مصادر تتوقع تنحي الرئيس اليمني صالح وانتقال السلطة في اليمن قريبا

جهود خليجية لتفادي كارثة اندلاع حرب أهلية في البلاد

TT

توقعت مصادر تنحي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من الرئاسة، وانتقالا سلميا للسلطة في اليمن قريبا. وبدأت الجهود تتركز على العمل من أجل انتقال سلس وسلمي للسلطة، وتجنب تداعيات دفع البلاد إلى حرب أهلية في المرحلة المقبلة.

وقال محللون إنه رغم رغبة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في التشبث بالحكم، فإن محاولة اغتياله ربما لم تقض على حياته، لكنها نجحت في منعه من مواصلة ممارسة مهامه كرئيس بسبب الإصابات التي لحقت به، حسبما ذكرت «رويترز» أمس.

ويعتقد هؤلاء المحللون أن الجهود تتركز الآن على تحديد مسار الانتقال السلمي للسلطة في اليمن تفاديا لحرب أهلية وإقناع أفراد من عائلة صالح بالتخلي عن سيطرتهم على الجيش وقوات الأمن.

وقال نائب الرئيس اليمني الفريق عبد ربه منصور هادي، الذي يدير الشؤون اليومية للبلاد منذ سفر صالح للعلاج في السعودية بعد محاولة اغتياله، إثر الهجوم على القصر الرئاسي في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، إن الرئيس لحقت به إصابات بالغة إلى درجة يستحيل معها تحديد موعد عودته إلى البلاد.

وقال هادي في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» التلفزيونية الأميركية إنه رأى صالح بعد الهجوم بالقنبلة مباشرة، وإنه كانت هناك قطعة من الخشب بين ضلوعه في الصدر وحروق في وجهه وذراعيه والجزء العلوي من جسمه.

وتزامن هذا مع عدم ظهور الرئيس صالح في تسجيل فيديو كما أشارت وعود كثيرة لطمأنة اليمنيين على صحته مما زاد التكهنات بأن صالح ربما لن يعود أبدا ليحكم اليمن.

وقال إبراهيم شرقية نائب مدير مركز «بروكينجز الدوحة»: «الحديث الآن ليس عن عودة الرئيس أو عدم عودته بل كيفية انتقال السلطة سلميا. ما يحدث الآن هو مفاوضات مكثفة للخروج من الأزمة. ما يجري هو بحث السيناريو الأخير الذي سيخرج به صالح».

وتتواكب الاحتجاجات الممتدة منذ أشهر ضد حكم الرئيس صالح مع تمرد الإسلاميين المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة في الجنوب، مما دفع اليمن إلى شفا حرب أهلية.

وتخشى الولايات المتحدة والسعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، من أن تمهد الفوضى في اليمن الطريق لتنظيم القاعدة ليشن هجمات ضد مصالحيهما في المنطقة وخارجها.

وخلال زيارة إلى اليمن الشهر الماضي دعا جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية إلى انتقال سلمي وسريع للسلطة في اليمن.

وقال فيلتمان في مؤتمر صحافي بصنعاء خلال زيارته الأخيرة إلى اليمن «حان الوقت ليعمل القادة السياسيون اليمنيون معا من أجل انتقال فوري وسلمي للسلطة».

وتريد الدول الخليجية حكومة مركزية قوية في اليمن تعمل على السيطرة على الإسلاميين المتشددين، وتفادي كارثة اندلاع حرب أهلية في البلاد.

وقال محللون إن الجهود وراء الكواليس ستتعامل على الأرجح مع أي دور مستقبلي لأقارب الرئيس صالح المقربين بمن فيهم ابنه أحمد، وهو لواء مسؤول عن الحرس الجمهوري ولاعب رئيسي في غياب الرئيس.

كما يرجح أن تتناول المحادثات أي دور مستقبلي لحزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) وأفراد عائلة الرئيس صالح الذين يلعبون دورا رئيسيا في مواجهة الإسلاميين المتشددين في الجنوب.

وفي تصريحات نادرة لوسائل الإعلام نقلتها وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) مؤخرا، قال أحمد علي عبد الله صالح إنه يدعم حوارا يجريه نائب الرئيس الفريق عبد ربه منصور هادي، القائم بأعمال الرئيس اليمني، مع المعارضة بشأن نقل السلطة المحتمل.

وقال شرقية من مركز «بروكينجز الدوحة»: «النقاط التي يجري بحثها، هي ماذا سيحدث لأركان النظام، وكيف سيكونون جزءا من المرحلة القادمة»، مشيرا إلى أن الكثير من الأطراف تريد أن يلعب الحزب الحاكم دورا في المستقبل.

وأوضح محللون أن الخلافات مع الولايات المتحدة بشأن نقل السلطة أرجأت اتفاقا على رحيل الرئيس صالح، لكن الخليجيين ربما انتابهم القلق بعد تقارير أفادت بأن الإسلاميين المتشددين في الجنوب يحرزون تقدما فيما يبدو.

وحقق الإسلاميون المتشددون مكاسب لا يستهان بها. وكانوا قد سيطروا على مدينة زنجبار في مايو (أيار) الماضي في تواطؤ مزعوم مع الرئيس صالح، وهو الأمر الذي وصفه معارضوه بمحاولة ميكافيلية لإظهار أن حكمه هو الوحيد الذي يستطيع درء شر «القاعدة».

وقاوم الرئيس صالح، السياسي الداهية الذي تولى الحكم عام 1978 في انقلاب، ضغوطا أميركية وخليجية لتسليم السلطة لنائبه بموجب المبادرة الخليجية التي تهدف إلى ضمان انتقال سلس وسلمي للسلطة.

وتراجع الرئيس اليمني صالح عدة مرات عن توقيع المبادرة الخليجية على أمل أن يفقد المحتجون الذين يتظاهرون منذ أشهر في صنعاء ومدن يمنية أخرى الزخم ويعودوا إلى ديارهم.

واتهم معارضون الرئيس صالح بأنه حاول جر البلاد إلى حرب أهلية من خلال مهاجمة المتظاهرين في الشوارع، وخوض قتال ضد زعيم «اتحاد حاشد» القبلي، الشيخ صادق الأحمر.

وعلى الرغم من أن الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة سعودية بين القوات الحكومية و«اتحاد حاشد» لا تزال صامدة، فإن اليمن انزلق إلى مزيد من الفوضى في ظل نقص الوقود وانقطاع الكهرباء والانفجارات وإطلاق الرصاص المتكرر.

وقال خالد الدخيل، أستاذ العلوم السياسية السعودي: «هناك إجماع في اليمن على تنحي الرئيس صالح.. وحتى صالح نفسه جزء من هذا الإجماع».