«14 آذار» تحجب الثقة عن حكومة ميقاتي وأرسلان وقانصو والمر يمنحونها إياها

مصادر المستقبل ترجح لـ«الشرق الأوسط» عدم مشاركة الحريري في الجلسات

TT

دعا رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، غداة إقرار مجلس الوزراء للبيان الوزاري وإحالته إلى مجلس النواب، إلى عقد جلسات عامة لمجلس النواب في العاشرة والنصف من قبل ظهر أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس في الأسبوع المقبل، وكذلك مساء الأيام نفسها، لمناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي والاقتراع من أجل إعطاء الحكومة الثقة.

وتحتاج الحكومة، وفق الدستور اللبناني، إلى أكثر من نصف أصوات النواب (نصف + واحد) من أجل الحصول على ثقة مجلس النواب، تمهيدا لانتقالها إلى مرحلة ممارسة مهامها الفعلية وترجمة الخطوط العريضة لبيانها الوزاري. وبخلاف الحكومة السابقة التي شكلها الرئيس سعد الحريري والتي نالت ثقة كاملة من المجلس النيابي بـ122 صوتا من أصل 124 نائبا حضروا الجلسة في ديسمبر (كانون الأول) 2009، فإن حكومة ميقاتي ستواجه حجب فريق المعارضة المتمثل بفريق «14 آذار» ثقته عنها، على أن تنال الحكومة ثقة ممثلي الفريق السياسي الذي تتألف منه.

وفيما تنص الأصول القانونية والبرلمانية على أن تنطلق الجلسة بتلاوة رئيس الحكومة البيان الوزاري، الذي توزع دوائر المجلس نسخا منه على النواب قبل 48 ساعة من موعد انعقاد الجلسة، من المتوقع أن تشهد الجلسة سجالا حادا بين الموالاة والمعارضة، مع إصرار الأخيرة، وفق ما أكدته مصادر قيادية فيها لـ«الشرق الأوسط» على مناقشة مضمون البيان الوزاري بالتفاصيل، خصوصا ما يتعلق منه بالمحكمة الدولية والتزامات لبنان الدولية تجاه المجتمع الدولي، بعد امتعاض قوى «14 آذار» من الصيغة النهائية التي رسى عليها البيان الوزاري في البند المتعلق بالمحكمة.

ورجحت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «لا يتمكن الرئيس الحريري من حضور جلسات الثقة بسبب استعجال الرئيس بري في الدعوة لانعقاد المجلس مطلع الأسبوع المقبل». وفي حين يتوقع أن يطلب نواب المعارضة بمعظمهم الكلام في مجلس النواب، أفادت معلومات في بيروت بأن الأكثرية الجديدة ستعمد إلى تكليف نائب للكلام باسم كل كتلة.

وكانت كتلة المستقبل أعلنت أمس حجبها الثقة عن حكومة ميقاتي، وهو ما ستؤيده باقي الكتل المنضوية في صفوف «14 آذار». ورأت في بيان أصدرته عقب اجتماعها أمس أن «عبارة متابعة مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشئت مبدئيا لإحقاق الحق والعدالة..» في البيان الوزاري تعني عمليا أن «الحكومة قد تنصلت من التزامات لبنان في هذا الخصوص»، معتبرة أن «ما أوردته الحكومة هو بمثابة إيقاع للبنان في فخ تعميق الانقسام الداخلي والمواجهة مع المجتمع الدولي فضلا عن المسّ بحق اللبنانيين في العدالة والكرامة والحرية وهذا ما يؤكد المخاوف التي عبّرنا عنها منذ اللحظة الأولى لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة».

ووصفت ما جاء في بيان الحكومة بمثابة «قرار بالانقلاب على المحكمة والعدالة وحق الشهداء، وهي في ذلك تضع نفسها عمليا في موقع الاتهام إزاء هذا الموضوع، بدلا من أن تبادر الحكومة وتتقدم الصفوف لتدعم عمل المحكمة وتؤكد على التزامات لبنان في المساعدة على الاقتصاص من المجرمين»، مؤكدة أنها «ستحجب الثقة عن الحكومة وتعلن من الآن معارضتها لهذا النهج الذي يصب في مصلحة المجرمين وليس في مصلحة قضية الشهداء المظلومين، إضافة إلى أنه لا يصب في مصلحة لبنان».

من جهة أخرى، أكد النائب فادي الأعور، المنتمي إلى كتلة النائب طلال أرسلان الذي قدم استقالته شفهيا احتجاجا على تعيينه وزير دولة من دون حقيبة في حكومة ميقاتي، أنه «والوزير أرسلان لن يحجبا بالتأكيد الثقة عن حكومة ميقاتي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ملتزمون بإعطاء ثقتنا للحكومة خصوصا بعد اطلاعنا على مضمون البيان الوزاري، وهذا هو الخيار الأفضل في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة».

وعما إذا تم التوصل إلى مخرج بشأن توزير أرسلان، لفت الأعور إلى أن «الموضوع على طريق الحل قبل يوم الثلاثاء المقبل، موعد انعقاد مجلس النواب، والأمور تسير بشكل إيجابي»، مشددا على أن «مصلحة الوطن وكيفية المشاركة في حماية لبنان تشكلان أولوية لدى أرسلان في ظل الوضع الراهن». وعن إمكانية أن يعود الوزير أرسلان عن استقالته الشفهية مقدما التنازلات من أجل المصلحة العامة، أجاب الاعور: «لن يتردد الوزير أرسلان في تقديم التنازل لمصلحة البلد، لأن ذلك لا يعدّ تنازلا».

وبعد أن أشار النائب عن حزب البعث عاصم قانصو في وقت سابق إلى أنه لن يمنح الحكومة الثقة «احتراما لكرامة حزبه» بسبب عدم تمثيله في الحكومة، أكد لـ«الشرق الأوسط» أمس عودته عن قراره وتوجهه لإعطاء الحكومة الثقة بعد أن وصلت رسالته إلى المعنيين لناحية اعتراضه على عدم تمثيل حزبه وزاريا في حين تم تمثيل الحزب القومي الذي تتألف كتلته النيابية كما حزب البعث من نائبين اثنين. وأشار إلى أن «المسألة عولجت بعد أن تلقينا اعتذارا وتوضيحا بأن الأمر لم يكن مقصودا»، لافتا إلى أنه تلقى «وعدا بالتعويض في المرحلة المقبلة لحفظ حقوق كتلة البعث النيابية كالتمثيل على طاولة الحوار الوطني».

وفي حين لم يعرف بعد موقف «الجماعة الإسلامية» التي أعلنت أنها ستحدد موقفها بإعطاء الثقة أو عدمه وفق مضمون البيان الوزاري، بسبب وجود نائبها عماد الحوت خارج لبنان، كان النائب ميشال المر أعلن بعد لقائه الرئيس بري منذ ثلاثة أيام أن لديه ثلاثة أسباب تجعله يفكر في إعطاء الثقة، أولها أنه «لا يستطيع أن يحجب الثقة عن حكومة بري شريك فيها»، وثانيها أنه «بعدما تألفت الحكومة لا يصح القول إننا ضدها»، وثالثها وجود «وزراء في الحكومة نحترم كفاياتهم ونقدرها، ولا نريد أن نأخذ موقفا عدائيا منهم قبل أن نعرف ماذا ستفعل هذه الحكومة».