إضراب يشل المدارس والإدارات الحكومية في بريطانيا

حكومة كاميرون تواجه أول تحد كبير على خلفية خططها لإصلاح نظام المعاشات

مظاهرات ضد خطط إصلاح المعاشات وخفض الإنفاق في لندن أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأ آلاف الموظفين في القطاع العام ببريطانيا أمس إضرابا مدته 24 ساعة رفضا لخطط لإصلاح نظام المعاشات، فيما خرجت مظاهرات في الشوارع تحتج على الإصلاحات المرتقبة ورفضا لتدابير الحد من الإنفاق عموما. وأفادت تقديرات أولية بأن الإضراب طال نحو 85 في المائة من المدارس في إنجلترا وويلز، علاوة على دور الحضانة والثانويات والجامعات والإدارات الحكومية ومراكز التوظيف. وأثر الإضراب أيضا على الموانئ والمطارات الدولية بسبب توقف قسم من العاملين المكلفين بالجمارك ومراقبة المهاجرين، عن العمل.

وبدأ أول الإضرابات منذ مساء أول من أمس مع دخول العاملين الليليين في إضراب. وقالت وكالة الحدود البريطانية المكلفة مراقبة الدخول إلى البلاد إن المسافرين القادمين إلى بريطانيا «يمكن أن يطالهم تأخير لدى عبورهم الحدود» بسبب الإضراب.

وشهدت عشرات المدن البريطانية، أبرزها العاصمة لندن، أمس تنظيم تجمعات ومظاهرات شارك فيها قادة النقابات الأربع التي دعت إلى الإضراب، وهي: «الاتحاد الوطني للمعلمين» (إن يو تي)، و«رابطة المعلمين والمحاضرين» (إيه تي إل)، و«اتحاد الجامعة والكلية» و«اتحاد الخدمات العامة التجارية». وسعت النقابات على مدى الأيام الماضية لتعبئة نحو 600 ألف موظف في القطاع العام ليوم الإضراب، في خطوة تشكل تحديا لحكومة الائتلاف بقيادة حزب المحافظين.

ويعد هذا الإضراب وما صاحبه من مظاهرات، الأول لعمال القطاع العام في بريطانيا منذ سنوات، وهو يمثل أول تحد كبير لحكومة رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون منذ وصولها إلى السلطة في مايو (أيار) 2010. ويأتي إضراب بريطانيا أيضا على غرار إضرابات مماثلة في أوروبا احتجاجا على خطط تقشف تفرضها الحكومات. وجاء هذا التحرك احتجاجا على إصلاح نظام المعاشات الذي لا يزال موضع بحث.

وتقول النقابات إنه بموجب الإصلاح المراد تنفيذه سيجبر الموظف على «دفع مساهمة أكبر ولفترة أطول وسيحصل على مبلغ أقل». ويشمل الإصلاح خصوصا تمديد سن التقاعد إلى 66 عاما في 2020 مقابل 60 عاما حاليا لأغلب المدرسين.

وأدان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الإضرابات التي وصفها بأنها غير مسؤولة وأن منظميها يحملون «مفاهيم خاطئة». وقال كاميرون في الآونة الأخيرة: «بطبيعة الحال، في البلاد الديمقراطية يستطيع الناس أن يخرجوا ويتظاهروا، لكن يجب عليهم أن يعرفوا ماذا يعارضون. أعتقد أن هناك مفاهيم خاطئة تحيط بهم».

وتقول الحكومة إن تعديلات نظم التقاعد «عادلة» وإنه يتعين على نظم تقاعد العاملين في الدولة أن تتكيف مع المتغيرات الديموغرافية وحقيقة ارتفاع متوسط الأعمار في البلاد. وفي محاولة لشرح هذا التغيرات قال كاميرون: «في السبعينات من القرن الماضي، كان العامل في القطاع العام يتقاعد مثلا في سن الستين ثم يستعيد معاشا لنحو عشرين سنة. أما الآن، فإنه إذا تقاعد في سن الستين فإنه يستطيع استعادة معاش لنحو ثلاثين سنة، أي بزيادة نحو خمسين في المائة». وقال كاميرون أيضا إن المحادثات بين النقابات والوزراء لم تنته. وبدوره، قال فرانسيس مود وزير شؤون مجلس الوزراء إن الحكومة كانت قد التقت مع نقابات يوم الاثنين وإنها ستلتقي معها مجددا الأسبوع المقبل. ويرى كاميرون أن ارتفاع متوسط العمر المتوقع يعني أن معاشات القطاع العام يجب أن تتغير لضمان القدرة على دفعها. والتغييرات جزء من خطط الحكومة قبل عام 2015 للقضاء تماما على عجز في الميزانية تجاوز عشرة في المائة. ويعني هذا أن إسهامات العاملين في معاشاتهم سترتفع وسيطول أمد بقائهم في الوظيفة. وجاءت الاقتراحات في وقت لا تزيد فيه الأجور ويسود انعدام الأمن الوظيفي فيه. ويرى زعماء نقابات أن أعضاء نقاباتهم يتحملون عبء أزمة مالية سببها المصرفيون الأغنياء.