الحريري: صدور القرار الاتهامي لحظة تاريخية.. وعلى الحكومة تنفيذ التزامات لبنان تجاه المحكمة

دعا إلى عدم التهرب من محاكمة المتهمين وتسليمهم للعدالة

سعد الحريري
TT

وصف رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري الإعلان عن صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري ورفاقه بأنه «تقدم في مسار العدالة والمحكمة الدولية، وهو لكل اللبنانيين من دون استثناء»، معتبرا أن المسؤولية تفرض أن «نجعل من الإعلان عن صدور القرار الاتهامي، فرصة لقيام الدولة اللبنانية بمسؤولياتها، والتزام الحكومة اللبنانية، بالتعاون الكامل مع المحكمة الدولية، وعدم التهرب من ملاحقة المتهمين وتسليمهم إلى العدالة التي هي ضمانة الديمقراطية والاستقرار».

وشدد في بيان أصدره أمس، على أن «الحكومة اللبنانية، مدعوة سياسيا ووطنيا وقانونيا وأخلاقيا، إلى تنفيذ التزامات لبنان تجاه المحكمة الخاصة بلبنان، ولا حجة لأحد في الهروب من هذه المسؤولية»، مؤكدا أن «نهاية زمن القتلة قد بدأت، وبداية زمن العدالة أوشكت، ولقد انتصر لبنان للعدالة الدولية، فانتصرت العدالة لأرواح الشهداء».

وجاء في البيان الذي وجهه الحريري إلى اللبنانيين و«الأصدقاء في كل مكان»: «بعد سنوات طويلة من الصبر والانتظار والكفاح الوطني المتواصل، تم اليوم الإعلان عن صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. فاليوم نشهد معا، لحظة تاريخية مميزة في حياة لبنان السياسية والقضائية والأمنية والأخلاقية، وأشعر بنبضات قلبي، تعانق قلوب كل اللبنانيين، الذين دافعوا عن قضية العدالة، ورفضوا المساومة على دم الشهداء. لقد ناضلنا جميعا من أجل هذه اللحظة التاريخية، ناضلنا في حياتنا اليومية العائلية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية. ارتضينا أن لا ننتقم وأن لا نحقد، فاتكلنا على الله سبحانه وتعالى وبدأنا مسيرة طويلة مكلفة، ألا وهي الحقيقة والعدالة عبر محكمة ذات طابع دولي فيها قضاة لبنانيون، تقدم الأدلة والبراهين وتعطي المتهمين، أيا كانوا، فرصة الدفاع عن أنفسهم».

وأضاف: «اليوم، أجد نفسي قريبا من أهلي وأبناء وطني، أكثر من أي وقت آخر. موجود معهم في كل المدن والبلدات والبيوت، ومع العائلات والجموع التي تدفقت إلى ساحة الحرية وضريح الرئيس الشهيد، وملأت الساحات في كل مكان من لبنان، وتحدت عواصف اليأس والتهويل والتهديد، وقطعت العهد لشهداء الحرية والاستقلال، بعدم الاستسلام لإرادة القتلة والمجرمين».

ورأى الحريري أن «هذا التقدم في مسار العدالة والمحكمة الدولية، هو لكل اللبنانيين من دون استثناء، ويجب أن يكون، بإذن الله، نقطة تحول في تاريخ مكافحة الجريمة السياسية المنظمة، في لبنان والوطن العربي، بمثل ما نريد أن يكون نقطة ارتكاز لوحدة اللبنانيين في مواجهة عوامل الانقسام ومحاولات الخروج على قواعد الوفاق الوطني». وعبر باسمه و«باسم الوالدة وأخواتي وإخوتي وعمي وعمتي، وجميع أفراد العائلة، عن أصدق مشاعر التضامن في هذا اليوم، مع أهلنا وأحبتنا، عائلات الشهداء الذين سقطوا إلى جانب الرئيس الشهيد، وكذلك عائلات وأصدقاء ورفاق شهداء المسيرة الوطنية الكبرى، التي أطلقت شرارة الحرية في لبنان والوطن العربي».وقال: «إنها لحظة التحية إلى عائلات كل شهيد من شهدائنا. إلى كل أب وأم وأخ وأخت، اختاروا طريق العدالة لا الثأر، وطريق الحقيقة لا الانتقام، فأعطوا المعنى الكامل لتضحياتهم ولنضال اللبنانيين من أجل السيادة والحرية والاستقلال. إننا جميعا، جزء من عائلة وطنية لبنانية، تسجل في هذا اليوم، بكل الوفاء والتقدير، ما قدمه الأشقاء العرب، وسائر الأصدقاء في العالم، في سبيل تحقيق العدالة، وحماية لبنان من المسلسل الإرهابي للجريمة السياسية».

ووجه الحريري الشكر إلى «كل من ساهم في مجريات التحقيق في الجرائم التي استهدفت رموز لبنان، من أجهزة رسمية أمنية وقضائية لبنانية، إلى فريق التحقيق الدولي، وكل من عمل وما زال يعمل في إطار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والملفات المرتبطة بها وفقا للقرار 1757». وقال: «العدالة، تقدم اليوم فصلا جديدا من فصول الحقيقة. وما من شيء، يستطيع أن يعطل روح العدالة. والمسؤولية تفرض على الجميع، مواكبة هذه الروح، والامتناع عن التشويش على مسار العدالة، وأن نجعل من الإعلان عن صدور القرار الاتهامي، فرصة لقيام الدولة اللبنانية بمسؤولياتها، والتزام الحكومة اللبنانية، بالتعاون الكامل مع المحكمة الدولية، وعدم التهرب من ملاحقة المتهمين وتسليمهم إلى العدالة التي هي ضمانة الديمقراطية والاستقرار».

وشدد على أن «الحكومة اللبنانية، مدعوة سياسيا ووطنيا وقانونيا وأخلاقيا، إلى تنفيذ التزامات لبنان تجاه المحكمة الخاصة بلبنان، ولا حجة لأحد في الهروب من هذه المسؤولية. وإنني أطلب بكل تواضع أن لا يضع أحد إرادتنا موضع شك ولا قرار اللبنانيين المثابرة على إحقاق الحق في الاغتيالات التي طالت كل شهداء ثورة الأرز، وأن يتأكد الجميع أن التهويل والتخويف لن ينفعا في كسر هذه الإرادة». وقال: «لقد دفع لبنان ثمن هذه اللحظة، عقودا من أعمال القتل والاغتيال من دون مساءلة أو محاسبة. وقد آن الأوان، لوضع حد نهائي لهذا المسلسل المشين. نهاية زمن القتلة قد بدأت، وبداية زمن العدالة أوشكت. لقد انتصر لبنان للعدالة الدولية، فانتصرت العدالة لأرواح الشهداء. وفي هذه اللحظة لا يسعني إلا أن ألتفت إلى روح والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأرواح الشهداء الذين ناضلوا من أجل لبنان وأن أقول لهم إن دماءكم لن تذهب هدرا وإن الحقيقة بدأت ترى النور والعدالة آتية».