توتر العلاقة بين فتح وفياض بعد انتقاده مسعى الاعتراف بالدولة عبر الأمم المتحدة

شعث يرد عليه: هل تريد منا الاستسلام؟

TT

توترت العلاقة بين حركة فتح ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، بعد انتقاد الأخير بشكل علني المسعى الفلسطيني الذي يقوده الرئيس محمود عباس (أبو مازن) لجلب اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية عبر التوجه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وموقف فياض معروف سلفا من هذا الأمر، ويشاركه فيه مسؤولون آخرون بينهم ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وقبل أسبوعين حضر فياض والقدوة اجتماعا للقيادة الفلسطينية وطلب منهما تبيان الأسباب التي يعارضان بموجبها الذهاب إلى مجلس الأمن، وتحدثا مطولا عن الأمر، وقررت القيادة أخيرا المضي قدما نحو مجلس الأمن. إلا أن جهر فياض بموقفه، هو الذي أغضب فتح، فردت عليه بقسوة أمس، قائلة إن موقفه غير مقبول ولا مفهوم.

وكان فياض قال لـ«أسوشييتد برس»، إن امتناع إسرائيل عن الاعتراف بفلسطين سيجعل أي اعتراف دولي لاحق أشبه بالحدث الرمزي، لأن إسرائيل هي التي تتحكم في الميدان. مضيفا «لن تكون النتيجة دراماتيكية(..) لن يحدث أمر على الأرض، لأن الموضوع بالنسبة لي يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي».

ورد عضو اللجنة المركزية في حركة فتح نبيل شعث على موقف فياض، وقال إنه لا يفهمه ولا يوافق عليه، محذرا من التراجع عن هذه الخطوة، باعتبار ذلك سيكون «ضارا».

ولم يقف الموقف عند ذلك، بل وصلت المناكفات إلى صفحات «فيس بوك» وكتب فياض على صفحته، «الرئيس (ياسر عرفات) أبو عمار، رحمه الله، أعلن عن الدولة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1988، فإذا ما أردنا تجديد الإعلان فإن من الأفضل أن نتسلل إلى بلدة القدس القديمة ونعلنها من هناك، فسيكون لها وقع أفضل.. لدينا إعلان وبالتالي الموضوع ليس الإعلان عن الدولة وإنما الدولة بحد ذاتها، لذا لنسد كل الذرائع ولنستكمل جاهزيتنا التي منها غزة فمن المستحيل أن تكون هناك دولة دون غزة».

ورد شعث على «فيس بوك» نفسه على صفحته «لا أقبل أو أفهم موقف رئيس الوزراء سلام فياض، مع احترامي له ولعمله. نحن في مواجهة حقيقية مع إسرائيل وأميركا وتحشد لها إسرائيل كل إمكانياتها كما تحشد عساكرها لمواجهة أسطول الحرية ولخنق شعبنا. يقول فياض إنه لو اعترف العالم كله فإن ذلك لن يجدي إلا إذا اعترفت إسرائيل. وإن كل ما سيعمل في سبتمبر لن يجدي في إزالة الاحتلال، وهو أيضا ضد أي مواجهة عنيفة والمفاوضات عبثية، فهل يريدنا أن نستسلم إذن؟ لم ولن نستسلم».

وقاد موقف فياض ورد شعث عليه إلى نقاش عام عبر صفحات «فيس بوك»، انقسم فيه الفلسطينيون بين مؤيد لموقف فياض ومعارض له. وقال إياد أحد رواد «فيس بوك»، منتقدا فياض «يبدو أن الحشد للاعتراف لا يوجد فيه افتتاح مسرح أو مقهى أو ما شابه، لذلك يتكلم بتلك الطريقة».

ورد شخص اسمه زكي مدافعا عن فياض «أعتقد أن السيد فياض يحاول أن يكون منطقيا وصادقا مع شعبه.. ما قاله في الواقع صحيح، أي أن هذا الاعتراف من دون إسرائيل سيكون رمزيا لا أقل ولا أكثر».

أما رامي، فاعتبر أن هناك تناقضا في تصريحات فياض، وقال «لاحظنا في الأشهر الأخيرة تضاربا كبيرا فيها.. فمرة سنذهب إلى الأمم المتحدة ومرة أخرى الذهاب لا يعني شيئا، ومرة جاهزون لإقامة الدولة، ومرة أخرى لا يوجد رواتب في الشهر المقبل. فعلى أي أساس جاهز لإقامة الدولة؟».

واختار البعض مهاجمة كل الأطراف، وقال شخص اسمه محمد «كل واحد يحكي عن حاله ويحكي موقفه الشخصي.. هذه فلسطين.. ليست ملكا لأي إنسان».

ورغم هذا الجدل الحاد، فإن الرئيس الفلسطيني أبقى الباب مفتوحا مرة أخرى أمس للتراجع عن هذه الخطوة. وقال أبو مازن أمام مجلسي الشيوخ والنواب الهولنديين، «أود أن أكرر التزامنا بحق الدولتين (فلسطين وإسرائيل) جنبا إلى جنب بسلام وأمان، وعلينا إنجاز هدفنا من خلال المفاوضات بعيدا عن العنف، ولهذه الغاية أدعو الحكومة الإسرائيلية لقبول مرجعيات المفاوضات بما فيها مبادئ الرئيس (الأميركي باراك) أوباما لحل الدولتين على حدود عام 1967، مع تبادل محدود ومتفق عليه ووقف للنشاطات الاستيطانية». وأضاف «هدفنا الأساسي هو المفاوضات للوصول للسلام، وآمل أن تنجح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية في جهودها لاستئناف المفاوضات».

ومع ذلك أكد أبو مازن أن «على إسرائيل أن ترد على اعتراف شعبنا الفلسطيني بحقها بالوجود، بأن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967».

وتابع مطمئنا إسرائيل، «في سعينا لاعتماد دولة فلسطين على حدود 1967، فإننا لا نسعى لتجاهل أو عزل إسرائيل أو نزع الشرعية عنها، بل على العكس ولأننا لم نحصل على موافقة الحكومة الإسرائيلية على مرجعيات عملية السلام ووقف الاستيطان فإننا سنواصل محاولتنا للحصول على الاعتراف بدولة فلسطين كعضو في الأمم المتحدة وفق حل الدولتين».