دراسة علمية تكشف تدني إدراك المعلم السعودي لأهمية التجديد المعرفي والتقني في التربية والتعليم

ذهبت إلى وجود العديد من الاتجاهات السلبية في العملية التعليمية

يوجدالعديد من السلبيات في العملية التعليمية
TT

خلصت دراسة علمية محكمة صدرت حديثا في العاصمة السعودية الرياض إلى تقديم جملة من الانتقادات لما يعانيه المعلم السعودي في مراحل التعليم العام بالبلاد، ومواجهته لمجالي التجديد المعرفي والتقني في ضوء تحديات العولمة، وأكدت الدراسة على وجود العديد من الاتجاهات السلبية في مدى إدراك المعلم لتلك المتغيرات والمستجدات في التربية والتعليم.

فيما أظهرت نتائج الدراسة أهمية رفع مستوى وعي المعلم السعودي بالمتغيرات والمستجدات في التربية والتعليم، في ضوء تحديات العولمة للرفع من مستوى مخرجات التعليم، موضحة أن السبيل لذلك يتم من خلال الدور المهم للمعلم في نشاط التربية والتعليم.

وكانت الدراسة التي قام بها الباحث خالد بن صقر الدندني، والصادرة عن كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض لنيل درجة الماجستير عام 2011، تطرقت إلى أن غالبية المبحوثين، الذين شملتهم عينة البحث، يرون أن محتويات المناهج لا تتفق مع ثورة المعلومات المحيطة بالطلاب، مما عدتها الدراسة واحدة من أهم مشكلات التجديد المعرفي التي يواجهها المعلم السعودي.

وبين الباحث الدندني في دراسته أن ضعف قدرات المتعلم «الطالب» على التواصل والتفكير والمناقشة، هو نتيجة تدني استخدامه لأدوات التقنية الحديثة، وأن طرق التدريس الحالية التقليدية تحد من رفع المستوى المعرفي للطلاب، وبالتالي يحد ذلك الأسلوب من دور المعلم في مجال التقدم الثقافي للطلاب.

فيما ذهبت الدراسة إلى أن ضعف الحوافز والدوافع لدى المعلمين نحو تطوير مهاراتهم تجاه استخدام أدوات التقنية في التعليم، تمثل مشكلة لدى المعلم السعودي في ضوء تحديات العولمة الحالية، كما أن غياب الربط الشبكي التقني بين أجزاء وفصول المدرسة ومرافقها المختلفة يعد عقبة أمام المعلم والطالب في مواجهة التجديد المعرفي والتقني.

وكشفت نتائج الدراسة التحليلية عن تدني عدد الحصص الدراسية المخصصة لتعليم الحاسب الآلي، وما يرتبط به من تطبيقات تعليمية، وقلة توفر برامج تعليمية ذات صلة بالحاسب الآلي للطلاب، بالإضافة إلى ضعف الإمكانات المادية المتاحة لاستخدام وسائل تقنية حديثة في نشاط التعليم مع ضعف الاهتمام بتوفير الكتب الإلكترونية للمناهج الدراسية.

وأرجعت الدراسة قلة استخدام وسائل المعرفة المختلفة كالإنترنت بسبب ضعف البنية التحتية لها في النشاط التعليمي في العديد من المدارس، استنادا إلى آراء غالبية المبحوثين، يضاف لذلك عدم توافر تشريعات ملزمة لاستخدام وسائل التقنية الحديثة لتصبح جزءا من الممارسة التعليمية اليومية في المدارس.

وأظهرت الدراسة جانبا من تدني دور المعلم في القيام بتوجيه الطلاب نحو أهمية التفاعل والانفتاح المعرفي لرفع مستوى التفكير الإبداعي لديهم، وقلة وجود مناقشات بناءة بين المعلمين نحو التوجه للرفع من مستوى أداء المعلم باستخدام أدوات التقنية الحديثة.

وكذلك كشفت الدراسة عما تصفه بأنه تدني رغبة المعلم في توجيه الطلاب نحو سلبيات وإيجابيات مصادر المعلومات المتاحة والمواقع الخاصة بها عبر شبكات الحاسب الآلي، مضافا لها تدني مستوى حرصه على تقديم المقترحات والأفكار، لرفع مستوى مخرجات التعليم، بما يتفق مع التطوير التقني والمعرفي الحديث.

وبينت الدراسة أن الدافع لدى المعلم السعودي لمواكبة التجديد التقني والمعرفي في مجال التربية والتعليم يأتي من خلال الدافع الذاتي للمعلم، وذلك من خلال سعي المعلم السعودي لتطوير مهاراته الاتصالية باستخدام التقنيات الحديثة، وكذلك إدراكه الشخصي لأهمية مواكبة نشاطه التعليمي للمتغيرات والمستجدات في التعليم.

ولمحت إلى اتفاق آراء غالبية المبحوثين حول المقترحات التي تسهم في الحد من المشكلات التي يواجهها المعلم السعودي، في مجالي التجديد المعرفي والتقني، والتي منها تنمية الوعي لدى المعلم بأن مهنة التعليم لها قواعد وتتطلب امتلاك كفايات معرفية ومهنية وإنسانية، وتنمية مهارات التعليم الذاتي للطلاب ليكونوا أكثر قدرة على التواصل مع مصادر المعلومات وفهمها.

يضاف إلى ذلك إجماع المبحوثين على تطوير أداء المعلم ليتوافق مع التطور الطبيعي لوعي المجتمع ومؤسساته التربوية والتعليمية، ودعوتهم إلى عقد ورش عمل مكثفة للمعلمين تمكنهم من استخدام الحاسب الآلي وتوظيفه في العملية التربوية.

وزاد المبحوثون بالتأكيد على تنمية وعي المعلم بأهمية الشفافية في التعامل مع ثقافات الطلاب والتوفيق بينهم، معتبرين أن رفع مستوى المعلم المهاري يؤدي للرفع من كفاءة مخرجات التعليم، فيما أكدت الدارسة على مقترح الاطلاع على الجديد في باب المعرفة والوسائل والتقنيات المصاحبة لها لرفع كفاءة أداء المعلم، يضاف إلى ذلك إدخال العولمة ومفاهيمها الإيجابية في المناهج التعليمية، كي لا يعيش المعلم والطالب في حالة اغتراب عن الواقع.

إلى ذلك، خلصت الدراسة لمجموعة من التوصيات الخاصة، والتي جاءت في إطار النتائج التي تم التوصل إليها، وكان من أبرزها إقامة الدورات التدريبية المنتظمة وورش العمل؛ لرفع مستوى وعي المعلم السعودي بالمتغيرات والمستجدات في التربية والتعليم في ضوء تحديات العولمة للرفع من مستوى مخرجات التعليم.

وأوصت الدراسة بالعمل على تطوير المناهج لتتفق مع ثورة المعلومات المحيطة بالطلاب؛ لمواجهة التجديد المعرفي في ضوء تحديات العولمة، وكذلك تطوير واقع العمل المدرسي الحالي لإحداث التغيير المطلوب؛ لرفع المستوى التحصيلي المعرفي لطلاب، من خلال توفر معلومات وحقائق لتنمية شخصية الطلاب لتمكينهم من التكيف مع نمط الحياة المتطور، ولتعزيز دور المعلم في هذا المجال لمواكبة المتغيرات والمستجدات في نشاط التربية والتعليم.

ودعت التوصيات إلى تطوير طرق التدريس الحالية التقليدية، بهدف رفع المستوى المعرفي للطلاب لمواجهة التجديد المعرفي التي يواجهها المعلم، والبعد عن أسلوب التلقين والحفظ الذي يحد من دور المعلم في مجال التقدم الثقافي للطلاب.

وأكدت توصيات الدراسة على تطوير البنية التحتية باستخدام أدوات التقنية الحديثة، وتوفير الربط الشبكي التقني بين أجزاء وفصول المدرسة ومرافقها المختلفة، ذلك أن الواقع الحالي يعد مشكلة مهمة لدى المعلمين السعوديين مما يحد من أداء أدوارهم بكفاءة، بالإضافة إلى تفعيل دور المعلم في تطوير البرنامج والخطة الدراسية، لانعكاس ذلك إيجابيا على تطوير القدرات المعرفية وأساليب التعليم للطلاب.

وأوصى الباحث في دراسته بزيادة عدد الحصص الدراسية المخصصة لتعليم الحاسب الآلي، وما يرتبط به من تطبيقات تعليمية، وتوفير برامج تعليمية ذات صلة بالحاسب الآلي للطلاب.

فيما حث الباحث في توصيات دراسته المعلم على أهمية التعامل مع استفسارات الطلاب ومناقشاتهم حول إشكاليات المعلومات لديهم بأسلوب الإقناع والفهم الصحيح، والعمل على توجيه الطلاب نحو سلبيات وإيجابيات مصادر المعلومات المتاحة، والمواقع الخاصة بها عبر شبكات الحاسب الآلي.

ودعت الدراسة إلى العمل على إدخال العولمة ومفاهيمها الإيجابية في المناهج التعليمية، كي لا يعيش المعلم والطالب في حالة اغتراب عن الواقع المعاش، مؤكدة على أن الاطلاع على الجديد في باب المعرفة والوسائل والتقنيات المصاحبة لها يسهم في رفع كفاءة أداء المعلم.

فيما اعتبرت الدراسة أن الاستفادة من التدفق المعلوماتي المستمر عبر وسائل الاتصال، لرفع مستوى العملية التعليمية، مع تثقيف الطلاب في كيفية أخذ المعلومات وطرق التأكد من مصادرها. وكانت توصيات الدراسة أشارت إلى أهمية العمل على إصدار التشريعات والأنظمة واللوائح الملزمة لاستخدام وسائل التقنية الحديثة، لتصبح جزءا من الممارسة التعليمية اليومية في المدارس، بالإضافة إلى إجراء المزيد من البحوث والدراسات حول مشكلات مخرجات التعليم في المجتمع المحلي في ضوء تحديات العولمة، من ناحية مدى توافر وكفاءة البنية التحتية التقنية، ومعوقات استخدام أدوات التقنية في التعليم والربط التقني المعلوماتي لكافة أطراف النشاط التعليمي، خاصة بين المدرسة وأولياء الأمور وداخل كافة المرفق التعليمي.

يشار إلى أن دراسة واقع المعلم في المجتمع السعودي، والتعرف على أهم المشكلات التي تواجهه، في المجالين المعرفي والتقني في ظل تحديات العولمة، تشكل مطلبا مهما لتعزيز دور المعلم وتطوير أدائه، ليواكب مستجدات العصر، والرفع من مستوى المخرجات التعليمية في المجتمع السعودي، وتبرز أهمية الدراسة أهمية الموضوع الذي تناقشه، والذي يعد توجها حديثا في ميدان البحث العلمي لدراسة ظاهرة العولمة وعلاقتها بالتربية والتعليم من خلال الدور المتعلق بالمعلم العنصر الرئيس في العملية التعليمية، مما يتطلب إعادة النظر في الأسس والأهداف والأساليب التربوية المتعلقة بدور المعلم وتأهيله وتحقيق التنمية المهنية المستديمة للمعلم لتتواكب مع التغيرات والمعطيات التي فرضتها العولمة في الواقع المعاصر.

وتكمن الأهمية العملية للدراسة، في الاستجابة للتطورات والمستجدات المتلاحقة في عالم اليوم من قبل مختلف الهيئات والمؤسسات داخل المجتمع، وفي كونها محاولة لكشف واقع المشكلات التي تواجه المعلم السعودي، في المجالين المعرفي والتقني في واقع التعليم المعاصر، كنتاج لتحديات عصر العولمة التي تواجه نشاط التربية والتعليم، الأمر الذي قد يساعد القائمين على إعداد المعلم وتدريبه في إدراك هذه المشكلات لتطوير نشاط المعلم، ليواكب متغيرات ومتطلبات عصر العولمة.