النجيفي ينفي دعوته إلى إقامة «إقليم سني».. ويتهم الحكومة بعدم تطبيق نظام اللامركزية الإدارية

أحد شيوخ المنطقة الغربية لـ «الشرق الأوسط»: نحن مهمشون من القادة السنة قبل الآخرين

TT

أعلن رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي أنه لم يدعُ إلى إقامة إقليم للسنة غرب العراق في تصريحات صحافية، مشيرا إلى أن «هناك تشويها وإثارة متعمدة من قبل البعض لغرض التغطية على نجاح زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية وما حققته من فوائد للعراق»، حسبما قال لقناة «الحرة» الأميركية الناطقة باللغة العربية.

وقال النجيفي خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان ببغداد أمس (الخميس) إنه «شعر خلال زيارته إلى المحافظات العراقية في الشمال والجنوب والوسط ولقائه مع الوجهاء والمثقفين والشيوخ والصحافيين وعامة الناس أن هناك إحباطا من سياسات الحكومة تجاه هذه المحافظات»، مشيرا إلى أن «القناعة بدأت تترسخ بأن الصلاحيات تنتزع من المحافظات وأن الحكومة تعمل على القفز على الدستور وعدم التقيد باللامركزية التي ثبتها النظام السياسي الجديد».

وأضاف رئيس مجلس النواب (البرلمان) العراقي قائلا، إن «تلك الأمور انعكست سلبا على حياة الناس وبناء المشاريع والوظائف والمشاركة السياسية ومجمل الحياة العامة العراقية»، متهما حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي باتباع سياسة تعمل على «ترسيخ المركزية من جديد وعسكرة المجتمع وأن تكون اليد العسكرية من خلال بعض سياسات العمليات الأعلى من سلطة المحافظين ومجالس المحافظات المنتخبة تولد الشعور بالإحباط».

وأوضح النجيفي أن ما قاله إنما هو «وصف حالة وليس دعوة إلى إقامة إقليم، وسئلت عن وضع السنة وأجبت ولو سئلت عن وضع الشيعة والكرد لأجبت كوني رئيس مجلس النواب العراقي ومسؤولا عن الجميع». وبينما أقر بأن إقامة الأقاليم هي حق دستوري إلا أنه اعتبر أن «تشكيلة الإقليم لا بد أن تكون مدروسة بحكمة وروية ونضج وغير مبنية على قضايا مستعجلة نتيجة سياسة خاطئة متبعة في بعض المحافظات».

وكرر النجيفي مواقفه السابقة الرافضة لتجزئة العراق وتقسيمه على أساس عرقي أو طائفي أو مذهبي، كما نفى أن يكون هذا الموضوع قد طرح خلال مباحثاته مع نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن صاحب مشروع إقامة دويلات طائفية وعرقية في العراق، وهي الخطة التي جوبهت برفض شعبي وسياسي في العراق. وفي السياق ذاته، اعتبر النجيفي أن زيارته للولايات المتحدة الأميركية «كانت ناجحة بكل المقاييس وكان فيها دفاع عن مصلحة العراق وتثبيت لحقوق وأموال عراقية منهوبة من صندوق تنمية العراق تبلغ أكثر من 17 مليار دولار تم التلاعب بها من قبل ضباط ومسؤولين أميركيين متورطين معهم بعض العراقيين». وأضاف أن «هذه المسألة كانت موجودة في أدراج الحكومة لسنوات ولكنها لم تثر ولم تطالب أي جهة عراقية بها». وكشف عن أنه «طالب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ووزارة الخارجية بالاهتمام بإعادة هذه الأموال ودعم التحقيقات العراقية الجارية والتحقيقات الأميركية التي تجري منذ سنوات».

وكانت التصريحات التي أدلى بها رئيس البرلمان العراقي لقناة «الحرة» بشأن احتمال تفكير السنة في المناطق الغربية من العراق بالانفصال بسبب التهميش والإقصاء قد جوبهت بعاصفة من النقد والاعتراض من قبل الكثير من القيادات السياسية العراقية وصلت إلى حد مطالبة عدد من نواب ائتلاف دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء نوري المالكي باستجوابه.

من جهتهم عبر شيوخ المنطقة الغربية من العراق عن رفضهم لأي مشاريع تهدف إلى تجزئة العراق وتقسيمه تحت أي اسم أو ذريعة. وقال الشيخ نعيم الكعود أحد شيوخ محافظة الأنبار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي نقول فيه إن كلام رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بشأن التهميش الذي تعانيه المناطق الغربية من البلاد صحيح، ولكن ما أريد تأكيده هنا وبلا أدنى مواربة أننا كأبناء لهذه المناطق بدأنا نشعر بالتهميش مرتين»، مشيرا إلى أنهم «مهمشون من قبل الحكومة وهو أمر معروف ولكنهم قبل الحكومة أو أي طرف آخر فإنهم مهمشون من القادة السنة الذين فازوا بالانتخابات البرلمانية كممثلين لهم وصعدوا على أكتافنا إلى مناصبهم الحالية». وأضاف الشيخ الكعود أن «القادة السنة بدأوا بتهميش مناطقهم حيث تحولت الكتلة النيابية إلى كتلة عشائرية وتجارية وقد شمل ذلك حتى الكراسي التعويضية التي تم التلاعب بها والكثير من الأمور التي بدأت تشعرنا بالإحباط فعلا ولكن من قادتنا قبل الآخرين». وحول موقف النجيفي وتأكيده أن شعور السنة بالإحباط قد يدفعهم للانفصال، قال الكعود إن «هذا الفعل غير صحيح لأن ردود الفعل التي تبنى عليه ستكون غير صحيحة وانفعالية ولذلك كان يمكن للنجيفي أو لغيره من السياسيين السنة المحترمين أن يهددوا جديا بالانسحاب من الحكومة كإحدى وسائل الضغط للتغيير وليس بالعمل على إثارة مشاعر الفرقة والانقسام بين أبناء البلد الواحد». وأشار إلى أن «أبناء العشائر في المنطقة الغربية الذين حاربوا الإرهاب ودفعوا ثمنا غاليا سيحاربون أي دعوة لتقسيم العراق تحت أي ذريعة» كاشفا عن وجود محاولات بهذا الشأن يقوم بها البعض إلا أنه رفض إعطاء المزيد من التفاصيل مكتفيا بالقول «سيحين أوان الكشف عنها ولكني أؤكد أنها لن تتحقق على أرض الواقع».

وكان المكتب الإعلامي للنجيفي قد أصدر بيانا توضيحيا بشأن ما نسب إليه من تصريحات. وطبقا للبيان الذي تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه فإن «ما تناقلته وسائل الإعلام من تصريحات للرئيس النجيفي حول إقامة أقاليم في بعض المحافظات الغربية ثم التلاعب بها فبدلا من أن تسند إلى أهالي هذه المنطقة، ألحقت هذه التصريحات زورا إلى الرئيس النجيفي». وأشار البيان إلى أن النجيفي وبعد ساعات من تصريحه لـ«الحرة»، «حذر أثناء زيارته لمدينة ديترويت في ولاية ميشيغان الأميركية، الجالية المسيحية من إنشاء منطقة حكم ذاتي لهم»، مؤكدا أن «وحدة العراق هي الخيار الذي لا خيار سواه لدرء المخاطر الهائلة وإنقاذ شعبنا من شرور الأشرار وكيد الكائدين»، على حد وصف البيان.

من جهة أخرى، رأى رئيس البرلمان العراقي، أمس، أن موضوع انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية العالم الحالي يرتبط بتقديرات المصلحة التي تحددها الحكومة العراقية. وقال النجيفي إن «العراق دولة ذات سيادة ومؤسسات، وأعتقد أنه لا بد أن يكون قرار موضوع الانسحاب عراقيا وفق تقديرات المصلحة التي تحددها الحكومة العراقية». وأضاف: «وإذا رأت الحكومة مصلحة في بقاء قوات لأغراض التدريب واقتنع مجلس النواب سيكون لا بد على الجميع احترام المؤسسات الرسمية والتعامل بما التزمت به الحكومة العراقية. وإذا رأت الحكومة أنه لا بد أن تخرج القوات فلا أعتقد أن تكون هناك حاجة للتصعيد في أي مجال».