معارض سوري بارز لـ«الشرق الأوسط»: أدعو للتفاوض وليس الحوار مع النظام

مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: نشجع الحوار ولكن بقاء أو رحيل النظام يقرره الشعب السوري

متظاهرون سوريون في منطقة الحجر الأسود في العاصمة دمشق نزلوا الى الشوارع للمطالبة برحيل الرئيس الأسد إثر صلاة الجمعة أمس (أ.ب)
TT

نفى معارض سوري بارز في دمشق وجود ضغوط أميركية على المعارضة السورية للحوار مع النظام. وأكد لؤي حسين في اتصال مع «الشرق الأوسط» رفضه للحوار مع نظام بشار الأسد «لأنه لا جدوى منه» وقال إن المطلوب هو «التفاوض».

وكانت صحيفة الـ«غاريان» البريطانية قالت أمس، إن الولايات المتحدة تضغط على المعارضة السورية لإجراء حوار مع النظام. ويرتكز التقرير في الصحيفة البريطانية على وثيقة موقعة من المعارضين لؤي حسين ومعن عبد السلام، وتحمل عنوان «خريطة طريق». ووصفت الصحيفة الوثيقة بأنها مثيرة للجدل لأنها تتحدث عن إصلاحات ومن شأنها ترك الأسد في السلطة في الوقت الحالي.

وتنص الوثيقة على أن يتولى الأسد الإشراف على ما وصفته بـ«انتقال آمن وسلمي نحو ديمقراطية مدنية». وتدعو الوثيقة لفرض سيطرة أكثر صرامة على القوات الأمنية، وتفكيك عصابات «الشبيحة» المتهمة بارتكاب مذابح، وضمان الحق القانوني في التظاهر السلمي، وتوفير حريات إعلامية واسعة، وتعيين مجلس انتقالي. وتطالب الوثيقة أيضا بـ«اعتذار واضح وصريح» ومحاسبة المنظمات والأفراد الذين «فشلوا في استيعاب المظاهرات المشروعة»، وتقديم تعويضات لأسر الضحايا. وتدعو الوثيقة لإخضاع حزب البعث لقانون جديد للأحزاب السياسية.

ونقلت الصحيفة عن مصادر من المعارضة السورية أن «مسؤولين بوزارة الخارجية الأميركية عملوا على نحو غير معلن على تشجيع مناقشة مسودة الوثيقة غير المعلنة والتي جرى تمريرها خلال مؤتمر غير مسبوق للمعارضة عقد الاثنين، في دمشق». وأضافت أن «واشنطن نفت دعمها للوثيقة».

إلا أن عددا من المشاركين في مؤتمر دمشق الذي انعقد يوم الاثنين الماضي أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن الوثيقة لم تناقش في هذا اللقاء. وقال لؤي حسين لـ«الشرق الأوسط» أنه نشر «خريطة الطريق» على صفحته على موقع «فيس بوك» قبل أيام من انعقاد لقاء المعارضة في دمشق الاثنين الماضي، وأنه لم يحاول إخفاءها. وأكد أن الوثيقة جرى تقديمها إلى الرئيس بشار الأسد بعد خطابه الأخير قبل أسبوعين. وعن ضغوط أميركية على المعارضة للحوار مع الأسد، قال حسين إن الدبلوماسيين الأميركيين «يدعون المعارضة علنا للحديث مع النظام، وهذا ليس اختراعا».

وأكد حسين رفضه الحوار مع النظام، وقال: «أنا أدعو لعدم قيام حوار مع النظام على الإطلاق لأنه لا جدوى من هذا الحوار ولن يكون إلا غطاء لممارسات (النظام)». وأضاف حسين أنه يدعو للتفاوض مع السلطة وليس الحوار فقط الذي يكون «تبادل آراء». وعبر حسين عن استيائه من تعاطي الإعلام الغربي مع المعارضة السورية. وقال: «يتعاملون معنا باستهزاء وتعال من دون التأكد من الأخبار وسؤال صاحب الخبر، وهذا ليس مقبولا على الإطلاق».

وأشارت الـ«غارديان» إلى أن «الملاحظ أن الكثير من الإجراءات المقترحة (في خريطة الطريق) تحدث عنها بشار بالفعل علانية من قبل، مما أثار تكهنات بأنه يتبع بصورة جزئية على الأقل بعض توصيات الوثيقة».

وتحدثت الصحيفة أيضا عن عضو آخر بـ«لجنة العمل الوطني» التي ينتمي إليها حسين وعبد السلام، وهو وائل السواح، وقالت إنه يعمل مستشارا للسفارة الأميركية في دمشق. وأضاف حسين أنه «لم يوقع على الوثيقة، والواضح أنه يرمي من وراء ذلك لتجنب تشويه صورة الوثيقة في أعين السوريين المرتابين تجاه التدخل الأجنبي». إلا أن حسين نفى أن يكون السواح مستشارا في السفارة، بل مجرد موظف، وقال إنه كاتب صحافي وهو معتقل سابق قضى بين 10 إلى 12 عاما في السجن.

وقالت الصحيفة نقلا عن رضوان زيادة، أحد المعارضين المنفيين، إن السفير الأميركي لدى دمشق روبرت فورد حث المعارضة على الحديث إلى النظام، ولكنه أضاف أن هذه الاستراتيجية لن تفلح. وقال: «إنهم يطلبون من بشار قيادة فترة انتقالية وهو أمر غير مقبول للمتظاهرين. لقد فات الأوان».

وقد اضطرت وزارة الخارجية أن تدافع عن فورد أمام هجمات نقاد جمهوريين طالبوا بسحبه من سوريا. وأعلنت الوزارة أن فورد التقى «بعناصر من مختلف أطياف المعارضة ومن حين لآخر.. بأعضاء من الحكومة حينما تسنح الظروف». وحذر مفكر سوري بارز على صلة وثيقة بالنظام، في تصريح للصحيفة أيضا، أنه «سيكون خطأ كبير أن يحاول الأميركيون التأثير على هذه المبادرة وأن تسمح لهم المعارضة بذلك. أنصحهم بأن يبعدوا أنفسهم عن الولايات المتحدة».

واستنتجت الـ«غارديان» أن «انقساما حادا ظهر بين قيادات المعارضة حول السبيل للمضي قدما، رغم أن من يدعون للتعاون مع النظام غير واثقين إطلاقا من نجاح هذا النهج». وقالت إن «المخاوف تتصاعد من أن النظام ربما يستعيد قوته في غياب عمليات انشقاق كبيرة في صفوف المؤسسة العسكرية أو الحكومة أو نخبة رجال الأعمال». ونقلت عن جوشوا لانديس، خبير الشؤون السورية بجامعة أوكلاهوما قوله إن «التوجه الأميركي يبدو منطقيا، فالعقوبات أشبه بجرف منزلق، بينما الأميركيون لن يتدخلوا عسكريا في سوريا. لذا عليهم استكشاف ما يمكن للنظام تقديمه». وأضافت: «في المقابل، يخشى آخرون أن الأسد ربما يحاول كسب وقت».

من جهته، نفى مسؤول أميركي رفيع المستوى بالخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» صحة ما نشر بصحيفة الـ«غارديان» البريطانية حول وثيقة لخريطة طريق تضمن بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم مقابل قيامه بإصلاحات.

وقال المسؤول الأميركي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن ما نشر في الصحيفة «غير دقيق». وأضاف: «نعم نحن نشجع الحوار بين النظام والمعارضة لأن ذلك كان مطلبا للمتظاهرين السوريين، وقضية وبقاء أو رحيل النظام السوري شيء يقرره الشعب السوري، وستستمر الإدارة الأميركية في مساندة مطالب الشعب السوري في أي اتجاه، فالشعب السوري هو الذي سيقرر شكل حكومته وشكل الإصلاحات وليس الولايات المتحدة».

وكرر المسؤول الأميركي مساندة الإدارة الأميركية لمطالب الشعب، وقال: «سنساند مطالب الشعب السوري في مطالبه وسنظل نطالب بإصلاحات وتحقيق الديمقراطية ونبذ العنف».

وتجنب التعليق على شرعية بقاء الرئيس الأسد وسط المطالب السورية بإقالته ورحيله، وقال «شرعية الأسد أمر يقرره السوريون وبقاؤه أو رحيله أيضا أمر متروك للشعب السوري».