأنه لم تتقدم أي دولة لاستضافة الاجتماع، فبعد موافقة الحكومة العراقية تقدمنا بطلب رسمي، وهذا الطلب وصل إلى أمانة التعاون الإسلامي في مارس أو أبريل (نيسان) الماضيين، وحتى أول أيام اجتماعات الوزراء لم تكن هناك أي دولة تقدمت بطلب الاستضافة، ولقد أجرينا مباحثات مع كل الوفود الرسمية، وأوضحنا لهم أننا نريد الخروج بتوافق حول هذا الموضوع، وأن لدينا أسبقية في هذا الموضوع، ولا أعتقد أن بغداد التي كانت عاصمة الخلافة الإسلامية غير قادرة على تنظيم مثل هذا الاجتماع، وسيكون عقده في بغداد دعما لاستقرار العراق من قبل العالم الإسلامي، خاصة أن هناك التزاما بعقد القمة العربية لولا هذه الأحداث، فمن هذا المنطلق نريد معالجة الموضوع من خلال التوافق دون خلق إشكاليات أو إحراجات، وإلا سنصر على موقفنا ونطلب نقاشا علنيا في هذا الموضوع بالاجتماع الوزاري، ولكن نحن نفضل التوافق.

* ولكن، هل لديكم قدرة على استضافة حدثين مهمين في ذات التوقيت؟

- بالتأكيد.. بالتأكيد، فهناك وفود أساسية وفنية من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي زارت بغداد في أوقات سابقة واطلعت على التحضيرات والاستعدادات الهائلة والكبيرة جدا، وتحديدا الاستعدادات الأمنية، كونها من أولوياتنا، لذلك لدينا القدرة والاستعداد الكاملان على هذه الاستضافة.

* ماذا عن عودة التفجيرات وأعمال العنف، وما مدى انعكاسها على الوضع الأمني؟

- أعمال العنف موجودة في العراق، ولا ننكرها، ولكنها متفرقة وليست كلها في بغداد. ولكن ما أود التأكيد عليه أن أمن القمة وأمن الاجتماع الوزاري من مسؤوليتنا، في الأيام التي ستعقد فيها لدينا القدرة والقابلية الكاملة لضمان أمن وسلامة الوفود ورؤساء الوفود والمنشآت التي تحتضن هذه الاجتماعات.

* بالانتقال للأحداث الإقليمية، كيف ينظر السياسيون العراقيون لما يحدث في سوريا منذ أشهر؟

- كان لي لقاء خلال اجتماعات المجلس الوزاري الإسلامي مع وكيل وزارة الخارجية السورية فيصل مقداد، وبحثت معه الوضع في سوريا، وعبرنا عن قلقنا لما يحصل خاصة وأن العراق وسوريا امتداد لبعضهما البعض قوميا واجتماعيا وثقافيا وجغرافيا، لذلك الوضع في سوريا غير الوضع في ليبيا واليمن، سوريا دولة مركزية ومحورية في المنطقة.

* هل أفهم أنك تقلل من شأن ما يحدث في ليبيا واليمن؟

- لا لا بالتأكيد، ولكن الدور الذي تلعبه سوريا في المنطقة غير، وإلا فكل الدول معتبرة ومحترمة وذات سيادة، هذا لا نختلف عليه، ولكن الدور الذي تقوم به دمشق في المنطقة والإقليم يختلف، نحن أكدنا أنه لا يستطيع أي نظام أن يحكم بالأساليب السابقة، راح وقت الحزب الأوحد والحزب القائد، انتهت هذه الأمور، نحن في عصر مختلف، وأكدنا على الحاجة القصوى لإجراء إصلاحات حقيقية، وهي مسألة تأخذ وقتا وليست مسألة أوتوماتيكية، فنحن على تواصل مع السوريين، وهذه الاحتجاجات ستتسع يوما بعد يوم، وهناك قلق دولي وإقليمي وعربي.

* هل تخشون من امتدادات الاحتجاجات السورية ووصولها إلى العراق؟

- ما يجري في سوريا سيؤثر على أوضاعنا بلا شك، فأي اضطراب كلي بالوضع السوري سينعكس علينا بطريقة أو بأخرى وعلى دول المنطقة، ولكنْ هناك مجال للإصلاح الحقيقي الفعلي الذي يلمسه الناس.

* هل أفهم أن هذه دعوة للنظام السوري من أجل إحداث إصلاحات حقيقية؟

- بالتأكيد، فالوقت ليس متأخرا، ولم يفت بعد، هناك جملة من الضغوط على سوريا، من المجتمع الدولي والولايات المتحدة وأوروبا، ولكن القيادة السورية تستطيع أن تبادر مبادرة حقيقية لمعالجة الوضع، وهذا الموقف نعلن عنه دون أي تردد.

* وماذا عن ملف اللاجئين العراقيين في سوريا؟

- اللاجئون العراقيون في سوريا بدأوا بالعودة إلى بلدهم، بعد أن ثبت أن العراق أصبح أكثر أمانا الآن من سوريا.

* داخليا، لماذا كل هذا التأخر في تسمية وزراء الوزارات الأمنية حتى الآن، على الرغم من مضي أشهر على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟

- حقيقة، هناك اتفاقات متكاملة ومترابطة، وتحقق كثير من هذه الاتفاقات وتشكلت الحكومة وهي عاملة، وهي حكومة شراكة وطنية، يعني كل القوائم والكتل السياسية مشتركة فيها. مسألة الوزارات الأمنية خضعت مع الأسف الشديد لحسابات حزبية ضيقة، ومزايدات وتوافقات، المفروض أن تسمو تسمية هؤلاء، لأن مسألة الأمن تتعلق بحياة المواطن؟

* من هذه الأطراف التي تقصدها؟

- الكل حقيقة، الأطراف الأساسية، مثل «التحالف الوطني»، و«العراقية»، بعض الترشيحات لم تكن موفقة أو مقبولة، المفروض أن يكون هؤلاء فنيين، يعني وزير الأمن يفترض ألا يكون مسيسا 100 في المائة، أو تابعا لجهة أو يتسلم تعليماته من جهة، فهذه مسألة خطرة بالنسبة للطرفين، ولم نوفق حتى الآن في إيجاد هؤلاء الأشخاص وهي المشكلة.

* هل هذا هو السبب الوحيد في تأخر تسمية الوزارات الأمنية؟

- هو السبب الوحيد، وليس أي سبب آخر.

* ولكن هناك من يتهم الأكراد و«دولة القانون» بالانقلاب على التفاهمات التي تم التوافق عليها وسبقت تشكيل الحكومة؟

- لا بالعكس، فالأكراد هم الذين بادروا وساهموا في تشكيل الحكومة، يعني الصورة المأخوذة عن التحالف الكردستاني، أنهم انعزاليون وانفصاليون، أثبتوا العكس، حيث ذهبوا إلى بغداد ودعوا إلى الاتفاق.

* متى سوف يحل موضوع الوزارات الأمنية؟

- المسألة قابلة للحل، ولكن ليس لدي توقيت معين.

* فيما لو استمر وضع الوزارات الأمنية معلقا، هل من الممكن أن يتطلب الحل مساعدة سعودية، عبر العودة إلى المبادرة التي تقدم بها خادم الحرمين حينما تعذر تشكيل الحكومة؟

- الدعوة السعودية كانت مشكورة، وفي وقتها ساعدت في الضغط على كل القيادات، فكانت مفيدة، وليست سلبية، ولكن هذه المسألة تحديدا قابلة للعلاج من القيادات العراقية.

* أخيرا، الإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين، هل تعتبره بداية الربيع العربي؟

- نعم، كان بداية الربيع العربي، وسجلها علي، وأنا مسؤول عن هذا الكلام.