منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: الديمقراطية رحلة تتطور مع مرور الوقت

في خطابها أمام مؤتمر مؤيد للديمقراطية.. كلينتون تصرح بأن الولايات المتحدة ستراقب عن كثب تشكيل الأحزاب في تونس ومصر

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تتوسط نائب الرئيس البولندي (يمين) ووزير الخارجية الليتواني في صورة جمعت الوزراء في مؤتمر مؤيد للديمقراطية في فيلينيوس عاصمة ليتوانيا (أ.ب)
TT

قالت كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن الشهور الأخيرة كانت شاهدا على نتائج المعاناة من الظلم، وعدم الحصول على الحقوق، وعدم الشعور بالكرامة، في بعض دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وأضافت في كلمتها أمام المؤتمر الوزاري السادس للمجتمعات الديمقراطية في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، أن الربيع العربي أظهر عالمية الديمقراطية ودور المبادئ الديمقراطية في طموح الشعوب وتحديد مستقبل لحياتهم. وأشارت المسؤولة الأوروبية في كلمتها التي نشرت في بيان صدر ببروكسل، إلى أن الاتحاد الأوروبي كانت مهمته إعطاء كل ما لديه، ويفعل ما بوسعه لدعم الطموح الديمقراطي، وهذا ما دفع التكتل الأوروبي الموحد إلى طرح سياسة للجوار الأوروبية مع الشركاء الـ16 في الشرق والجنوب من خلال شراكة من أجل الديمقراطية والازدهار، بشرط التزام كل طرف بتنفيذ المطلوب منه أي التقيد بالحقوق والواجبات. وشددت أشتون على أنه لا يمكن أن يكون هناك ديمقراطية من دون تنمية ولا تنمية من دون ديمقراطية، مشيرة إلى أن الديمقراطية تجلب فوائد اقتصادية، وتجذب الاستثمار، وتخلق فرص العمل، كما أن الأمان الاقتصادي شرط لضمان مشاركة الناس في دعم الديمقراطية. وأشارت المسؤولة الأوروبية إلى المشاريع التي ساهم الاتحاد الأوروبي في تمويلها في مناطق مختلفة من العالم في إطار دعم الديمقراطية والحريات والحقوق، فضلا عن المهام التي يقوم بها لتدريب القضاة والشرطة والموظفين في السجون والجمارك، إلى جانب دوره في نشر حرية الإعلام والإشراف على العمليات الانتخابية ومراقبتها، والأنشطة الأخرى التي تقوم بها المنظمات الأوروبية الناشطة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقالت أشتون إنه لا توجد ديمقراطية كاملة على الكرة الأرضية وكل الديمقراطيات الوطنية عبارة عن رحلة تتطور بمرور الوقت، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي أكد سابقا على أنه لا يوجد مكان فيه لأي بلد إلا إذا كان ديمقراطيا ونجحت استراتيجيته لتوسيع التكتل الموحد بانضمام عشر دول من الأنظمة الديكتاتورية السابقة، كما أن معاهدة لشبونة لإصلاح الهياكل والمؤسسات الأوروبية تؤكد على الديمقراطية وسيادة القانون وعالميتها وعدم قابليتها للتجزئة إلى جانب الحريات وحقوق الإنسان وكلها مبادئ أساسية قام عليها الاتحاد الأوروبي. واتفقت أشتون مع ما ذكرته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في ازدهار الديمقراطية يكون عبر دعمها من الديمقراطيات الأخرى. وأشادت بجهود من أسس تجمع المجتمعات الديمقراطية قبل 11 عاما وعلى رأسهم وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت على أساس أن القيم الديمقراطية هي حقوق عالمية. وأعلنت أشتون دعمها للمقترحات التي تتحدث عن هيئات أوروبية للديمقراطية ذات أدوات مرنة غير بيروقراطية دون معاناة من السيطرة الحكومية. وقالت أشتون إنه لا بد من مساعدة الشباب على التحدث مع بعضهم البعض عبر الفضاء الإلكتروني والبحث عن فرص من أجل خدمة الحوارات الديمقراطية عبر القنوات الديمقراطية.

ومن جانبها انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قمع الاحتجاجات السلمية في روسيا البيضاء، وحثت الدول على دعم الحركات الديمقراطية الوليدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمناطق الأخرى، مبرزة اهتمام واشنطن بمتابعة ما يحدث في مصر وتونس. وفي خطابها أمام مؤتمر مؤيد للديمقراطية في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا على بعد 160 كيلومترا من مينسك عاصمة روسيا البيضاء تحدثت كلينتون عن معركة ليتوانيا ضد الهيمنة السوفياتية قائلة إنه على الديمقراطيات مسؤولية خاصة متمثلة في مساعدة المقموعين. وعبرت كلينتون عن أملها في أن تسمح مصر للمراقبين الدوليين بمتابعة الانتخابات البرلمانية التي تجري في سبتمبر (أيلول) المقبل والانتخابات الرئاسية التي تجري بنهاية العام. وصرحت بأن الولايات المتحدة ستراقب عن كثب تشكيل الأحزاب في تونس ومصر لترى ما إذا كانت تؤيد حقوق المرأة، مشيرة إلى أن ما من حزب يحق له زعم الشرعية الديمقراطية إذا ما همش النساء. وقالت كلينتون «هناك ديمقراطيات تقاتل من أجل الحياة. وهناك حكام شموليون فاسدون يحاولون التشبث بالسلطة. وهناك جماعات صاحبة مصالح تتظاهر بتأييد الديمقراطية بينما تنتظر فقط الوصول إلى السلطة. هذا وقت الحاجة. ويجب على كل ديمقراطية أن تقف وتعلن عن موقفها». وأضافت في خطابها أمام مجتمع الديمقراطيات «يجب أن نعبر عن رأينا حين تقوم دول مثل روسيا البيضاء بوحشية بقمع حقوق مواطنيها وحين نرى شخصيات معارضة تواجه محاكمات لتحركاتها السياسية أو حكومات ترفض تسجيل أحزاب سياسية».

وأقرت كلينتون بأن الشعوب هي التي ستحدد في نهاية المطاف تطور الديمقراطيات وهو رأي اتفق فيه معها وزير خارجية ليتوانيا أودرونيوس أزوباليس الذي قال «الديمقراطيات لا يمكن أن تصدر أو تفرض من الخارج». وطغى الربيع العربي والوضع في روسيا البيضاء على جدول أعمال قمة مجموعة الدول الديمقراطية، بحسب وزارة الخارجية الليتوانية. وقال أدرونيوس أزوباليس «احتل الربيع العربي قسما كبيرا من المحادثات». وتابع «قبل فترة بدا وكأن الشأن الديمقراطي آخذ في الانحسار عن جدول أعمال السياسيين». وأضاف: «غير أن الثورات العربية أعادت الأمل إلى القيم الديمقراطية التقليدية باعتبارها ممكنة التحقق ومحط آمال الشعوب». يذكر أن ليتوانيا، الجمهورية السوفياتية السابقة، ترأس حاليا ما يعرف بمجموعة الدول الديمقراطية، وهي تجمع غير رسمي يضم أكثر من مائة بلد أسسته عام 2000 الولايات المتحدة وبولندا الشيوعية السابقة. والهدف المعلن لهذه المجموعة هو تعزيز المعايير والممارسات الديمقراطية وتعميقها على مستوى العالم، مع حرص أعضاء المجموعة من أوروبا الشرقية على المشاركة بما لديهم من خبرات ديمقراطية تشكلت على مدار عقدين منذ انهيار الأنظمة الشيوعية السابقة في المنطقة. ونظمت ليتوانيا، القمة في عاصمتها فيلنيوس يومي الخميس والجمعة تزامنا مع نهاية توليها رئاسة المجموعة التي تستمر عامين، والتي تسلمتها منغوليا الجمعة. وكانت ليتوانيا، شأنها شأن روسيا البيضاء، قد حازت على استقلالها مع تداعي الاتحاد السوفياتي عام 1991، غير أن البلدين سلكا سبيلين مغايرين منذ ذلك الحين. ففي الوقت الذي عملت فيه ليتوانيا على تعزيز علاقاتها مع الغرب بالانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي عام 2004، لا تزال روسيا البيضاء تحت قبضة الرئيس القوي ألكسندر لوكاشينكو الذي يحكم البلاد منذ عام 1994.