كبير مستشاري نتنياهو في زيارة سرية لواشنطن لبلورة موقف قبل «الرباعية»

الأميركيون يسابقون الزمن لاستئناف المفاوضات في محاولة لإجهاض الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل منتصف يوليو

متظاهرون من فلسطينيي 1948 يحملون ملصقا للشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل خلال مسيرة أمس احتجاجا على احتجازه، في لندن (أ.ب)
TT

ذكرت مصادر سياسية في إسرائيل، أمس، أن الإدارة الأميركية تسابق الزمن في محاولاتها لإيجاد صيغة تتيح استئناف المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، حول التسوية الدائمة، قبل منتصف يوليو (تموز) الحالي، وهو الموعد الأخير لطرح مواضيع بحث ومشاريع قرارات على جدول أعمال الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقالت هذه المصادر إن الإدارة الأميركية تسعى لوقف الجهود الفلسطينية والعربية لتحصيل اعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس في حدود 1967، خلال دورة الجمعية العامة التي ستعقد في سبتمبر (أيلول) المقبل. فهي تعتبر القرار ضربة للمفاوضات. ولذلك تفاوض الطرفان، الإسرائيلي والفلسطيني، على استئناف المفاوضات. وقد عقد ديفيد هيل، القائم بأعمال المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط، وكبير المستشارين في البيت الأبيض، دينيس روس، اجتماعات في القدس ورام الله خلال الأيام الماضية لبحث احتمالات استئناف المفاوضات، بينما سافر كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي، يتسحاق مولخو، بسرية إلى واشنطن، الليلة قبل الماضية، لمواصلة النقاش حول صيغة مقبولة لاستئناف المفاوضات. وأكدت هذه المصادر أن الأميركيين ما زالوا يحاولون إقناع الإسرائيليين بأن يوافقوا على استئناف المفاوضات على أساس ما جاء في خطاب الرئيس باراك أوباما في 19 مايو (أيار) الماضي، أي التفاوض حول الحدود والأمن أولا، على أن يتم تأجيل قضيتي القدس واللاجئين إلى مرحلة لاحقة تنتهي في غضون سنة، وأن تكون حدود 1967 مع تعديلات طفيفة أساسا لحدود الدولة الفلسطينية، في ذات الوقت تحاول إقناع الفلسطينيين بأن يتنازلوا عن بند تجميد البناء الاستيطاني ويوافقوا على الإعلان عن توقيع اتفاقية سلام دائمة ستضع حدا نهائيا للصراع والمطالب. ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ما زال يصر على أن يدفع الفلسطينيون ثمن موافقته على حدود 1967. وهو يطالبهم أولا باعتراف بإسرائيل بوصفها دولة يهودية ويطالب أوباما ثانيا بأن يصادق على كتاب التعهدات الذي أصدره الرئيس السابق، جورج دبليو بوش في سنة 2004 لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرئيل شارون، وفيه يعترف بالأمر الواقع الذي فرضته المستوطنات على الأرض الفلسطينية بهدف تبادل الأراضي.

وعبر غالبية المراقبين الإسرائيليين عن تشاؤمهم إزاء نجاح الجهود الأميركية، إذ يرون أن نتنياهو كان وما زال أسيرا بأيدي المستوطنين وغلاة المتطرفين في حكومته وفي الخارج. ولن يجرؤوا على القبول بمثل هذه الصيغ، خوفا من انفراط ائتلافه الحكومي.

وتحاول الولايات المتحدة تحقيق إنجاز ما في هذا الاتجاه قبل 11 يوليو الحالي، الذي ستلتئم فيه قمة الرباعية الدولية (الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة)، على مستوى وزراء الخارجية. وقالت المصادر الإسرائيلية إن هذه القمة فرضت فرضا على الولايات المتحدة بضغط من كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، التي تحذر من خطورة الجمود في عملية السلام وتهدد بعضها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذا لم تستأنف المفاوضات. وترى أن من واجب الرباعية أن تفرض من جانبها قاعدة لاستئناف المفاوضات، في حال أصر الطرفان على موقفيهما وبقيت المفاوضات مجمدة.

وذكرت مصادر سياسية لصحيفة «هآرتس»، أمس، أن الرباعية وفي إطار «محاولة اللحظة الأخيرة»، ستحاول فرض صيغة لاستئناف المفاوضات على أساس خطاب أوباما. وكانت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، قد بعثت قبل أسبوعين برسالة إلى الدول الأعضاء في الرباعية تطالب فيها بوضع «إطار مبادئ» لتجديد المفاوضات لإحباط المسعى الفلسطيني. والمبادئ هي أن تجري المفاوضات على أساس حدود 1967 مع تبادل للأرض، دولتان لشعبين، وترتيبات أمنية مشتركة وغيرها. وذكرت «هآرتس» أن الإدارة الأميركية استجابت للضغوط الأوروبية ووافقت على تنظيم قمة في الشهر المقبل، لكنها ستستمر بالعمل عبر قنوات أخرى لإحباط المسعى الفلسطيني.

وفي الوقت الذي لم تحدد فيه واشنطن ماهية هذه القنوات، رأى الإسرائيليون البشائر في قرار مجلس الشيوخ الأميركي - السنات، مساء أول من أمس، الذي ينص على وقف الدعم الأميركي للسلطة الفلسطينية إذا أصرت على التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية، أو حتى التوجه إلى أي هيئة دولية أخرى في خطوة أحادية الجانب. وأشار الإسرائيليون بابتهاج إلى حقيقة أن جميع أعضاء المجلس الذين حضروا الجلسة، وعددهم 89 عضوا، صوتوا إلى جانب القرار. وأشار موقع «يديعوت أحرونوت» إلى أن عضوي مجلس الشيوخ، الديمقراطي بن كاردين، وهو أميركي يهودي من ميريلاند، والجمهورية سوزان كولينس من ماين، دفعا بالقرار إلى مجلس النواب، حتى يتخذ قرارا شبيها وأن 293 سيناتورا في المجلس وقعوا على طلب إجراء بحث لاتخاذ قرار مماثل ضد السلطة الفلسطينية.

ونقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية، الليلة قبل الماضية، قولها إن القرار يعزز موقف رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الرافض للمسعى الفلسطيني. وأكدت أن تل أبيب أجرت اتصالات وضغوطا مكثفة على أعضاء في المجلسين لدعم القرار. وقال مصدر إسرائيلي إنه «دون المال الأميركي لا وجود لفلسطين».