السوريون يفضلون التظاهر على التنزه.. وأيام الجمع لم تعد للراحة

شاب يشارك في الاحتجاجات: أرتدي أكثر من سترة لاتقاء ضربات هراوات الأمن وأضع قبعة لإخفاء هويتي

صورة ماخوذة من موقع «أوغاريت» لمتظاهرين في مدينة حمص السورية أمس
TT

لم يعد يوم الجمعة بالنسبة للسوريين مجرد يوم عطلة يمضونه في المتنزهات والمقاهي وأماكن السهر.. فمنذ بداية المظاهرات التي اجتاحت البلاد في 15 مارس (آذار) الماضي، تحول هذا اليوم من يوم راحة وعطلة أسبوعية إلى يوم عمل مضنٍ لتحقيق الحرية والديمقراطية اللتين يصبو إليهما السوريون.

يقول حسام، وهو موظف في إحدى صالات عرض المفروشات في العاصمة دمشق: «كنت أستيقظ يوم الجمعة في الساعة الواحدة ظهرا، أتناول الغداء مع عائلتي ثم أذهب بعد ذلك لملاقاة أصدقائي في المقهى، الآن صرت أستيقظ مبكرا أجلس وراء الكومبيوتر وأتابع آخر مستجدات الثورة على (فيس بوك)، وقبل أن أذهب لأداء الصلاة أتحضر جيدا للمظاهرة التي ستخرج بعدها وتطالب بالحرية؛ حيث أرتدي أكثر من سترة لاتقاء ضربات هراوات الأمن، وأضع قبعة على رأسي لإخفاء وجهي في حال قام أحد المخبرين بتصوير المظاهرة ونقل الصور إلى الأمن». وعلى الرغم من ابتعاد جامع الحسن عن منزله فإن حسام يقصده لأداء الصلاة والخروج بعدها في المظاهرة التي صارت تخرج كل يوم جمعة، كما يقول.

وعن خوفه من الاعتقال أو الضرب يقول حسام: «نجوت من الاعتقال عدة مرات، لكن حتى لو اعتقلوني وعذبوني في سجونهم، كما فعلوا بأصدقائي، سأخرج مجددا في المظاهرات». ويضيف: «السوريون لم يعد يرهبهم القمع، صاروا يعرفون أنه في حال تراجعوا هذه المرة، فسيعود النظام أكثر شراسة ووحشية في تعامله معهم».

«لم أعد أكتفي بيوم الجمعة»، يقول أبو صلاح، بعد مقتل ابن أخيه في حي بابا عمرو في مدينة حمص بعد اقتحامها من قبل الدبابات السورية. صار الرجل الخمسيني ينزل كل يوم في مظاهرات يتم تفريقها بسرعة من قبل الأمن كما يقول. ويضيف: «ليس فقط يوم الجمعة لم يعد يوم عطلة، حتى أيام الأسبوع لم تعد أيام عمل، منذ شهر لم أفتح السوبر ماركت الذي أملكه، أصبحت متفرغا للتظاهر، ولا أملك رغبة بالعمل بوجود هذا النظام القمعي».

تخشى أم طارق على ابنها من الاعتقال أو التعذيب؛ لذلك تمنعه من الخروج من المنزل يوم الجمعة تحديدا، وتقول: «أشاهد صورا مروعة على شاشات التلفزيون، أتخيل ابني هو الذي يسحل أو يتم ضربه بالعصي والجنازير، طارق ما زال صغيرا، لا أريد له مصيرا مشابها لما نراه على الشاشات». الشاب الذي انتهى لتوه من امتحان البكالوريا يرضخ لرغبة أمه بسبب الضغط العاطفي الذي تمارسه عليه. لكنه يساهم بالثورة عن طريق نقل المعلومات، كما يقول: «أتواصل كل يوم جمعة مع أكثر من صديق، ينتشرون في عدة مظاهرات تخرج في أنحاء مختلفة من البلاد، أحصل على أعداد المتظاهرين وكلمات الشعارات التي ترفع، وفي حال حدوث قمع من قبل الأمن والشبيحة، أحاول معرفة أسماء الضحايا من قتلى وجرحى». ويرفض طارق الذي تحول يوم الجمعة عنده إلى ورشة عمل، ذكر اسم الناشطة الحقوقية التي يتواصل معها ويزودها بالمعلومات التي يحصل عليها من أصدقائه، ويؤكد أن نشاطه يتركز على «توتير» و«فيس بوك».

يُذكر أن المظاهرات في سوريا، التي تنادي بإسقاط النظام وتطالب بالحرية والديمقراطية، لم تعد تخرج يوم الجمعة فقط؛ حيث ينظم أهالي دير الزور وحماه وبعض مناطق ريف دمشق اعتصامات مسائية يتوافد إليها الآلاف من سكان هذه المدن، بشكل يومي.