مصدر غربي: نظام الأسد رتب زيارة النائبين الأميركي والبريطاني كمحاولة لإنقاذ نفسه

«واشنطن بوست» تهاجم زيارة نائب الكونغرس إلى دمشق

عدد من اللاجئين السوريين الى الاراضي التركية يتظاهرون أمس ضد نظام الرئيس الاسد في أحد المخيمات التي أقامتها حكومة أنقرة لهم (رويترز)
TT

قال مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السوري يراهن على «كسب الوقت». ورغم ما قاله وزير خارجيته وليد المعلم عن «شطب أوروبا من الخارطة» والتوجه شرقا، فإن سفيري سوريا في كل من لندن وواشنطن سعيا إلى ترتيب زيارة للنائب عن حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا بروكس نيومارك وعضو الكونغرس الأميركي دينس كوسينيتش للقاء الرئيس السوري بشار الأسد.

واعتبر المصدر الدبلوماسي الغربي ترتيب تلك اللقاءات يتناقض مع التوجه السياسي الذي عبر عنه المعلم، واضعا احتمال أن الأسد «يقوم بمحاولة أخيرة لإنقاذ نفسه عبر فتح قناة اتصال مباشر بينه وبين الأميركيين». فالاجتماعان اللذان عقدا في دمشق يوم الاثنين الماضي، انفرد فيهما الأسد مع كل نائب على حدة. وتوقف المصدر عند «عدم حضور أي مسؤول سوري للاجتماع كما جرت العادة»، كأن يحضر وزير الخارجية وليد المعلم أو المستشارة الإعلامية في القصر الرئاسي بثينة شعبان. ورجح المصدر أن يكون الأسد قد قدم عرضا بقائمة تنازلات للأميركيين وللبريطانيين، لتخفيف وطأة الضغط، في محاولة منه لكسب مزيد من الوقت لنظامه.

كما أشار المصدر إلى تزامن موافقة النظام السوري على عقد المعارضة مؤتمرا تشاوريا علنيا وسط العاصمة دمشق مع زيارة النائبين، وأيضا مع حملة إعلامية في وسائل الإعلام الإنجليزية والبريطانية. وكلها محاولات أثمرت تصريحات أميركية اعتبرت عقد لقاء للمعارضة وسط دمشق أمرا إيجابيا. إلا أن المصدر الغربي شكك في صلاحية «التنازلات التي يمكن للأسد أن يقدمها للأميركيين للمساومة»، وأعرب عن مخاوفه من أن «إعطاء المجتمع الدولي مزيدا من الوقت للنظام السوري سيدفعه للإمعان في القمع وإخماد الاحتجاجات؛ إذ ورغم الرسائل التي يبعثها النظام عن جديته في إجراء إصلاحات، فإن هناك المزيد من السوريين ما زالوا يقتلون ويهجرون من منازلهم».

من جانب آخر، نبه نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد منظمة التعاون الإسلامي إلى ضرورة «التصدي الجماعي» لسياسة من سماهم «حلفاء إسرائيل» الذين «يضحون بمصالح بلدانهم لخدمة السياسات الإسرائيلية واستمرار احتلالها للأراضي العربية». ودعا إلى إفشالها بما لدى منظمة التعاون الإسلامي من «الإمكانيات والثروات لمواجهة سياسات دول الغرب»، وذلك خلال جلسة خاصة تحت عنوان الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية عقدت ضمن المؤتمر الوزاري الثامن والثلاثين للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في الآستانة عاصمة كازاخستان. وقال المقداد أمام المجتمعين إن «الأوضاع التي تمر بها سوريا نتيجة المؤامرة التي تستهدف استقرارها ومواقفها الداعمة للشعب من أجل السيادة والاستقرار»، شارحا أهمية «إدراك مخاطر السياسات الغربية الداعمة لإسرائيل والتي تهدد استقرار دول المنظمة وتنميتها». وأشار إلى «الصعوبات التي تفرضها الدول الغربية على بعض الدول بغية إضعافها والنيل من مواقفها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية».

وهاجمت صحيفة «واشنطن بوست» في افتتاحيتها أمس النائب دينيس كوسينيتش لزيارته دمشق ولقائه الرئيس السوري قائلة إنه يزعم أنه تم تحريف كلامه، وربما يكون الأمر كذلك: ربما لم يقل النائب الديمقراطي حرفيا ما أوردته وكالة الأخبار الرسمية السورية: «الرئيس بشار الأسد يهتم كثيرا بما يحدث داخل سوريا.. وكل مَن يقابله يكون متأكدا من ذلك». وربما كانت هذه المقولة الأخرى التي نسبت إليه «الرئيس الأسد محبوب كثيرا ويحظى بالتقدير من جانب السوريين» فيها «خطأ في الترجمة» أو انعكاس «لدرجة التقدير أو الإعجاب التي لدى وسائل الإعلام الحكومية» تجاه الرئيس، على حد تعبير بيان صدر عن مكتب كوسينيتش.

وتابعت «واشنطن بوست» قائلة: «لكن هناك الكثير الذي لا يمكن الجدال فيه: سافر كوسينيتش، الذي عارض بشدة التدخل الأميركي ضد العقيد الليبي معمر القذافي، إلى دمشق نهاية الأسبوع ليتحدث مع الديكتاتور السوري، الذي يسعى يائسا لتجنب العزلة أو وصف العالم الخارجي له بأنه غير شرعي. وبعد قيام قواته الأمنية بقتل 1400 شخص على الأقل - أغلبهم مدنيون غير مسلحين - لم يعد لدى الأسد سوى عدد قليل من الأصدقاء حاليا، حيث فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات عليه شخصيا، وبدا أن أقرب الحلفاء المخلصين لنظام حكمه على وشك التخلي عنه».

وأشارت إلى أنه يوم الثلاثاء، على سبيل المثال، اجتمع دبلوماسي روسي بارز مع قادة المعارضة السورية، وبعد ذلك أعلن أن «روسيا لديها صديق واحد - وهو الشعب السوري».

وقالت الصحيفة: «لكن ما زال للأسد صديق: كوسينيتش. ولم يكتف مشرع كليفلاند بأن يجتمع مع الرئيس ولكن عقد (مؤتمرا صحافيا). وعلى الرغم من أنه ربما لم يثن على الأسد، فإنه أقر آخر استراتيجية دعائية للنظام، وهو الزعم بأنه ينوي الدخول في (حوار) مع خصومه وبعد ذلك تنفيذ إصلاحات». ونقلت وكالة «شينخوا» عن كوسينيتش قوله: «وجدتُ رغبة قوية في إحداث تغيير كبير. والناس تريد أن ينفذ الرئيس الأسد إصلاحات». وإذا كانت الوكالة الصينية قد عرضت ما قاله عضو الكونغرس بصورة خاطئة أيضا، فلم يذكر مكتبه ذلك.

وأضافت الصحيفة: «في الواقع، إن مئات الآلاف من السوريين الذين خاطروا بحياتهم بالنزول إلى الشوارع منذ مارس (آذار) لا يريدون إصلاحات من الأسد، ولكنهم يطالبون بإنهاء حكمه. وفكرة أن يوافق الأسد، بعد أن قتل الكثير من مواطنيه، على انتقال سياسي يُسمح فيه للسوريين بالتصويت إما ضد أو لصالح حزبه - الذي تسيطر عليه مجموعة عرقية أقلية – تبدو فكرة عبثية. ولذا فإن الأشخاص الذين يتعاملون بجدية مع كلام النظام هم مَن يريدون الدفاع عنه ومَن يبررون جرائمه الرهيبة ومَن يعارضون ديمقراطية حقيقية داخل سوريا. وقد جعل كوسينيتش نفسه واحدا من أفراد هذا المعسكر البارزين».