ابنا القذافي يعترفان بوجود مفاوضات سرية مع الثوار وحكومات غربية

القذافي في تسجيله الخامس: على ساركوزي تناول المهدئات قبل رؤية المؤيدين في طرابلس

مقاتلون ليبيون يحرسون جموعا يؤدون صلاة الجمعة في بنغازي أمس (أ.ب)
TT

ظهر أمس أحدث تسجيل صوتي للعقيد الليبي معمر القذافي، وهو الخامس له منذ اختفائه عن الأنظار بسبب القصف الذي يشنه حلف شمال الأطلسي على قواته، منذ مارس (آذار) الماضي. ودعا القذافي أنصاره إلى الاستيلاء على الأسلحة التي ألقتها فرنسا للثوار الليبيين في منطقة جبل نفوسة، وقال في كلمة عبر مكبرات الصوت خاطب فيها آلافا من أنصاره تجمعوا في الساحة الخضراء في طرابلس «ازحفوا على الجبل الغربي وافتكوا بالسلاح الذي ألقاه الفرنسيون.. ثم إذا أردتم أن تعفوا عنهم (الثوار) فاعفوا عنهم». وسخر القذافي من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وقال «طظ في ديمقراطيتكم.. نظريتنا هي التي ستسود».. ونصح الرئيس الفرنسي بتناول مسكنات مهدئة وهو ينظر للملايين المؤيدين له عبر التلفزيون الليبي.

كذلك حض القذافي أنصاره على «الزحف على مصراتة ثم تحريرها شبرا شبرا ولكن من دون سلاح»، مضيفا «أنهوا المعركة بسرعة». وأكد القذافي أيضا أن هجمات الحلف الأطلسي «ليست لها فائدة، وإسقاط السلاح على الطابور الخامس في الجبل الغربي لم يفعل شيئا». وتابع مخاطبا قوات الحلف «إذا كنتم تريدون أن تجدوا مخرجا من ورطتكم هذه فتعاملوا مع الشعب الليبي، وتفاهموا مع رؤساء القبائل». وكرر قوله إنه لا يحكم، ودعا الحلف أيضا إلى التفاهم مع «الشعب (الليبي) السيد الشعب الحر.. ابحثوا عن مخرج من هذه الورطة وأنا أساعدكم». وختم العقيد الليبي كلمته على وقع هتافات الجموع قائلا «الكفاح مستمر حتى النصر.. هذه بلادنا لن نتركها أبدا، وسنموت من أجلها».

من جهة ثانية أقر نجلا القذافي، عائشة وسيف الإسلام، للمرة الأولى بشكل علني، بوجود مفاوضات سرية في هذا الإطار؛ حيث سعت عائشة للتهوين من شأن رحيل والدها وقالت: «الرحيل.. الغريب هو إلى أين تريدونه أن يرحل.. هذا بلده وأرضه وشعبه». وأضافت: «إلى أين يذهب؟ هناك شيء لا تفهمونه ولن تفهموه.. أبي رمز ومرشد».

وقالت عائشة للتلفزيون الفرنسي، في مقابلة أذيعت أول من أمس، إن أباها مرشد للشعب الليبي، ولا شيء يدعوه إلى ترك بلاده. وتابعت: «نحن نسعى لوقف الدم الليبي ومستعدون للتحالف مع الشيطان، وهو المعارضون المسلحون».

من جهته، أكد سيف الإسلام، النجل الثاني للقذافي، وجود مفاوضات سرية مع أطراف غربية، وقال، في مقابلة بثتها قناة «روسيا اليوم»: «هم (دول التحالف) يتحدثون عن محكمة عادلة ويجرون مفاوضات سرية معنا في الوقت نفسه للدفع بنا إلى صفقة، هم يقولون: إذا عقدتم الصفقة معنا سنرتب الأمور مع المحكمة (الجنائية الدولية)». وأضاف: «ما معنى ذلك؟ معناه أن المحكمة ببساطة تنفذ أوامر البلدان التي هاجمتنا ويفعلون كل ذلك لكي يمارسوا الضغوط النفسية والسياسية علينا».

ونفى نجل القذافي، الذي ظهر مطلقا لحيته، أن يكون هو أو أبوه القذافي قد أصدرا أي أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين في بداية الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مختلف المدن الليبية في 17 فبراير (شباط) الماضي، وقال إن هناك تسجيلات لمكالمات هاتفية أجراها هو ووالده مع اللواء عبد الفتاح يونس، وزير الداخلية السابق، قبل انشقاقه على القذافي وانضمامه للثوار تبرهن على صحة ذلك.

واعتبر سيف الإسلام أن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه هو ووالده تعني صدور حكم بالإعدام، وقال: لقد صدر في حقنا حكم بالإعدام. فقد قرروا قتلي أنا ووالدي. لقد قتلوا أخي ودمروا بيتي. بالتالي فإن القرار قد اتخذ.. لقد قرروا إزالتنا على الوجود. وتابع: «حتى رئيس الوزراء الروسي بوتين قال إن هدف هذه العملية هو قتل القذافي، وهاهم يخططون لاعتقالي، منذ 3 أشهر يحاولون قتلي! يحاولون اصطيادي كل يوم لكي يقتلوني أنا ووالدي».

وبعدما انتقد الانقلاب الحاد في مواقف الولايات المتحدة والغرب، خاصة فرنسا وبريطانيا، ضد نظام القذافي، قال نجل الزعيم الليبي: «من أكبر أخطائنا أننا أنهينا - أو بالأحرى قلصنا - شراء الأسلحة الحديثة، خاصة الأسلحة الروسية. كان هذا خطأ كبيرا.. كما تباطأنا في إنشاء جيش قوي. حسن النية سيطر علينا وكان ظني أننا لن نخوض حربا جديدة».

ولفت إلى أنه يتعرض لاتهامات بالتسبب فيما حدث، مضيفا: «الليبيون يرون أن ذلك كان خطأنا وأننا عاملنا الأعداء بطيبة أكثر من اللازم. والآن يتهمني الجميع قائلين: كل هذا حدث بسببك وبسبب طيبتك. لقد حاولت إرضاء الجميع وهاهم الأعداء يهاجمون ليبيا من كل جهة».

ووصف المحكمة الجنائية الدولية بأنها مشهد في سيرك ما، وقال القذافي: «هم يتهمونني بقتل الناس.. لكن الجميع يعرفون حقيقة الأمور، وحتى المتمردون أنفسهم لا يتهمونني باستخدام العنف أو قتل البشر. أنا لا أشغل أي منصب عسكري أو حكومي».

وعن تأثير اعتقال والده افتراضيا على ليبيا، أجاب: «أبي زعيم بلدنا. واعتقاله ليس سهلا. يمكن قتله لأنها الحرب».

كما عرض مجددا على الثوار إجراء انتخابات بضمانات ورقابة دولية، وقال: إذا أردتم تنظيم انتخابات، تفضلوا، وإذا خسرنا فسنهنئكم. لكنهم يقولون: لا، سنذهب إلى طرابلس وسنستولي عليها بالقوة. ويقولون ذلك كل يوم على شاشات التلفزيون.

وتابع: «جيد.. إذا أردتم الحرب فسنحارب، وستهزمون. وسيحدث ذلك قريبا؛ لأنه ليست لديكم أي فرص، العالم كله يساعدكم، لكنه ليس بإمكانكم أن تنتصروا.. لماذا؟ لأن الشعب ليس معكم. وستهزمون قريبا جدا».

ميدانيا، فقد الثوار مواقعهم المتقدمة إلى مسافة 80 كيلومترا من معقل القذافي في العاصمة طرابلس بعدما انسحبوا بشكل مفاجئ بسبب القصف الصاروخي الذي شنته قوات القذافي في غياب أي تدخل لمقاتلات حلف الناتو.

وقال شهود عيان في بلدة بئر عياد، التي تقع على بعد 30 كيلومترا إلى الجنوب من طرابلس: إن مقاتلي الثوار الذين كانوا يتجمعون على تل قرب بئر الغنم ويستعدون لشن هجوم انسحبوا تحت قصف قوات القذافي بصواريخ الغراد الروسية.