مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: «القاعدة» ماتت بسكتة «الربيع العربي».. والظواهري على الأرجح مختبئ في باكستان

دانييل بنيامين: أميركا دعمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان منذ أن أنشئت

دانييل بنيامين، المنسق الأميركي لمكافحة الإرهاب («الشرق الأوسط»)
TT

ذكر مسؤول أميركي كبير أن الولايات المتحدة سعيدة بالتقدم الذي أحرز في محاربة الإرهاب الدولي، لا سيما بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وقال دانييل بنيامين، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، في مقابلة مع عدد محدود من ممثلي الصحافة العربية خلال زيارته لبريطانيا، إن هذا التقدم إيجابي وله آثار كبيرة مع الثورات العربية بعد التغيرات التي حدثت في عدد من دول منطقة الشرق الأوسط.

وأوضح: «نحن سعداء بالتقدم الذي أحرزناه على صعيد مكافحة الإرهاب. وكما تعرفون، فإن مقتل بن لادن يعد الإنجاز الأكبر الذي حققناه في الحملة ضد تنظيم القاعدة منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2011، وهو حدث مهم بالفعل. إنه أمر إيجابي ويخالجنا شعور بأننا نجحنا في دفع التنظيم نحو الانكماش، لكن أهمية الحدث تعود أيضا إلى أننا اكتشفنا أن بن لادن كان مشاركا في إدارة شؤون التنظيم اليومية بدرجة أكبر مما سبق أن اعتقدنا. وبالتالي، فإن مقتله سيخلف تأثيرا كبيرا على قدرتهم على شن هجمات ضدنا وضد أصدقائنا.

حظيت هذه الفترة بأهمية كبيرة أيضا لأن فضل عبد الله قائد عمليات تنظيم القاعدة في شرق أفريقيا ربما شكل أخطر رجل في أفريقيا بأسرها، اختفى أيضا من الساحة، وهو أمر إيجابي».

وقال بنيامين: «لا أود إهمال الصورة العامة من موقعي كمسؤول معني بمكافحة الإرهاب، لذا أرى أن التطورات الجارية على مستوى الشرق الأوسط بوجه عام قبل (الربيع العربي) رائعة، ومثلما أكد الرئيس أوباما في عدة مناسبات فإننا ندعم بقوة التحركات التي شهدتها مصر وتونس ودول أخرى نحو بناء مؤسسات تخضع للمساءلة وتتسم بالديمقراطية، ولدينا إيمان قوي بأنه مع ترسخ الإصلاحات ستتضاءل جاذبية الإسلام الراديكالي».

وقال: «إن المجتمعات الديمقراطية توفر فرصة لاختلاف الرأي تسمح لهذه المجتمعات بالتعامل مع المعارضة والقضايا على نحو يحمل طابعا بناء أكبر بكثير مما مضى. ويعطي التحرك في هذا الاتجاه للناس مصلحة مباشرة في مجتمعاتهم، وبالتالي يعد سببا أقوى يدفعهم لتجنب العنف. أعتقد أن ما عايناه في (الربيع العربي) هو تأكيد على أن (القاعدة) لم يكن لها أدنى أهمية بالنسبة للتطورات الجارية، وأن آيديولوجيتها واهتماماتها لا صلة لها بتطلعات الأفراد العاديين في الكثير من دول المنطقة. ولا شك أن تلك تعد صفعة قاسية، ونعلم أن بن لادن وقيادات أخرى في التنظيم ساورهم قلق عميق حيال كيف يمكن للتنظيم استغلال هذه التطورات والتغلب على الصورة المهمشة لـ(القاعدة)».

وأوضح بنيامين لـ«الشرق الأوسط»: «في الواقع، لا ندري كيف يمكن لـ(القاعدة) تحقيق ذلك، فهي جماعة لا تطرح سوى نهاية مسدودة وعنف هائل، وليس لديها ما تقدمه لشعوب المنطقة، تحت قناع الشهادة، ارتكبت (القاعدة) كثيرا من القتل لا يفيد أحدا في المنطقة. وأود التأكيد أنه ليس هناك تعارض بين مصالحنا الأمنية ومصالحنا السياسية الأوسع، إنها جميعها سياسة واحدة ونحن ندعم بقوة ما يجري في المنطقة».

وأضاف بنيامين أن الولايات المتحدة تدعم التوجه نحو العملية الديمقراطية والشفافية في العالم العربي. واستدرك بالقول: «إن تنظيم القاعدة لا صلة له بالموضوع».

وأكد أن الولايات المتحدة تعترف بأن عمليات الإصلاح والديمقراطية بعد الاضطرابات في بعض الدول العربية لن تكون سهلة لكنها تعد من أهم التطورات التاريخية في الشرق الأوسط.

وشدد على أهمية تأييد الولايات المتحدة وقوة تطلعات الشعب في المنطقة للحصول على مؤسسات أكثر تجاوبا وشفافية، وأن هذا يعد تطورا إيجابيا للدول في الشرق الأوسط ولتحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب.

وأضاف: «أعتقد أن هذه الاضطرابات العظيمة في ظل الشكوك القائمة بعد هذه التغييرات لا تأتي من دون بعض المعاناة، وكنا نتوقع ذلك ونحن ندرك أن هذا لن يكون سهلا».

وشدد على أنه ستكون هناك حاجة ملحة للتحول الاقتصادي، وأن الإدارة حددت سلسلة من المبادرات التي تنطوي على مبادلة الديون والأموال من أجل التحديث. وتعهد بنيامين بمشاركة الولايات المتحدة بطريقة تفاعلية في هذه العملية التي ستستمر سنوات قادمة. وأضاف قائلا: «إن هذا التحول سيكون صعبا ويتعين علينا أن نسهم بكل وسيلة ممكنة وجميعنا مدرك لما نخاطر به». وحول رد فعل الولايات المتحدة في ما يتعلق بالمظاهرات في سوريا وليبيا واليمن قال بنيامين: «إن مبادئنا لم تتغير في ما يتعلق بجميع هذه البلدان حتى الآن، ونحن نعتقد بقوة أن القادة يجب أن يحققوا تطلعات شعوبهم، والواضح أن هناك حركة تغيير». وأعلن بنيامين خلال حديثه عن تهديدات الإرهاب الدولي بأن الولايات المتحدة تدرك بأن هذه التهديدات خطيرة جدا لأن «القاعدة» لا تزال منظمة خطرة جدا من خلال مقرها الذي اتخذته في الماضي في أفغانستان وباكستان وأيضا في شبه الجزيرة العربية. وانتقد تعامل طهران مع التطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني و«قمع حرية التعبير هناك».

وشدد قائلا: «نحن قلقون من تدخل إيران في التطورات في منطقة الخليج ونحن حريصون على ضمان عدم قيامهم بدور سلبي في أي من هذه التطورات».

وتطرق بنيامين في حديثه إلى الأزمة النووية الإيرانية، إذ قال إنه لا يوجد أحد أكثر نشاطا من الولايات المتحدة في محاولتها لمنع طهران من امتلاك وتطوير أسلحة نووية الأمر الذي أدى إلى فرض سلسلة من العقوبات ضدها.

وعن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان المعنية باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، أوضح أن الولايات المتحدة دعمت المحكمة وأعمالها منذ أن أنشئ، ويتعين تحقيق العدالة في هذه القضية. ولم يستبعد بنيامين أن يؤدي حزب الله اللبناني دورا بناء جدا في هذا الصدد. وفي ما يتعلق بمكان وجود الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، قال بنيامين إن الولايات المتحدة لا تعرف مكانه، مرجحا أنه «من الممكن أن يكون في مكان ما داخل باكستان».

وأضاف: «لقد كنت في زيارة إلى تونس الشهر الماضي، والقاهرة هذا الأسبوع، ونحن متفائلين للغاية حيال المستقبل. من الواضح أن هناك الكثير من العقبات التي يتعين اجتيازها، لكن هذا أمر طبيعي، وهي تحديات مهمة حال التغلب عليها ستتوافر ظروف أفضل أمام جميع شعوب المنطقة». وقال: «لا أود الخوض في شؤون عملية مفصلة»، لكن الكثير من المسؤولين الآخرين أشاروا إلى أنه تولدت لديهم درجة من الثقة حيال وجوده، لكنهم لم يكونوا على ثقة قاطعة حتى تنفيذ العملية.

وحول زيارته لمصر قال لـ«الشرق الأوسط»: «زرت مصر لـ3 أيام، والتقيت عددا من المسؤولين ينتمون لوزارات مختلفة، لكن ليس بوسعي تحديد أسمائهم. إننا ندرك تماما أن مكافحة الإرهاب ستتحول إلى ما نطلق عليه نشاطا حكوميا قديما، ويتطلب مشاركة الكثير من مختلف المسؤولين والوكالات. وقد سعدت بفرصة مقابلة عدد من المسؤولين المصريين المختلفين وعقدت مناقشات بناءة معهم». وبالنسبة لـ«الإخوان» أوضح المنسق الأميركي: «أصدرت وزيرة الخارجية بالأمس بيانا قالت فيه إننا سنمضي قدما في سياسة التعاون المحدود، وهذا هو الخط الصحيح بالفعل. ما دام أن جماعة ما لا تنتهج العنف، أعتقد أنها ستصبح جزءا من المناقشات، وأرى أنه من المناسب الاستمرار في هذه السياسة».

وفي ما يتعلق بالعلاقات مع باكستان قال بنيامين: «الأمر المهم في علاقتنا بباكستان أن كلا البلدين عانى كثيرا من الإرهاب، وقد فقدت باكستان بالتأكيد كثيرا من الأرواح، بينهم عدد كبير من قوات الأمن والمؤسسة العسكرية. وأعتقد أننا جميعا نعي أن التجربة المشتركة أساس لأي شراكة مهمة. وإذا نظرت إلى استراتيجية مكافحة الإرهاب الجديدة التي أطلقها الرئيس، فسيتضح لك أنه ليس من سبيل لتحقيق الأهداف المحورية في ما يخص الاستراتيجيات الوطنية في مجال مكافحة الإرهاب من دون العمل مع باكستان. ونحن نعي هذا الأمر. من وقت لآخر تظهر بيننا خلافات، لكننا سنمضي في العمل معهم». وحول ما تردد من اتهام بعض مسؤولي الاستخبارات الباكستانية في توفير ملاذ لابن لادن قال بنيامين: «أريد التحلي بدقة كبيرة في هذا الصدد. إننا لم نعاين أدلة تدين كبار المسؤولين. ولم يطلع القضاة على أدلة تثبت وجود معرفة مسبقة أو دعم من قبل السلطات الباكستانية. ومثلما قال الرئيس أوباما، نعتقد أن بن لادن لا بد أنه تمتع بشبكة دعم داخل باكستان، ونود التعاون مع باكستان لكشف هذه الشبكة. إلا أننا لا نعتقد إطلاقا أن مسؤولين باكستانيين رفيعي المستوى على صلة بوجود بن لادن هناك».